- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
من الذاكرة الرمضانية الكربلائية ...الجزء السابع
حسن كاظم الفتال
(تَنُّور الزهرة ) وفضله الرمضاني
لعل أبرز الموجودات في السفرة الرمضانية خبز اللحم وخبز السمسم وخبز الشكر كذلك و( الحنونات ) ووجود هذا النوع من الخبز غالبا ما ينحصر في هذا الشهر إضافة إلى (خبز المي ) وخبز المي هو الخبز العادي والذي نسميه اليوم خبز أبيض إذ أن الخبز الأسمر كثر انتشاره في هذه الفترة أو ما يطلق عليه تسمية خبز الشعير . لعل تنور الطين كان من ابرز مستلزمات البيوت وربات البيوت فقلما تجد بيتا يخلو من تنور الطين والحطب الذي يسجر فيه كما أن معظم ربات البيوت كنَّ من الخبازات الماهرات ومنهن من هي من المحترفات إذ أن الفتاة ما أن تتزوج وتدخل بيت زوجها وتصبح (چنة ) حتى تبدأ العمة على تدريبها وترويضها على الأعمال المنزلية ولعل من أهمها وأبرزها ( الخبز ) تتقن ( الچنة ) الحرفة من عمتها وتكون حرفة رئيسة لها . فإما أن تجهز كل شيء إبتداءً من نخل وغربلة الطحين وعجنه وخبزه بعد إيقاد التنور وإما أن تكون العملية مشتركة بينها وبين العمة أو أي إمرأة أو فتاة موجودة في البيت فواحدة تتكلف بالغربلة بالمنخل والعجن وأخرى تتكلف عملية الخَبَز فبعد أن تهيئ العجين ويكون مختمرا بشكل جيد وتقطعه إلى فرزدقات ـ جمع فرزدقة أو فسقات ـ وتسمى ( شنگ ) مفردها ( شنگه) تحتفظ ربة البيت بإحدى ( شنگ العجين ) لتصبح خميرة لعجين يوم غد إذ لم تكن تستخدم الخمرة كثيرا قبل أن تنتشر انتشارا واسعا فكان استخدام هذه ( الشنگ) أو قليل من الصودة أي السودة. ثم تقوم بتكسير وتحضير الحطب ورميه في التنور وإيقاده وتنتظر حتى يتحول إلى جمر ذي لهب وكذلك يتحول لون باطن التنور من الأسود إلى ابيض ليكون جاهزا للصق الخبز به فتقوم بمسحه بواسطة إما قطعة قماش خشنة الملمس كقطعة مقتطعة من بطانية قديمة أو قطعه من أكياس الطحين أو أكياس السكر ( گونية ) وتسمى ( اللواشة) تبلل هذه القطعة وتلفها الخبازة على كفها لتتقي حرارة التنور وتديرها على باطن التنور لمسحه من الدخان أو ما تبقى من فاضل خبز الأمس فيكون التنور جاهزا لوضع أقراص رغيف الخبز وتستمر العملية حتى ينتهي الـ( إشْجار) ( والإشْجار) هو يعني إيقاد الحطب واستمرار العملية حتى تخمد النار وتتحول إلى رماد . وتبدأ بإيقاده مرة أخرى وطبعا يكون عدد الإشْجارات بقدر ما تستخدم ربة البيت وبقدر ما تستهلكه العائلة .وأحيانا تحاول الخبازة أن تختصر بعدد الإشجارات وعمل أكثر عدد من أرغفة الخبز وكلما كانت الخبازة نادرة وشاطرة كلما كان الإختصار بالوقت وجودة الخبز لذا تقول النسوان : يا نادرة خبزچ على الرد ++ ومن ريحة التنور ورد وللأطفال هم الآخرون حصة في إشجار الخبز حيث تصنع الأم الحنونة . والحنونة هي عبارة عن رغيف صغير جدا ربع أو ثلث الحجم الحقيقي لحجم الرغيف العادي . بما أن التنور يعد عنصرا مهما من العناصر التي تساعد على ديمومة الحياة . إذ أنه مصنع الخبز والخبز يرتبط ارتباطا مباشرا بديمومة حياة الإنسان فهو إذاً أصبح ضرورة من ضرورات الحياة يقدسه الإنسان .وأما مكانته عند النساء فله منزلة ومكانة خاصة ومضاعفة ودرجة عالية من القداسة والتقديس. لذا سمته النساء ( تنور الزهرة ) والمقصود بالزهرة الصديقة الطاهرة فاطمة الزهراء عليها السلام ولأنها كانت تستخدمه وتخبز الخبز بنفسها لذا كان القَسَم بالتنور يمثل درجة عالية من المصداقية لقول ما تقول المرأة التي تقسم بتنور الزهرة. مما يجعل بعض النساء تتردد أو تمتنع من أن تؤدي قسمها بالتنور إلا إذا كانت في غاية التأكد من مصداقية قولها ويمينها. والمرأة التي تضطر أو تُجْبَر على أن تحلف كذبا بالتنور فتراها ترتجف أثناء وبعد ذلك , ولابد لها أن تعود في وقتٍ آخر لتعتذر من تنور الزهرة ومن الزهراء عليها السلام نفسها لتبرئ ذمتها وترضي ضميرها وتتخلص من تأنيبه لها . فتأتي وتقفز على التنور . أو تضرب بيدها على فوهته ـ ( حلگه ) ـ . ولأن التنور مقدس وله حرمة فيمنع منعا باتا إقتراب أي ما يعتقد بأنه نجس كذلك لا ترمى به النفايات وهو غالبا ما يكون مغطى لكي لا يتسرب إليه أي شيء خصوصا القطط أو الفئران أو حتى بعض الحشرات إلى اللقاء مع الجزء الثامن
أقرأ ايضاً
- عودة في الذاكرة.. ماذا فعلنا بعد الديكتاتورية؟
- حذف السابع من اكتوبر من التاريخ
- الفرق بين البند السابع والبند السادس لمجلس الامن واثر ذلك على الحدود بين العراق والكويت