- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
قُمنا باعداد الطاولة .. فلنترك للكاظمي مهمة تنظيفها
بقلم: بركات علي حمودي
لو نظرنا جيداً لتجربتين من تجارب الثورات العربية بعدما حرق البوعزيزي نفسه في تونس وعلى اثره اندلعت ثورات الربيع العربي، لوجدنا امامنا خيارين لا ثالث لهما بمُخرجات هذه الثورات، فأما ان ينتهي النظام نهاية دموية كما حصل مع القذافي، او ينتهي النظام بنفي اختياري او اجباري كما حدث مع مبارك.
و هنا فلنقارن بين التجربتين اعلاه ..
فالنظام الليبي مع قتل القذافي سقط باكمله واصبحت دولة بلا مؤسسات امنية، ابتداءاً من الجيش وانتهاءاً بشرطي المرور، بالضبط كما حدث معنا في 2003 عندما هدّم (بريمر) كل المؤسسات العسكرية واعتبرها اجهزة قمعية لغاية في نفس (العم سام).
وبالعودة الى ليبيا، فأن هذه الدولة الصحراوية الغنيةُ بالنفط والمتشعبة الاهواء والمتخاصمة القبائل، تعيش حالة من الفوضى العارمة بسبب هدم الدولة (عاليها سافلها) فقد اصبحت الدولة دولتين، وكل دولة منهما تحكمها مراكز قوى متعددة ولكل نظام من هذه القوى تـقف ورائها قوى خارجية متخاصمة فيما بينها، جاعلةً ليبيا الغنيةُ بالنفط ساحة صراع و هما (تركيا والسعودية) قُطبي صراع الشرق الاوسط إضافةً لايران.
اما مصر، فبخروج حسني مبارك واختيارة المنفى الاختياري داخل مصر، فَلَم تُهدم الدولة ولم تُهدم المؤسسات وفعلاً حدثت انتخابات فاز بها الاخوان المسلمون قبل ان يثور الشعب مُجدداً ليُسقط النظام وايضاً ببقاء مؤسسات الدولة ومن ثم انتخابات فاز بها (السيسي)، و هذه امامكم مصر دولة مُستقرة برغم مشاكلها الاقتصادية والاجتماعية.
هذه النُبذة المختصرة عن تجربتين تُعطينا درساً بأن اسقاط اي نظام بمؤسساته الكاملة فيه مضرةً اكثر من منفعه بل هي كارثة لن نتخلص من تبعاتها ربما لعشرات السنين بوجود فوضى السلاح وتشتت مذاهبنا وقومياتنا واختلافنا حتى داخل المذهب الواحد.
و لهذا، فلابُد ان يكون تفكيرنا منطقياً حول استمرار التظاهرات وقضية التصعيد فيها، خصوصاً ان اخذنا بنظر الاعتبار ان الكاظمي نفسه قد كتب بمناهجه الوزاري بنداً الزم به نفسه وهو ( الاحتجاج عامل تقويم للاداء الحكومي ) اي انه يعترف بالمظاهرات و داعم و حامي لها.
فلماذا اذاً نتجه للتصعيد و يقوم بعضنا بضرب الجنود المرابطين على جسر الجمهورية مثلاً ؟
واذا كان الاغلب الاعم من المتظاهرين مع اعطاء فرصة للكاظمي للعمل واصلاح النظام من خلال اطلاعنا على اراء المتظاهرين في وسائل التواصل الاجتماعي، فمن اذاً الذي صّعد الاحتجاج بطريقة فيها عنف واضح بعد شهور من الهدوء برغم بقاء عبد المهدي في وقتها ومماطلة احزاب السلطة ؟؟ ‼️
اذاً .. الامر فيه شكوك بكل الاحوال، وان كانت هذه الشكوك ليست بمحلها وكان فعلاً ما يحدث هو تصّعيد من المتظاهرين انفسهم فهذا يستدعي المراجعة ويستدعي تدخل العقلاء وكبار القوم من المتظاهرين لايقاف ما يحدث من خرق على مُقتربات جسر الجمهورية لا نرضاها ولا نتمنى معها سقوط قطرة دم واحدة من اي طرف كان، و هنا لا بد من الاشارة الى ان الكاظمي بصفته رئيساً لجهاز المخابرات فأنه يعلم جيداً ان كانت هذه التحركات الجديدة والتصعيدية (سياسية او عفوية) لانه يعرف بشكل واضح ان من (رفع يده في البرلمان مصوّتاً له، يحمل في يده الثانية سكيناً لطعنه في الظهر لاسقاطه) و ربما افضل طريقة لاسقاط الرجل هي الاحتجاجات ذاتها التي اتت به لسُدة الحُكم !
و في النهاية علينا ان نختار، اما ان نُسقط النظام باكمله وعندها لا نعرف ماذا سيحصل من مستقبل ومن سيدخل على خط هذا المستقبل ومن سيقتل من في فوضى الفراغ الدستوري و الامني، او ان نُصحح العملية السياسية عبر دعمنا لعمل الكاظمي واعطاءه فرصة للقضاء على الفساد واخذ حق الشهداء ومحاسبة القتلة، واعادة هيكلة المؤسسات الامنية و العسكرية وحصر السلاح بيد الدولة، وكل ما يحتاجه الكاظمي منا هو (التفويض الشعبي) بخروجنا جميعاً بعد انتهاء ازمة كورونا ولنقول له بصوت واحد (اعددنا الطاولة لك بدماء شهدائنا، فنظفها من الفاسدين والقتلة وسيسجل التاريخ لك ذلك، او ان تكون كسابقيك في سلةً واحدة، يقيناً انك تعرفها جيداً وعندها سيلعنك التاريخ والشعب كما لعنهم سابقاً، لك الامر، اما ان تكون اول رئيساً في حقبة جديدة، او آخر رئيس في حقبة بائسة.
أقرأ ايضاً
- الرزق الحلال... آثاره بركاته خيراته
- نتائج التسريبات.. في الفضائيات قبل التحقيقات!
- القرآن وأوعية القلوب.. الشباب أنموذجاً