- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
بين بغداد و كردستان لعبة أم مساومة !
بقلم: سمير داود حنوش
لماذا تُثار قضية رواتب موظفي إقليم كردستان في هذا الوقت بالتحديد؟ علماً انها قضية ليست وليدة الحاضر بل هي مشكلة يتم التلويح بها عند إقرار أية موازنة للعراق منذ عام ٢٠٠٣ ولغاية كتابة هذه السطور، ولماذا يتم تسليط الأضواء على قضية رواتب موظفي الإقليم في هذا الوقت الحرج من تاريخ العراق وهو يعاني (مصائب) سياسية وإقتصادية وصحية.
أسئلة كثيرة باتت تطرح نفسها دون أن تكون ذات جدوى لأنها ببساطة أصبحت أجوبتها غير ذات أهمية للسائل.
إقليم كردستان منذ سنوات يُصدّر النفط من كركوك دون حسيب أو رقيب وبعلم الحكومات الحالية والسابقة، أما بالنسبة لإيرادات المنافذ الحدودية والتي كان من المفترض وضع آلية عمل جديدة في زمن حكومة حيدر العبادي السابقة خصوصاً بعد فشل الإستفتاء على إنفصال إقليم كردستان عن المركز حيث تم وضع شروط تنظيمية لعمل المنافذ الحدودية وكيفية التنسيق في تسليم الإيرادات إلى المركز والاتفاق على قضية الملف النفطي بين بغداد والإقليم، كما إندرج ضمن الأتفاق العمل المشترك في إدارة مطارات الإقليم حيث تم كل هذا الإتفاق في زمن حكومة الدكتور حيدر العبادي، لكن يبدو أن حكومة عادل عبد المهدي قد أعادت كل شيء إلى مكانه وأصبحت هذه الإتفاقية مجرد حبر على ورق وهو ما يعزز تأكيدنا بأن الحكومات الحالية والسابقة كانت على علم بما يُصدّره أو يُهربه الإقليم لذلك فهي مُشتركة مع الإقليم في جريمة تبديد المال العام والتهريب أو كما يقولون "إن كنت لاتدري فتلك مصيبة وإن كنت تدري فالمصيبة أعظم".
هي لعبة القط والفأر أصبحت بين المركز والإقليم لا تتعدى كونها لعبة ساذجة ومملة يلعبها لاعبين فاشلين بالسياسة لا يهمهم سوى إشغال هذا الشعب عن مشاكله ومصائبه لأنها لاتعدو عند الكثيرين سوى ورقة مساومة تُفرض على الطرف الكوردي للقبول بأنصاف الحلول التي ترضي جميع الأطراف دون التمسك بسقف عالي للمطالب .
أما من جهة أخرى فأن دهاء السياسي الكردي الذي بات يُدرك أن سعر برميل النفط المصدّر عبر أنابيبه لا يعادل سعر برميل ماء لذلك أيقن بأن يضع الملف النفطي بين يديّ بغداد (ويرتاح من دوخة إنخفاض أسعار النفط) والمفارقة الغريبة أنه لو حصل العكس وإرتفعت أسعار النفط لما وجدت بغداد من يصغي إليها من حكومة الإقليم بل لرأيت العناد وصم الآذان وعدم المبالاة من قبل الكرد.
فصول المسرحية ستنتهي نهاية تراجيدية حيث ستدفع بغداد في النهاية رواتب موظفي الإقليم وسيستمر الإقليم في تصدير نفطه أو تهريبه (لافرق) وسيظل المشاهد يترقب مسرحية جديدة أبطالها سياسيون أو ممثلون فاشلون وحكايات من زمن العراق العجيب.