بقلم: عبود مزهر الكرخي
من خلال تتبع الاحداث المتسارعة لثورة اكتوبر السلمية نلاحظ تسارع الاحداث من خلال كل جمعة والتي تزداد وتيرتها مع خطب المرجعية والتي كانت الداعم والمساند الرئيسي للتظاهرات السلمية للشباب بحيث تأتي الخطبة الأخيرة لتشكل علامة فارقة ومميزة فيما أكدت على أمور مهمة ومصيرية فهي في البدء كانت ومازالت تؤكد على الدفاع عن المتظاهرين والكف عن استخدام العنف وإدانة الاعتداء على المتظاهرين السلميين بالقتل أو الجرح أو الخطف أو الترهيب أو غير ذلك، وأيضاً إدانة الاعتداء على القوات الأمنية والمنشآت الحكومية والممتلكات الخاصة. ويجب ملاحقة ومحاسبة كل من تورّط في شيء من هذه الاعمال ـ المحرّمة شرعاً والمخالفة للقانون ـ وفق الاجراءات القضائية ولا يجوز التساهل في ذلك. والامر الثاني المهم هو شرعية الحكومة وانها تستمد هذه الشرعية من الشعب لتؤكد مقولة وتقولها للحكومة ان الشعب مصدر السلطات ليأتي بعد ذلك بالمطالبة بإجراء انتخابات نزيهة وعادلة وبأشراف مفوضية مستقلة غير خاضعة للمحاصصة والفساد ولتقول وبالحرف الواحد(ومن هنا فإنّ من الأهمية بمكان الإسراع في إقرار قانون منصف للانتخابات يعيد ثقة المواطنين بالعملية الانتخابية ولا يتحيز للأحزاب والتيارات السياسية، ويمنح فرصة حقيقية لتغيير القوى التي حكمت البلد خلال السنوات الماضية اذا أراد الشعب تغييرها واستبدالها بوجوه جديدة. إنّ إقرار قانون لا يمنح مثل هذه الفرصة للناخبين لن يكون مقبولاً ولا جدوى منه. كما يتعين إقرار قانون جديد للمفوضية التي يعهد اليها بالإشراف على إجراء الانتخابات، بحيث يوثق بحيادها ومهنيتها وتحظى بالمصداقية والقبول الشعبي). وهذا يعني ان كل من الحكم هم اصبحوا منبوذين ولا يريدهم الشعب والدعوة الى انتخابات مبكرة تماشياً مع مطالب المتظاهرين والشعب العادلة وهذا يؤشر ان المرجعية تطالب بإجراء الانتخابات المبكرة وسن قانون انتخابي منصف يلغي كل قانون الانتخابات القديم والمجحف. والنقطة المهمة الاخرى هي انه بالرغم من مضي شهرين ومطالبات المتظاهرين والمرجعية والتي بح صوتها من كثرة هذه المطالبات فان محاسبة الفاسدين وسراق المال العام من الحيتان الفساد الكبيرة لم يتم وانما الحال باقي على حاله ومطالبات الاصلاح لا تجد اي اذن مسموعة من قبل الحكومة سوى اطلاق الوعود الزائفة والتسويف والمماطلة بالرغم (من الدماء الزكية التي سالت من مئات الشهداء وآلاف الجرحى والمصابين في هذا الطريق المشرِّف، إلا انه لم يتحقق الى اليوم على أرض الواقع من مطالب المحتجين ما يستحق الاهتمام به، ولا سيما في مجال ملاحقة كبار الفاسدين واسترجاع الاموال المنهوبة منهم والغاء الامتيازات المجحفة الممنوحة لفئات معينة على حساب سائر الشعب والابتعاد عن المحاصصة والمحسوبيات في تولي الدرجات الخاصة ونحوها، وهذا مما يثير الشكوك في مدى قدرة أو جدية القوى السياسية الحاكمة في تنفيذ مطالب المتظاهرين حتى في حدودها الدنيا، وهو ليس في صالح بناء الثقة بتحقق شيء من الاصلاح الحقيقي على أيديهم). وهذه هي أهم اشارة في عجز الحكومة من فعل أي شيء وان ارادة هذه الحكومة الضعيفة هي بيد جهات اخرى خارجية وداخلية والذي اصبح الشعب العراقي يعرف كل تلك الجهات وبالأسماء.
ومن هنا خرجت التظاهرات السلمية المطالبة بالإصلاح والتغيير والتي اعادت للعراق وجهه الحضاري المشرق بعد ان قدم التضحيات والارواح والدماء العزيزة والغالية على كل عراقي لأنه لم يجد غير هذا الطريق للمطالبة بمحاربة الفساد والقيام بالإصلاح والتغيير والذي قام شبابنا الواعد وجيل يفتخر به كل عراقي شريف في انه يريد ان يبني عراق جديد وحياة كريمة للأجيال القادمة والذي سوف تفتخر الأجيال القادمة بهذا الجيل الشبابي الذي كان وطنياً بكل معنى الكلمة ولم ترهبه كل ادوات القمع والقتل والعنف في المطالبة بحقوقه العادلة في رفض الظلم ومهادنة الباطل ليعلّم كل العالم ويعطي الدروس ان العراق هو بلد الحضارات وهو يعلم كيف تؤخذ الحقوق من الظالمين والفاسدين مهما بلغت ادوات العنف والاجرام قوتها ولكنها تكسرت على صدور هذا الجيل من الشباب ليشاركهم في هذا النصر الزاهي والبرّاق كل الشعب العراقي والذي مهما حاولت اجهزة الحكم والسلطات التسويف والمماطلة فان التغيير والحساب قادم لامحالة وهذا ما أكدته المرجعية في بيانها والذي يؤشر تنبيه وجرس إنذار أخير(باعتقادي المتواضع) في ضرورة الاستعداد لهذا الامر الخطير لأنها هذه تمثل اللحظات الاخيرة وليس الفرصة الاخيرة كما يقال لتؤكد المرجعية في بيانها الاخير (واذا كان من بيدهم السلطة يظنون أنّ بإمكانهم التهرب من استحقاقات الإصلاح الحقيقي بالتسويف والمماطلة فإنهم واهمون، إذ لن يكون ما بعد هذه الاحتجاجات كما كان قبلها في كل الأحوال، فليتنبهوا الى ذلك). ونقول سوف ينطبق عليكم المثل(ولات حين مندم) و عندها سيعلم الذين ظلموا اي منقلب ينقلبون.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أقرأ ايضاً
- القرآن وأوعية القلوب.. الشباب أنموذجاً
- مراقبة المكالمات في الأجهزة النقالة بين حماية الأمن الشخصي والضرورة الإجرائية - الجزء الأول
- الأولويّةُ للمواطنِ وليسَت للحاكم