- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
خصوصية الحديث عن المراقد المزيفة
سامي جواد كاظم
هنالك بعض التخبط والارتباك عند الحديث عن المراقد والمقامات المزيفة وهو حديث شائك لربما يخدش عاطفة او يشفي غليل حاقد ولان الاسس الثابتة لاعتبار صحة او عدم صحة المرقد هي اصلا فيها ثغرة، والامر المؤسف فان البعض تارة يطعن بالشخصية الحقيقية واخر يتمسك بالوهمية المزيفة.
الحديث عن المراقد المزيفة له خصوصية وخصوصية برجال التاريخ المتخصصين بالسيرة والتراجم تحديدا وبشرط ان لا يدخل في حديثهم من هو ليس باختصاص.
مسالة زيارة المراقد هي مسالة تخص صاحب المرقد اساسا وليس لها علاقة بالبناء او الضريح او الصحن وما شابه ذلك بل للشخصية المنسوب اليها المقام وهذا امر مفروغ منه، اما ان اختلق مزارا لشخصية لا وجود لها اصلا فهذا المزار هو المزيف ويخص رجال التاريخ لان عوام الناس تتمسك بكل رجل صالح له مكانة دينية بين المجتمع.
ان الاسباب الذي دعتني للتطرق لهذه المسالة هي اولا: عند قراءتي لبعض الكتب الخاصة بهذا المجال فرايت البعض من الكتاب يدعي التزييف لمزار معين بسبب اختلاف الاسم او لربما ان شخصية المزار ليس هذا مكان دفنها، وهذه المسالة لا تستحق ان يقال عنها مزيفة بل توهم ولكن الغاية ان اصل الشخصية المقصودة موجودة هنا او هناك.
الثاني: وانا اكتب عن مرقد زينب عليها السلام وجدت الاختلاف في الراي مع محاولة كل طرف اثبات صحة رايه وبالنتيجة يبقى البحث مبتور فلا دليل على ان هنالك مجاعة حدثت بالمدينة جعلت زينب عليها السلام الرحيل الى الشام وتوفيت فيها، وفي نفس الوقت لا دليل على ان زينب ألَبت المسلمين في المدينة خلال ثلاثة اشهر ضد يزيد وطلب منها مغادرة المدينة فاختارت مصر وهذا ادعاء السيد يحيى العبيدلي لوحده في كتابه الزينبات والذي هو مليء بالثغرات والتوهمات فلا يمكن الركون له للتوثيق، ولكن بالنتيجة هنالك مرقدان عامران في مصر والشام باسمها، والمؤسف هو الطعن بالشيعة الامامية لهذا السبب ويتهمونهم بعبادة القبور، وهنا اقول لو كان هنالك قبر لهند ام معاوية قبالة ضريح زينب ويوضع فيه من الفن المعماري والزخارف الاسلامية والضريح المنحوت ماهو اثمن واجمل من الضريح الموجود على قبر زينب عليها السلام فهل يعتقد الطاعنون بان الشيعة سيتركون زيارة مقام السيدة ويلجاون الى مقام هند ؟ هنا تكمن المسالة فالمهم لدى الشيعة الشخصية التي لها مكانة مميزة عند الله عز وجل.
ثالثا: نسال هذا السؤال، لماذا اصر المامون على ان يجعل قبر الامام الرضا عليه السلام ملاصق لقبر هارون العباسي ؟ الا يؤكد هذا على ان القبر دليل قلوب المحبين لصاحب القبر والمبغضين للشخصية المبغوضة، ها هي الشام التي لم تحتفظ باي قبر اموي للدولة الاموية من مؤسسها وحتى اخر خلفائها على عكس قبور ال البيت عليهم السلام واتباع ال البيت.
نحن لا ننكر ان هنالك قبور ليس لها وجود اصلا وهذه المسالة تبحث تاريخيا عندما يؤثر هذا القبر على حدث تاريخي مهم اما اذا كان عابر ويذكر اسم الله في هذا المقام دون خلق اكاذيب عن صاحب المقام فهذا لا باس به.
ولو ان القبر لا تاثير له فلماذا اصر الصحابة على ان يكون قبر الخليفتين بجوار قبر الرسول صلى الله عليه واله، ولماذا منع الامام الحسن عليه السلام من ان يدفن بجوار جده فانها قبور لا تاثير لها
هنالك مقامات لاشخاص غير الذين ينسب لهم القبر ولهم كرامات ومكانة مرموقة وهذه المقامات ليس بحاجة للالغاء بل للتصحيح الاسم
الامر الاخير ان الرحالة لا يعتبرون دليل تاريخ بل شاهد على تاريخ فالرحالة يكتبون ما يرون وما يسمعون من الناس وليس في مجال البحث عن صحة ما راوا فالكثير منهم ذكر مشاهد راها باسم واحد وفي مكانين مختلفين مثلا ابن طولون قال عن زينب في مصر وفي الشام. فالرحالة يكون الشاهد للمؤرخ الذي يبحث عن معلم يذكره الرحالة في رحلته ليؤكد وجوده في تلك السنة أي سنة الرحلة.
أقرأ ايضاً
- الآثار المترتبة على العنف الاسري
- فازت إسرائيل بقتل حسن نصر الله وأنتصرت الطائفية عند العرب
- التعويض عن التوقيف.. خطوة نحو تطور التشريع الإجرائي