- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
عادل وأربعون باب للفساد.. هل سيغلقها؟
علي فضل الله الزبيدي
أربعون فقرة كانت من أوليات السيد عادل عبد المهدي، للبدأ بعملية مكافحة
الفساد، والتي ستكون منطلقا" بإعلان الحرب الحقيقية على الفساد المالي
والإداري، فيبدو إن إعلانه تشكيل المجلس الأعلى لمكافحة الفساد، لم يكن
على سبيل المزاح والهزل والتسويف، بل إشارة واضحة للمضي في طريق تصحيح
مسار عمل الحكومة العراقية، بما أعترها من ضعف وهشاشة في عظمها الإداري،
نتيجة ضعف فيتامين الرادع القانوني والشرعي والأخلاقي، فالحصانة السياسية
جعلت المسؤول الحكومي، بعيدا" عن سلطة القضاء، وفي أحيان كثيرة أعلى من
سلطة القانون نفسها.
الملاحظ إن المجلس الأعلى لمكافحة الفساد جوبه بعدم المقبولية من قبل
الطبقة السياسية وحتى العديد من المختصين والمراقبين لأداء الحكومة
العراقية، بحجة أنه يمثل حلقة مفرغة وزائدة تضاف للترهل الحكومي، وهذا
الأفتراض حقيقةً مبني على عنصرين هما:
الأول_ مرتبط بتخوف الأحزاب السياسية، من مدى جدية السيد عبد المهدي،
بتفعيل الدور الرقابي على مؤسسات الدولة، التي أصبحت دكاكين للأحزاب
السياسية، وهذا الإجراء سوف يسهم في كشف ملفات فساد كبيرة وكثيرة، كانت
محصنة سابقا"، وذلك ما يقلق كثير من الساسة، فيحاولوا تشويه أسباب وجود
هكذا منظومة رقابية، بإدعائهم عدم فائدة المجلس الأعلى لمكافحة الفساد.
الثاني_ تولد شعور وإنطباع أولي لدى النخبة والمختصين، على إن مشكلة
محاربة الفساد، مرهونة بمدى جدية الطبقة السياسية وإرادتها الحقيقية،
وهذا العنصر كان غائب من الحكومات السابقة، وعليه فلا فائدة من هذا
التشكيل الجديد(المجلس الأعلى لمكافحة الفساد) وهذا الإفتراض مبني على
أداء الحكومات السابقة، وهذا القياس غير منصف، لإن الإرادة لم تكن حاضرة
لدى الحكومات السابقة لتحجيم الفساد، وبالتالي لا يمكن إسقاط هذا
الأفتراض على حكومة السيد عبد المهدي.
وأعتقد خطوة السيد عبد المهدي، تختلف عن الإجراءات الحكومية السابقة،
وكأنه تحول من الإسلوب الدفاعي، إلى الطريقة الهجومية، وفق مبدأ
الإستراتيجية الوقائية، وقوام هذه الإسترتيجية يرتكز على الضربات
المباغتة ومهاجمة مواطن الفساد وشخوصه.
السؤال هل سينجح السيد رئيس مجلس الوزراء ومجلسه في هذه المهمة؟ أعتقد إن
النجاح يحتاج إلى ألية وأدوات، فأما الألية فلا بد من تنسيق الجهود
والعمل، بين السلطات الثلاثة التشريعية والتنفيذية والقضائية، فصلاحيات
الحكومة وحسب الدستور موزعة بين تلك السلطات، ولكي تتكامل الرؤى في
موضوعة مكافحة الفساد، فلا بد أن تكون الإرادة حاضرة لدى الجميع، من خلال
التشاور والتباحث ووضع سقوف زمنية للتشخيص والمعالجة، فترك الأمور بدون
سقوف زمنية سوف يسوف الغايات النبيلة، بالأضافة إن السقوف الزمنية تجبر
العاملين على الجد والمثابرة للوصول إلى الأهداف التي حددت مسبقا".
وأما الأدوات فلا تتناسب وحجم الفساد الكبير وهذا التحدي المصيري، عليه
وجب وجود تشريعات جديدة متينة وحازمة وشديدة، فالقديم منها ثبت أنه لا
يجاري سيل الفساد الجارف، وهنا تبرز مسؤولية السلطة التشريعية، بإيجاد
قوانين جديدة أو تعديل القوانين السابقة كقانون العقوبات رقم(111) لسنة
1969 وقانون الإثبات رقم (107)لسنة 1979 وقوانين أخرى تحتاج للمراجعة
والتعديل،وإلغاء بعض القوانين كقانون المفتشيين العموميين والنزاهة التي
(زادت الطين بلة)، أو إيجاد قوانين مستحدثة تخدم الواقع العراقي، كما
وإن سرعة الإجراءات الإدارية والقضائية لا بد تكون سريعة ودقيقة، فالقضاء
يعتمد على قوة الدفوع المقدمة من مؤسسات السلطة التنفيذية بإتجاه كل
المتلاعبين بالمال العام، والمستغلين للمناصب الوظيفية، لذلك الجلسة
الأولى للفصل التشريعي الثاني كانت معدة لإيجاد الأليات والأدوات لمكافحة
الفساد وأخيرا" أن الشعب يراقب وقد ضاق ذرعا" بحجم الفساد والمفسدين، فلا
تستهينوا بردة فعله الغاضبة، وأعلموا (إن الله يعلم خائنة وما تخفي
الصدور).
أقرأ ايضاً
- إدمان المخدرات من أسباب التفريق القضائي للضرر
- القرآن وأوعية القلوب.. الشباب أنموذجاً
- هل ماتت العروبه لديهم !!!