- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
من وارسو الى زاهدان ...تبادل الرسائل بين واشنطن وطهران !
بقلم: نجاح محمد علي
لم تتأخر طهران كثيراً في الرد على رسالة مؤتمر وارسو لها التي فسرتها بالتفجير الارهابي الذي وقع في مدينة زاهدان السنية البلوشية مركز محافطة سيستان بلوشستان وأوقع عشرات الضحايا ونددت به مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي فيدريكا موغريني، فقد سارع الرئيس الايراني حسن روحاني وبشكل لافت بعد يوم واحد من الاجتماع الذي يؤكد نافذون في المعارضة الايرانية المستقلة في الخارج يمثلها (أميد دانا) في برنامجه اليومي المتلفز الذي يبث من السويد أنه ولد ميتاً، الى تدشين أول سيارة كهربائية إيرانية الصنع بدلاً من الذهاب الى زاهدان لتقديم التعازي وإعلان التضامن مع عوائل الضحايا، وليعلن بصوت عال أن دخول ايران ضمن الدول المنتجة للسيارات الصديقة للبيئة، هو أبلغ رد على ماسماه الايرانيون وأصدقاؤهم "فقاعة وارسو".
وحتى قبل أن تقلل طهران من أهمية اجتماع وارسو فان المعارضة الايرانية في الخارج أقرت بفشل المؤتمر وفشلها والدول التي تقف خلفه في تحشيد مؤيدين له من الايرانيين في الخارج، ويقولون إن أنصار رضا بهلوي نجل الشاه المخلوع على سبيل المثال، عجزوا عن تنظيم مظاهرة أمام قاعة المؤتمر في الخارج، وقد أظهرت الصور المتلفزة التي بثتها قنوات تلفزيونية بالفارسية وتدعمها أو تمولها واشنطن وتل أبيب والرياض أن عدد المعارضين من أنصار عودة الأسرة البهلوية الذين تجمعوا في وارسو لم يتجاوز المئة كانوا يطلقون شعارات يرفضها المجتمع الايراني جملة وتفصيلا مثل (لا غزه لا لبنان لا إسلام لا قرآن كلهم فداء لإيران).
وقد تكرر قبل مؤتمر وارسو رفع شعار (لا اسلام لا قرآن.. كلاهما فداء لايران) أثناء بث قناة تلفزيونية مشهورة مقرها لندن مقابلة على الهواء مع نجل الشاه الراحل الذي تحدث عن حلمه بالعودة الى ايران لقيادة نظام جديد يقوم على أنقاض نظام الجمهورية الاسلامية الذي (ينهار) على حد قوله.
وأثار تبني الشعار المذكور من قبل قناة Manoto tv حفيظة الكثير من المعارضين حتى أولئك الذين يطالبون بفصل الدين عن الدولة مشيرين الى أن المجتمع الايراني في معظمه مسلم محافظ ولايمكن أن يقبل بسحق الدين والقرآن والاساءة لهما ولباقي الشرائع السماوية المعترف بها في الدستور الايراني.
ويعتقد متابعون أن مايسمونه بتطرف نجل الشاه المخلوع في طريقة التعامل مع الايرانيين في الخارج على وجه التحديد ودعوته مؤخراً الى تطهير القنوات الفضائية التي تبث بالفارسي من الاصلاحيين وأنصارهم وكان يشير تحديداً الى قناة BBC فارسي وقناة iran international، ودعوة أنصاره المستمرة الى تطهير ايران من طبقة رجال الدين، مايرى فيه كثيرون دعوة الى الديكتاتورية والتفرد والإقصاء والحرب الأهلية.
وربما يفسر الفشل في تنظيم مظاهرة كبرى للمعارضة الايرانية لتأييد مؤتمر وارسو، فشل المؤتمر نفسه الذي كانت واشنطن وتل أبيب والرياض تبشر به ليكون رسالة جدية عن عزم هذه العواصم تحديداً على نقل المعركة مع الجمهورية الاسلامية الى الداخل وبالتالي تحريك الايرانيين للقيام بإضطرابات واحتجاجات تصل الى حد الثورة على النظام لتغييره.
ايران كلها في الشارع
وبينما عجزت المعارضة المدعومة من واشنطن وحليفاتها عن تنظيم مظاهرة موحدة في الخارج تدعم مؤتمر وارسو وترسل إشارات عن انطلاق ثورة ايران العكسية في ذكرى انتصار الثورة الاسلامية عام 1979، خرجت ايران كلها الى الشارع لإحياء هذه الذكرى في كافة المحافظات بكل القوميات والمذهبيات إذ برزت مشاركة أهل السنّة في سيستان بلوشستان والعرب في خوزستان رغم الحرمان الذي تعيشه مدن الاقليمين وخصوصاً البلوش الذين استهدفهم الاعتداء الاٍرهابي الأخير وأدانته الأمم المتحدة الى جانب الاتحاد الاوروبي ووجهت طهران أصابع الاتهام فيه الى السعودية والولايات المتحدة واسرائيل.
ولد ميتاً
وقبل عقده فقد هاجم وزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف مؤتمر وارسو وقال في تغريده له على "تويتر": "تستعد إيران وروسيا وتركيا لعقد مؤتمر سوشي بشأن سوريا، وتؤكد محكمة العدل أحقيتها في نظر دعوى طهران ضد سرقة الولايات المتحدة لأموال الشعب الإيراني، تسعى واشنطن للتحايل على عدم احترامها للقوانين وعزلتها عبر عقد تمثيلية وارسو".
وربط ظريف بين تنظيم مؤتمر وراسو واستهداف حافلة للحرس الثوري في محافظة سيستان بلوشستان جنوب شرقي البلاد، واعتبر أن التزامن بين الحدثين ليس صدفة.
وهاجم الوزير الإيراني الولايات المتحدة المُنظِمة للمؤتمر قائلاً في تغريدة أخرى عبر “تويتر” يبدو أنها تكرر الخطأ نفسه، وتتوقع الحصول على نتائج مختلفة.
توعد بالانتقام
وتوعد المسؤولون الايرانيون ومنهم الرئيس حسن روحاني و نائبه إسحاق جهانغيري بالانتقام من منفذي الاعتداء، مؤكدين أن هذا العمل سيدفع إيران لشن “معركة لا هوادة فيها ضد الإرهاب”.
فيما وجّه الإعلام الإيراني أصابع الاتهام عن الهجوم لجماعة تتبع للقاعدة معروفة باسم "جيش العدل" والتي تبنته رسمياً وندد به بشكل لافت كل أئمة الجمعة وعلماء الدين السنّة وأيضاً ناشطون ومعارضون بلوش رأوا أن هذا العمل الاٍرهابي يضر بوحدة وسيادة ايران وبمطالب القوميات غير الفارسية بحقوقها المشروعة التي أقرها الدستور.
ترامب
وسربت طهران أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أرسل مؤخراً عرضاً عبر وسطاء لزيارتها ولقاء الرئيس حسن روحاني والمرشد الأعلى آية الله سيد علي خامنئي الذي قال الأربعاء، إنه "لا يمكن تصور حل أي مشكلة مع أمريكا"، وأن "التفاوض معها سيعود علينا بالضرر المادي والمعنوي".
وفي بيان صدر عنه بمناسبة الذكرى الأربعين لانتصار الثورة الإسلامية، قال خامنئي إن بلاده تواجه اليوم تحدياً سببه "تواجد إيران المقتدرة على حدود الكيان الصهيوني وإنهاء النفوذ غير الشرعي لأمريكا في منطقة غرب آسيا، ودعم الجمهورية الإسلامية لكفاح المجاهدين الفلسطينيين في قلب الأراضي المحتلة، والدفاع عن الراية الخفاقة لحزب الله والمقاومة في كل هذه المنطقة".
وسبق هذا الموقف تصريح أطلقه الرئيس روحاني روحاني لمح فيه الى عرض ترامب قائلاً: طهران مستعدة لقبول “توبة” واشنطن بغرض إقامة “علاقات ودية” اذا اعتذرت عن تدخلاتها السابقة في ايران.
العراق
لم يحضر العراق مؤتمر وارسو الذي فشلت واشنطن في ضم الدول الأوروبية إليه، وكانت إشارات المرجع الديني السيد علي السيستاني لدى لقائه "جينين هينيس بلاسخارت" الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة ورئيسة بعثتها في العراق،حول حفظ سيادة العراق ورفض استخدام أراضيه منصة لإيذاء دول الجوار في إشارة الى إيران، كافية لتضع الحكومة العراقية مسافة بين بغداد وواشنطن في وارسو خصوصاً بعد التشجيع الذي حصل عليه رئيس الوزراء عادل عبد المهدي من الدول الثلاث بريطانيا وفرنسا وألمانيا ومن موغريني كي يرفض الالتزام العقوبات الأمريكية على إيران.
وعزز غياب عدد من الدول الأوروبية عن الموتمر وتخفيض دول أخرى مستوى حضورها موقف العراق الحائر هذه الأيام في خضم الجدل حول بقاء القوات الأمريكية التي يعول عليها مؤتمر وارسو في معركة احتواء نفوذ ايران.
أقرأ ايضاً
- نتائج التسريبات.. في الفضائيات قبل التحقيقات!
- القنوات المضللة!!
- ما هو الأثر الوضعي في أكل لقمة الحرام؟!