- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
عن القلق ، و عدم القلق ، بصدد مصير الناتج المحلي الاجمالي في العراق
حجم النص
بقلم: د. عماد عبداللطيف سالم لن ينتابني القلقُ أبداً على الناتج المحلّي الاجمالي في العراق. فهذا الناتج (الآن) هو مجموع السلع والخدمات التي قامت بـ "انتاجها" كائناتُ البحر العظيم، الذي كان يغطّي أرضنا القديمة (من أسماك و رخويّات و سلاحف وأعشاب.. وأشجار وديناصورات غارقة) خلال المدّة من 1000000 سنة قبل الميلاد (على أقلّ تقدير)، ولغاية تاريخ المباشرة بحفر أوّل بئر نفط في العراق (30حزيران1927). لن ينتابني القلقُ أبداً على هذا "الـناتج" العراقيّ.. "العصاميّ" جدّاً. فما تزالُ تلك الكائناتُ البحريّةُ (غير الريعيّة) المُدهشةِ، تُعيلُني و ترعاني الى هذه اللحظة "المُباركة" من عُمر التاريخ.. ولا فضلَ لأحدٍ غيرها عليّ. إنّ ما يقلقني، فقط، هو عدم قدرتي على الحفاظ على حصّتي من إرثِ سُلالتي المنقوعةِ بالنفط. هذا الإرث الذي تحاصرهُ "الحيتان" الرماديّة من كلّ جانب، كما تُحاصِرُ قطيعاً من "السردين الريعيّ". إرث أجدادنا الأسماك، الذين اعتقدوا أنّ "الورثة" لن يتنكّروا للجميل، حتّى لو اصبحوا حيتاناً بمرور الوقت. إرثُ جدّاتنا السمكات الطيّبات (بقلوبهنّ الصغيرة، كقلب سمكة)، اللاتي اعتقدنً أنّ الأحفاد سيُحافظونَ على ما تبقّى لهم من أسباب العيشِ، و سيكونون قادرين على استدامةِ نسلَهُنّ، وسلامةِ "بيوضهنّ".. في هذا "الوطن" الأحفوريّ، المُهدّد بالصيد الجائر. لن ينتابني القلق أبداً بصدد مصير الناتج المحلي الاجمالي في العراق. لأنّ قدرتي على القلق قد استُنفِدَت.. منذُ أن اصبح الناتج المحليّ الاجماليّ، غنيمةً سهلةً، لكلّ من هبّ و دَبّ، فوق بحر العراق اليابس.. في أرض السواد العظيم.