حجم النص
بقلم:عباس عبد الرزاق الصباغ النتائج المأساوية التي تتركها الأعمال الإرهابية من ضحايا بشرية ومادية وتخريب للبنى التحتية فهو يشمل ايضا كل مايتعلق بالإرهاب من حواضن داعمة لوجستيا وماديا، ومصادر حكومية ومخابراتية تقدم الدعم التكتيكي والإعلامي والفتوائي والتسليحي وغير ذلك من تسهيلات وإمكانات تصب جميعها في مصب واحد وهو الإجرام والتوحش والتدمير . فالاستقراء المنطقي لأي عملية إرهابية وفي أي مكان وزمان يؤكد أن تلك العملية مهما كان حجمها وتأثيرها لم تاتِ مصادفةً لوحدها من دون ذيول وشبكات وخلايا يقظة او (نائمة) وحواضن ومن دون قنوات إعلامية تبث الفكر التسقيطي والتكفيري المسموم والمستند دائما على قواعد الفكر السياسي المتطرف والفقه الوهابي المبني على سياسة التكفير وإلغاء الآخر واجتثاث كل مخالف له ومصادرة حقه في الحياة. وحسنا فعلت الولايات المتحدة الأمريكية حين شرعت قانون جاستا JASTA (العدالة ضد رعاة الإرهاب) الذي أُقر من قبل مجلس الشيوخ الأمريكي في مايو من العام 2016 المنصرم فاختصرت بذلك الطريق والجهود، بجهود الضغوطات الناجحة من ذوي ضحايا 11 سبتمبر والتي أدت الى أن يرى هذا القانون الحيوي النور بوجوب إنصافهم وتعويضهم والقصاص من الجهات التي ساهمت في تلك المأساة ومازالت تساهم في مآسٍ أخرى حول العالم،وكان السبب الرئيس الذي دعا المشرِّع الأمريكي الى تشريع هذا القانون كون التقارير الأولية لأحداث 11 سبتمبر كشفت عن أن (15) سعوديا كانوا ضمن الطاقم الإرهابي المسبب لهذه الأحداث من جهة، ومن جهة اخرى تفاقمُ العمليات الإرهابية التي ضربت عقر الولايات المتحدة نفسها فيما بعد فضلا عن التلميح باستمرار أعمال إرهابية اخرى مستقبلية في الولايات المتحدة وأوربا التي استشرت فيها تلك الأعمال إذ من خلال الفترة من سبتمبر 2014 شن تنظيم "داعش العشرات من الهجمات الارهابية في الغرب، واحتلت أوروبا القسم الأكبر منها بعدد 22 حادثاً، و6 حوادث إرهابية في أمريكا الشمالية، وحادثتان في أستراليا، بحسب صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية سبقتها تفجيرات لندن ومدريد وغيرها ، والتي باتت جميع القرائن والدلائل تشير الى تورط مرتكبيها وحواضنهم وخلاياهم النائمة بالعلاقة التنظيمية والعضوية الوثيقة بتنظيم داعش الإرهابي، والذي مافتئ يعلن مسؤولياته عن تلك الجرائم والطرف المتهم في كل الأحوال هي المملكة العربية السعودية تلحق بها دويلة قطر كراعيتين داعمتين أساسيتين للإرهاب في الشرق الأوسط وعموم العالم لوجستيا وماليا وإعلاميا وفتوائيا وتسليحيا واستخباراتيا وهما راعيتا الفكر الوهابي الاقصائي والقروسطي المتوحش والذي تستند إليه فصائل تنظيم الدولة "الاسلامية" وذئابها في جميع ممارساتهم الوحشية. لذا يتحتم على الأسرة الدولية إن أرادت أن تنأى بشعوبها عن خطر الإرهاب عليها أن تضع يدها على "الجرح" ولاتظل عاكفة على تقوية أجهزتها الأمنية والاستخبارية فقط لاحتواء وامتصاص الهجمات الإرهابية في حالة حدوثها ـ كالعاجز الذي يتلقى الصفعات تلو الصفعات ـ والتي ستبقى وتستمر وتقضُّ مضجع الناس الآمنين حتى في الدول التي تتمتع بأجهزة أمنية متطورة وإمكانات استباقية عالية تقنيا، وكل ذلك لاينفع وان بشيء بسيط للغاية مالم يتكاتف المجتمع الدولي ويتضامن لوضع رؤية أممية إستراتيجية شاملة وذلك بتشخيص البؤرة (السعودية وقطر) التي تشكل المصدر الذي ينطلق منه الإرهاب العالمي وإدانتها واتخاذ إجراءات عملية وقانونية بعيدا عن لغة المصالح التي تربط بعض هذه الدول مع هاتين الدولتين لاسيما في المجال النفطي والاستثمارات المالية الضخمة وخاصة الولايات المتحدة وبريطانيا العظمى، فعلى بعض هذه الدول إن أرادت سلامة أمنها القومي وامن مواطنيها أن تتنازل ولو مرحليا عن بعض مصالحها وشراهتها للمال فالأمن يأتي أولا وريثما تنتهي الدول المتضررة من الإرهاب بشكل مباشر أو غير مباشر ـ كالعراق وسوريا على مستوى الشرق الأوسط وفرنسا على مستوى أوربا والولايات المتحدة على مستوى الأمريكيتين ـ من إعداد مشروع قانون أممي يكون أشبه بقانون (جاستا) الأمريكي الذي يفترض أن يشجع بقية الدول على أن تحذو حذو الولايات المتحدة ، فان كان مشروع قانون جاستا الأمريكي ذا خصوصية قانونية محلية تتعلق بأحداث 11 سبتمبر فقط وإنصاف ذوي الضحايا وتعويضهم فان هنالك أعدادا لايمكن حصرها من الضحايا وفي كل مكان ينتظر ذووهم الإنصاف والتعويض إذ يكفي ماجرى في العراق وسوريا واليمن وليبيا من أحداث إرهابية كانت بصمة العربية السعودية فيها واضحة وتركت آثارا مأساوية جدا لتكون أدلة مادية ووثائقية ملموسة يمكن أن تقدمها هذه الدول لمجلس الأمن ليصوغ أي قرار مشابه لجاستا الأمريكي ووضع اليد على الأصول المالية المتراكمة في البنوك العالمية وتجميدها فالأدلة المادية التي تثبت تورط السعودية بالإرهاب كفيلة بوضع هذه الدولة تحت وصاية البند السابع من ميثاق الأمم المتحدة والخاص بتهديد السلم الدولي من قبل دولة ما، فتكفي الأدلة المادية التي يتركها مقاتلو داعش دليلا لإدانتها وبقوة . الإرهاب التكفيري لايقل خطورة وتوحشا عن الإرهاب النازي فيحب أن تتعولم رؤية العالم اجمع في مواجهة خطر الإرهاب وقبل فوات الأوان وعدم الوقوف للتفرج على الحرائق التي يشعلها الإرهاب من دون وضع اليد على مسببه وداعمه مهما كان، أو الاكتفاء بالنتائج التي تحققها القوات الأمنية العراقية واعتبار العراق وحده خط الصد الأول للإرهاب فالمسؤولية يجب أن تكون تضامنية ومشتركة ولا تقع على عاتق دولة واحدة فقط تعاني من منظومة أزمات قاسية من جملتها الأزمة المادية الطاحنة التي تضربها فمسؤولية المجتمع الدولي تجاه العراق هي اكبر من البيانات التضامنية التي تطرحها بعض الدول تجاه العراق وهو يخوض اكبر معركة من هذا النوع في التاريخ ونيابة عن كل العالم،فعلى المجتمع الدولي أن لايترك العراق لوحده في الخندق . كاتب عراقي
أقرأ ايضاً
- المسرحيات التي تؤدى في وطننا العربي
- وللبزاز مغزله في نسج حرير القوافي البارقات
- الرزق الحلال... آثاره بركاته خيراته