- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
مرة أخرى يرافق الإمام الحسين عليه السلام السائرين إليه
حجم النص
بقلم:حسن كاظم الفتال عقيلة بني هاشم، عقلية الطالبيين سيدة الحزن المبجل. الصديقة الصغرى الحوراء زينب عليها السلام صانعة الإباء، مانحة الصبر مجده، التي هي في مثل هذه الأيام تقطع المسافات الطويلة. ويحدو بها الأعداء من بلد إلى بلد. قاصدة مرقد أخيها الذي تركته محزوز الرأس من القفا متوسدا رمضاء كربلاء مرملا بدمه الزكي المقدس الطاهر. تقدم زينب عليها السلام إلى كربلاء لذا: ها هي كربلاء يحين موعد تدبجها ولا ديباجة لها سوى آهات وحسرات تملأ قلوب المتوشحين بالسواد من الوافدين إليها كربلاء.. تبدو بأبهى زهو وأجل ازدهار وأقدس إشراق حين يكسوها أهلوها جلابيبَ السواد المبجل. تلك الجلابيب التي تكش العتمة عن الأحداق فتحاط المحاجر بوهج حسيني يجعل بصرها حديدا. وتحجب الدرن والزيغ من اختراق الأفئدة كربلاء..تتوشح بها القلوب قبل المعالم الأخرى فيمتزج فيها الحزن والأسى بالقداسة والعظمة. فيكون ذلك التوشح مدرعة يحجب اختراق الزيغ والدرن للأفئدة تحتضن كربلاء المقدسة أرواحا تشيِّد حشودا وأمواجا بشرية تتماوج في تدفقها وتتهافت أفئدتها ثم تترامى لتسجد على أعتاب مرابع عاشوراء فتتعفرَ بشذى أريج دماء ريحانة رسول الله صلى الله عليه وآله . وتتهاوى وهي تسجل العهود والمواثيق. وما أن تلامس نظراتُها وهج بريق الضريح المقدس حتى تحظى بتصديق مواثيقها. مُشاة تنزع أقدامُهم أوقيتَها من أجل أن تتمرغ بذرات رمل اغتسلت بزهو القداسة وتلامسَ عنفوانَ العظمة. عسى أن تنال ما ترجو من مراد.وما مرادها إلا اقتفاءُ أثر أقدس قربان سار على هذه الأرض الطيبة المقدسة. تمتد الأكف مبسوطة نحو السماء ليس لأنها مستعدة لتلقف ما ينثال من السماء إليها. بل لتُريَ السماءَ الأرواحَ المرتمية على هذه الأكف وهي تبدي استعدادها لأن تقدم هذه الأرواح والنفوس والقلوب قرابينَ لأعظم قربان قدمه رسول الله صلى الله عليه وآله ليصونَ دينَ الله من طعنات سيوف تجرد من أغمدة الحقد والضغينة. قلوب ترتل ابتهالات الولاء فتنتظم بذلك نبضاتُها موسم العطاء تسير الأفواج البشرية تاركة خلفها كل ما ملكت غيرَ أبهة حتى وإن ذهب كل ما ملكت إلى الفناء وصار هباءً منثورا تخاصم كل المصالح الدنيوية وكلما يرتبط بها أو يجذب المرء إليها. وتعلن براءتها وتخليها عن كل الماديات وعن كل الحقوق إلا عن القيم والمبادئ والمثل العليا التي جسدها سيد الشهداء الإمام الحسين عليه السلام بنهضته المباركة وعطرها بدمه الطاهر المقدس. لتحتشد تلك القيم والمبادئ في الضمائر وتتسربلَ إلى الأرواح فتوقد جذوةَ المناصرة وترقى بسموها إلى ذرى الولاء وتسمو لكي لا يضاهيها علو ولا يساويها أي ثمن مهما علا وغلا بنفاسته. أربعينية الإمام الحسين صلوات الله عليه موسم ليس كمثله موسم. تحتكم فيه وإليه النفوس وتتحاكم فتتجلى النفس اللوامة. وتنسلخ الأبدان من كل نفس أمارة بالسوء يقارع اللوم كل الشهوات واللذات وينتصر الذات وتكون الغلبة للعقل الباطن المنتصر للحق والحق فحسب. الكل يطلق العنان لروحة لتتسلل دون استئذان إلى الطرقات المزدحمة بكل تواشيح الولاء والحب الحسيني العظيم. روح ترغب في أن تستقل بذاتها وتتجرد من عبودية النزوات وتنازع الشوق للمنافع. وتتجرد من كل أنا فلا حكم أو تحكم لمنصب ولا سطوة ولا أمر لوجاهة ولا سلطة لملكية ولا لكل ما يشابه ذلك أو يتعلق به. لا حكم إلا لجاذبية جوهر الإنتماء للعقيدة ولب انتهاج النهج الحسيني العظيم وأداء الشعائر الحسينية بكل أشكلها وأنماطها وألوانها ورفد هذه الشعائر فطوبى لكل من يقف على شرفات الترجي للسعادة ويمد ذراعا تلوح توقا للاشتراك بخدمة هذه الحشود آملا أن يحظى بالشرف الرفيع وينال الفوز العظيم وهو الموعود حقا بذلك وسوف يجاب وذلك الفوز العظيم ويا سعد كلِ من شمر عن ساعديه ليخدم هذه الجموع التي ما خدمتها إلا خدمة الإمام الحسين صلوات الله عليه. فطوبى لكم خدام كربلاء المقدسة وحسبكم هذا الفخر والشرف الرفيع.
أقرأ ايضاً
- ضرائب مقترحة تقلق العراقيين والتخوف من سرقة قرن أخرى
- الرسول الاعظم(صل الله عليه وآله وسلم) ما بين الاستشهاد والولادة / 2
- الرسول الاعظم(صل الله عليه وآله وسلم) ما بين الاستشهاد والولادة