حجم النص
قراءة: حسين النعمة يأتي كتاب (فقه الاسرة) ضمن الجهود المشكورة لسماحة الشيخ فاضل الصفار الذي تنوعت اطروحاته الفقهية في ميادين شتى لها صلة وثيقة بواقع الانسان وملامسته لحياته وهمومه مؤصلا ذلك من رحم الشريعة المقدسة. ومما لا شك فيه ما سيجد القارئ الكريم لكتابه (فقه الاسرة) الواقع في 557 صفحة أنه يسهم في اثراء المكتبة الفقهية اذ يقدم نموذجا يتطلع عليه كل مسلما ينشد الحياة الكريمة والاسرة الفاضلة، كما يمثل أطروحة تحاكي الشأن الإنساني، وترسخ في نفس المسلم قناعة محكمة لاستيعاب الشريعة الإسلامية ولكافة متطلبات الحياة، وتقديمها الحلول لمشاكل الإنسان المختلفة، ذلك ان هذه الأطروحة القيمة تنوعت تفاصيلها وتعدت لكل الميادين ذات الصلة الوثيقة بواقع الإنسان، وملامسة لحياته وهمومه، مؤصلاً ذلك من رحم الشريعة. الكتاب الذي يتضمن خمسة أبواب، وكل باب منها تشتمل على مجموعة فصول، ولكل فصل جملة مباحث، وجميع تفاصيل ذلك موضحة في فهرسه، قد توصل بحسب الخاتمة بعد بحث مستفيض الى ان للإسلام تشريعا متكاملا للأسرة يمتاز عن غيره من التشريعات الدينية والقانونية بجملة من الميزات جعلته ارقى تشريع يضمن للأسرة التوازن في الحقوق والواجبات ويزع العدالة في الادوار والمهام، ويتجلى في الفي جملة من النتائج استنتجها المؤلف من مطاوي النصوص الشرعية في الكتاب والسنة وكلمات الفقهاء في هذا البحث منها: أن تشريع الاسلام للأسرة وافق بين حاجات الانسان الغريزية وحاجاته الاجتماعية فلم يسلط الغريزة على الانسان لتبيح كرامته، وتجعل منه حيوانا في صورة انسان كما صنعته القوانين الوضعية الحديثة، كما لم يكتبه ويحظر عليه الالتذاذ بنعمة الغريزة وسكونه النفسي الى الجنس الاخر كما صنعته بعض الاديان حيث دعت الى الرهبنة وشجعت الشبان الى العزلة.. أنما وازن بين الامرين بتشريع نظام الاسرة ودعا الانسان الى معايشة هذا النظام. ونتيجة ثانية أن الاسلام ساوى بين الرجل والمرأة في القيمة الانسانية ووازن بينهما في الحقوق والواجبات، فالرجل لكونه رجلا ليس افضل من المرأة لأن لكونها امرأة، بل خما سواء في الحقوق والواجبات داخل الاسرة وخارجها، واختلافهما ناتج من اختلاف المسؤوليات وادوارهما، فهي مخاطبة بالدين كما الرجل تماما. وثالث النتائج أن القوامة التي نص عليها قوله تعالى: {الرجال قوامون على النساء}، تثبت للرجل شيئا من السلطة من المرأة في الحقوق الزوجية وهي سلكة يبنها الباحث ناشئة من امرين، الاول: ارادة المرأة واختيارها، لأنها اختارت الدخول في عش الزوجية وتكوين الاسرة. والثاني بتبادل الادوار بين الزوجين فان الزوج مسؤول عن الزوجة واسرته في اكثر مهامها وشؤنها، وهنا حقيقة توصل القارئ اليها أن المرأة حرة في افعالها واختياراتها اذا كانت في الاطار المشروع. ورابع النتائج ما اجتهدت الشريعة الاسلامية في اعطاء قوة قانونية تحمي الضعيف وتنتصر لحقوقه، ومن هنا وضعت التشريعات الاسلامية برامجا واحكاما تحدد لكل عضو في الاسرة ما له وما عليه، وتضع الضوابط لردع المعتدي في داخلها زوجا كان ام زوجة ابا كان ام ولدا وأما كانت أم بنتا لا فرق. وسيجد القارئ أن المؤلف أشار الى أن تعاليم الاسلام لا تقف للأسرة عند حد توعية اعضائها بذواتهم وتشريع القوانين الحامية لحقوق الانسان بل وجهتهم الى ضرورة التمسك بحقوقهم والمطالبة بها والدفاع عنها. ومما استعرضته صفحات الكتاب في باب الحقوق الزوجية مسألة التعسف ومعالجة الاسلام اليه بتشريعات دقيقة وعادلة تضمن الحق وتدفع الحيف وهي من نتائج البحث التي توصل اليها الباحث، ونتيجة اخرى تبين أن الشرع الحنيف الحاكم الشرعي ميزانا للحق ومأوى للمظلوم في اخذ حقه. ويشير الشيخ فاضل الصفار في النتيجة الثامنة من بحثه الى ان الاسلام كما وضع في الاسرة مسؤوليات خاصة بالزوجة ووضع مسؤوليات خاصة بالزوج جعل مسؤوليات مشتركة بينهما كمسؤولية الاولاد وذلك في ثلاثة انواع من المسؤوليات اولها في تكوين الاولاد وانجابهم جسديا والثانية في اعدادهم وتأهيلهم إنسانيا والثالثة مسؤوليات في تربيتهم وإعدادهم اخلاقيا. ومما يلاحظ في الكتاب مراعاة النظام التشريعي للإسلام المناهج العلمية في تكوين الاسرة المسلمة فأباح الانجاب الحاصل بالطرق والآلات الطبية اذا كان هنالك مانع من الحمل الطبيعي. فيما يشهد القارئ أن مسؤوليات رعاية الاسرة والقيام بخدمتها والحفاظ عليها لا تنحصر بالآباء بل ثمة مسؤوليات كبيرة ملقاة على عاتق الابناء تجاهها بشكل عام وتجاه الابوين بشكل خاص، فيما يشير المؤلف في خاتمته الى ان هنالك فراغا علميا في البحث الفقهي لموضع الاسرة يتكفل بشرح نظامها التشريعي والحقوقي بشكل مستقل، ويستوعب كل تفاصيلها والظاهر أن هذا الفراغ يلحظ في مصادر الفقه المختلفة للمذاهب الاسلامية وبالتالي فهو ليسي فراغا محدودا أو منحصرا بمذهب دون آخر، وفي عين الوقت يضع الخطوط التفصيلية لمعالجة المخاطر التي تهدد الاسرة إنسانيا وقضائيا ووضع الحلول الفقهية لها، ويأمل الباحث أن تكون محاولته في كتابه (فقه الاسرة) قد حققت هذا الهدف، وفتح للجامعة العلمية بابا جديدا للفقه كان غير مطروق الا نادرا.. أما العناوين الرئيسية لأبواب الكتاب الخمسة، والفصول الملحقة بها فقد جاءت وفق تسلسل محتويات الكتاب فهي: باب في أركان الأسرة، وباب في المنشأ الشرعي لتكوين الأسرة، وباب في الحقوق الزوجية، وباب في الخلافات الزوجية وطرق معالجتها، وباب في الآثار الإنسانية للأسرة وحقوق الأولاد.
أقرأ ايضاً
- يمكن أن يؤدي إلى العمى.. عدوى شائعة تلازمنا مدى الحياة قد تفتك بنا !
- تعرف على معدل نبضات القلب المهدد للحياة
- كلية الطب تكرم الطالبة زهراء خلف محمود لأكتشافها خطأ علميا" في كتاب "التشريح المرجعي المعتمد عالميا