- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
مازن والنعيرية وطيارة السوخوي!!
حجم النص
بقلم:فالح حسون الدراجي قبل عشرة أشهر تقريباً كان ابن صديقي الفتى الشجاع (مازن) يؤدي واجبه الوطني الباسل في التصدي لمجرمي داعش، وبقايا البعث المهزوم شمالي بابل.. ضمن منتسبي الفوج الرابع البطل.. وقبل أن أخوض في محنة الفتى مازن، اود أن أشير الى ان والده كان مناضلاً وطنياً تقدمياً صلباً، تعرض للإعتقال في سجون صدام مرات عديدة، وقد كان آخرها عام 1989، حيث ذهب الرجل ولم يعد حتى هذه اللحظة، لكن أهله عثروا على بقية من عظامه في إحدى المقابر الجماعية. وهنا لم يكن امام ولده البكر مازن، إلاَّ أن يتكفل بإعالة أمه وإخوته وأخواته، بعد أن باتوا بلا معيل، فهجر من أجلهم الدراسة، وغادر الملاعب، خصوصاً معشوقته كرة القدم.. ليشتغل عاملاً في البناء، وهو الفتى المدلل لدى أمه وأبيه.. لكن الفتى غير المحظوظ تعرض الى حادث خطير في العمل، تسبب بكسر يده كسراً مضاعفاً، فبات عمله في البناء بعد الكسر مستحيلاً.. فرق قلب خاله عليه، فأعطاه سيارته التاكسي ليعمل بها سائقاً، لكن خاله لم يبق على موقفه الداعم طويلاً، فباع السيارة، وتركه عاطلاً مرة أخرى.. وبالمقابل فقد كان مازن يطرق مختلف أبواب العمل دون جدوى.. ومما زاد الطين بلة، إن أصبح لمازن أسرة صغيرة مضافة لأسرته الكبيرة، بعد ان تزوج من فتاة أحبها في منطقته، فرزق منها ولدين، حمل أحدهما إسم أبيه المرحوم (عبد الستار). ما دفع أمه الى أن تبيع البيت الكبير الذي كان عامراً في الكرادة الشرقية، لتنحشر مع عائلتها الكبيرة في بيت صغير (بالنعيرية) في منطقة بغداد الجديدة.. كي تستعين بفرق سعر البيع والشراء في تدبير امور الأسرة الكبيرة.. حتى حصل موضوع داعش الأسود، وإحتلاله مدينة الموصل الحدباء.. فكان الفتى مازن أول المندفعين للتطوع في الجيش العراقي. كيف لا..! وهو إبن الشهيد البطل، وولد المناضل الوطني، لذا فقد كان قراره بالتطوع قراراً وطنياً خالصاً.. فبات أمره حاسماً لا نقاش فيه، خاصة وأن ظروفه الأسرة المادية قد تحسنت كثيراً، بعد أن منحتها مؤسسة الشهداء راتباً شهرياً جيداً، وإعانات، ومساعدات متنوعة ومتعددة، وللحق فهي مساعدات مهمة وكبيرة وكثيرة تقدمها المؤسسة لأسر الشهداء. ألتحق مازن بالجيش، وكان الفوج الرابع البطل موقعه الثاني، بعد أن بدأ خدمته في الفوج الأول.. ولم يمض على نقله الى الفوج الرابع شمالي بابل سوى شهرين، حتى جاءت طائرة السوخوي العراقية، لتقصف الفوج الرابع بالخطأ، فكانت الضربة موجعة، أستشهد على أثرها عدد من جنود الفوج الرابع، كما جرح عدد غير قليل منهم.. وطبعاً فقد كان مازن واحداً من هؤلاء الجرحى الذين تمزقت أجسادهم بشظايا الصاروخ الذي أطلقته المحروسة طائرة السوخوي. وبعد عدة عمليات جراحية تحسن وضعه الصحي، وغادر المستشفى ليكمل علاجه ونقاهته في البيت، حتى يشفى، ويعود للخدمة العسكرية مرة ثانية، حيث كان مازن مصراً على العودة اليها، رغم إلحاح امه وزوجته بعدم الذهاب الى الجيش مرة ثانية.. وقبل ان يلتحق بأيام، جاءت طائرة سوخوي أخرى، لتقصف بيت مازن في النعيرية بالخطأ أيضاً، وتمزق ما تبقى من جسده الممزق أصلاً.. حتى هذه اللحظة، لا أحد يعرف سر العلاقة بين طائرة السوخوي، وجسد مازن المسكين، الجسد الذي ادمن على (أخطاء) هذه الطائرة الروسية، وإعتاد على صواريخها.. أحد الأصدقاء همس في أذني قائلاً: - ومن الحب ما قتل!! قلت: لا أفهم!! قال: ستفهم حين تعرف أن أبا مازن رحمه الله كان شيوعياً!! فضحكت وقلت له: الله أكبر حتى بهاي ما مخلصين منكم الشيوعيين؟!