- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
أمير الحلو ..شجاع في زمن الخوف .
حجم النص
فلاح المشعل ضغوط شديدة عشتها في مجلة الف باء في تسعينات القرن الماضي، أولها الإنتماء لحزب البعث كان يريد فرضه علي (فايق الحديثي) مسؤول تنظيم وزارة الإعلام، إضافة الى ضابط من الأمن العامة يدعى (طالب أبو سارة) أزاحه عني الشاعر الشعبي فالح حسون الدراجي، صديقي آنذاك، إضافة الى شخص من المخابرات وسيم ذي عينين ملونتين كان يدعى (محمد). هؤلاء كانوا يدعوني اما الإنتماء للحزب أو لأحدى هاتين المؤسستين الأمنيتين، فأتخذت قرارا ً بترك العمل في الصحافة ولاأنتمي لأي من هذه الأجهزة القمعية، لكن قبل يجب أخبار رئيس تحرير الأستاذ أمير الحلو بكل ماحصل قبل ان اغادر. في ضيافة أمير الحلو ومكتبه الوفير الفسيح وروحه الفياضة بالوداعة والحنين وعبق سكائر السومر (سن طويل)،كنت احكي له بإنفعال عن تلك المضايقات ورفضي لها وقراري بترك العمل والبحث عن بديل..! ردني أمير بجدية وبعض الصرامة، لاأحد يستطيع ان يفرض عليك الإنتماء للحزب أو لأية جهة، أبق مستقل وأستمر بعملك، واذا عاودوا لك قل لهم رئيس التحرير لم ينتم للحزب أو للأمن أو المخابرات، وحين ألتقي هؤلاء سيكون لي كلام معهم. صدمني استاذ أمير بهذه المعلومة فصرت أتطلع لمعرفتها أكثر من اكتساب اسباب لخلاصي، قلت له ؛ استاذ كيف انت لم تنتم للحزب وتصل لهذه الدرجة..؟ فروى لي كيف أنه قدم استقالته حين جاء حزب البعث للسلطة وكان يشغل مدير إذاعة القوات المسلحة وكونه ينتمي للقوميين العرب، لكن النائب رئيس الجمهورية آنذاك صدام حسين تدخل ورفض والإستقالة وطلب منه ان يبقى في وظيفته ويستمر مستقلا حتى لحظة حديثه معي، هكذا قال وحرضني أن استمر مستقلا مؤمنا ً بقناعاتي..! حدث هذا في زمن الخوف والسمسرة السياسية،والعروض المجانية التي كان يقدمها بعض زملائنا متطوعين لخدمة المخابرات او الأمن أو الحزب. موقف آخر لن أنساه للسيد الفاضل أمير الحلو، كنت اذهب بإيفاد كل ثلاثة اشهر الى عمان، أتفقت مع الحلو على إدخال ظرف مختوم من الدائرة الصحفية في سفارة العراق في الإردن، يضم بعض الكتب السياسية الحديثة الممنوعة على ان أكتب على الظرف تعود لرئيس تحرير مجلة الف باء أمير الحلو، لأنها تحت هذا العنوان لاتفتح من قبل المخابرات كونها تحمل ختم السفارة...! دون تردد وافق مع طلب ان يقرأ هذه الكتب ايضا ً...، في السفارة كان أحدهم يساعدني بمغلفات كبيرة تحمل ختم السفارة، وكانت فرصة لأدخل صحف المعارضة وجريدة الزمان وكتب تدين الدكتاتور. تلك بعض مواقف الصحفي الوطني الكبير والشجاع المتفاني والجميل الودود أمير الحلو رحمه الله..كان أميرا ً للصحافة والجمال الأنساني.
أقرأ ايضاً
- الرزق الحلال... آثاره بركاته خيراته
- نتائج التسريبات.. في الفضائيات قبل التحقيقات!
- القرآن وأوعية القلوب.. الشباب أنموذجاً