حجم النص
بقلم:عبدالزهرة الطالقاني يميل غالبية الرجال إلى الزواج من نساء أصغر منهم سناً.. وأصبحت هذه الحالة عرفا اجتماعيا وليست مجرد رغبة ونزعة عابرة.. فعندما يرغب الأهل خطبة فتاة لإبنهم فانهم يلجؤون غالبا إلى اختيارها أصغر سناً منه.. وقد يتم اختيارها بعمر مساو له نادرا.. ولعل صغر عمر الفتيات ونضارتهن يدفعان الشباب إلى الاقتران بهن في مقتبل العمر، وقد يكون فارق السن قليلا او كثيرا، فيكون سنة أو سنتين , او قد يصل أحياناً إلى خمس سنوات ليمتد في بعض الزيجات إلى عشر سنوات او خمس عشرة سنة.. وهذا الفارق في السن يوفر دائما لكلا الجنسين فرصة مناسبة لتلبية الرغبات والنزعات.. ففي حين يرغب الشاب بالفتاة التي تصغره عمراً لأسباب عاطفية.. فإن الفتيات يقبلن على الشاب الذي يكبرهن سنا لأسباب إجتماعية فهن يجدنه أكثر اتزاناً.. وأكثر وعياً وإهتماماً بهن.. وتلبية لرغباتهن ومكنون ذواتهن بالاقتران بمن هو مقبول لديهن.. وقد ظهرت سلبية هذه الظاهرة من خلال عدد من حالات الطلاق للمتزوجين الجدد.. فكلا الزوجين الجديدين حديثي التجربة لذلك سرعان ما يقعان في إشكالات بسبب عدم الانسجام والتآلف والقبول ما يؤدي إلى الانفصال بعد فترة وجيزة من الزواج , النصيحة التي يوجهها هذا المقال إلى الشباب هي كسر هذه القاعدة والعزوف عن الزواج بفتيات صغيرات ما زلن يحتجن إلى زمن للنضج والتكامل، ومن الضروري جداً أن يجربوا حياة هانئة دافئة مستقرة في أحضان زوجة تكبرهم سناً.. وهذا يتحقق من خلال اختيار الزوجة المناسبة والملائمة، حيث ستصبح هذه الزوجة إضافة إلى وظيفتها الزوجية أُماً لرجل يظن أنه كبُر ولم يعد بحاجة إلى حنان الأمومة ورعايتها.. إن الزواج من فتيات أكبر سناً يعتبر عاملاً مهماً لديمومة الزواج ونجاحه لعدة أسباب، أولها نضوج الفتاة وإهتمامها بالحياة الزوجية وحرصها على بناء الأسرة الجديدة، ودرايتها بحاجات الرجل، وامكانياتها في احتوائه واقناعه بالمتغير الجديد.. ان التكوين البايلوجي للمرأة يصبح أكثر نضجاً وإستجابة لمتطلبات الزوجة بعد تجاوز السن المبكر.. كما أن هذه الاستجابة تساعد الرجل في القيام بوظائفه بشكل أفضل ما يسهم في خلق أجواء إيجابية جيدة تساعد في بناء أسرة ناجحة. وإذا ما أجرينا احصاءات في المجتمع العراقي وبقية المجتمعات الشرقية فإننا نلحظ انحسار مثل هذه الزيجات، وإذا ظهرت أعداد منها فانها لا تشكل نسبة تذكر.. وفي اعتقادي أن كثيرا من المفاهيم والأعراف الاجتماعية بنيت على أسس خاطئة.. قد تكون رغبات ونزعات شخصية تحولت إلى مظهر وتطبع عليها المجتمع ودرجت لتصبح تقليداً وعرفاً.. لذلك لا تعتبر الأعراف والتقاليد قوانين ثابتة يمكن الركون إليها.. بل هي مجرد مظاهر وظواهر من السهولة إحداث تغيير عليها بما يؤمن تحديث الطبائع والسلوكيات بإتجاه تقويم المجتمع.. المرأة سواء في العراق ام في سائر المعمورة إنسان جُبل على مشاعر وأحاسيس وحاجات مثلما جُبل الرجل.. إلا أنها وبحكم كينونتها وتكوينها الجسماني تعرضت إلى شتى أنواع الاضطهاد لقمع حاجاتها ومشاعرها وأحاسيسها، وهذا القمع أدى إلى تكوين أجيال متراكمة من النساء لم يحظين بفرص إشباع الحاجات سواء بإنصراف الرجال عنهن أم بتأثير البيئة والظروف المحيطة بهن.. حتى أصبحت المرأة وسيلة لتلبية حاجة الرجل وليست كائناً مستقلاً له حاجات لابد من اشباعها.. إن مجتمعاتنا العربية والشرقية عامة أسهمت بشكل كبير في خلق مثل هذه الأجواء , ولم تعمل على إصلاح المجتمع بالإتجاه الذي يجعل من الزواج وبناء الأسرة إرادة نسائية وليست رجالية، لأنها أساس بناء الأسرة وتربية الأجيال وتنشئتهم، إضافة إلى كون المرأة وبما تمتلكه من مشاعر الأمومة الأكثر تضحية وعطاءَ من الرجل.. فمتى ما انقلبت الموازين وصارت المرأة في مجتمعاتنا هي التي تختار شريك حياتها وتحديد مواصفاته، وتقوم هي بخطبته والاقتران به، سيصبح الرجال في عالم آخر وسيبقون ينتظرون فرصة الزواج، وان تتقدم إمرأة لخطبتهم والإقتران بهم، وقد يفوتهم القطار فيعنسو ولات ساعة مندم حينها، وهذا لا يعني ان تتغير كل الأعراف والتقاليد، فإقتصاد الأسرة يبقى من اختصاص الرجل بينما تقوم المرأة بدورها المعهود في الانجاب والتنشئة إضافة إلى الأدوار الأخرى الإجتماعية والانتاجية والسياسية واذا ما تعرض الرجال إلى العنوسة.. عليهم ان يخففوا من شروطهم ويتنازلوا عن جبروتهم وخيلائهم،لان كثيرا منهم سيصابون بالخيبة إذا لم تتقدم إمرأة لخطبتهم. عبدالزهرة الطالقاني