حجم النص
بقلم:عباس عبد الرزاق الصباغ اذا كانت الحربان العالميتان ؛ الاولى (1914 ـ 1918 ) والثانية (1939ـ 1945 ) لكل واحدة منها أسبابها وظروفها ونتائجها والخرائط الجغرافية والديمغرافية والسياسية والاقتصادية التي ترتبت عنهما وأنتجتهما هاتان الحربان الطاحنتان وما استجد من معايير سياسية جديدة وأقطاب وتحالفات وتكتلات كان لها الأثر الواضح على منطقة الشرق الأوسط فضلا عن العراق. لكن استجد في الوقت الراهن واقع آخر مغاير ويختلف عن تهالك تصارع الدول العظمى وخطر النازية بدأ يفرض نفسه بقوة ويشير الى ان هناك حاجة ماسة وفورية الى حرب عالمية اخرى ثالثة في الترتيب من حيث الحجم والآثار والمقومات والنتائج وباختلاف الأسباب لان كل حرب لها نتائجها ومقارباتها الخاصة بها ولها أسبابها...حرب عالمية ضد الإرهاب المستفحل سواء في تجنيد الإرهابيين الذين تعددت منافذ تسويقهم وتجنيدهم وشملت حتى الدول الغربية والأوربية إضافة الى دول العالم الثالث والحرب العالمية الثالثة ستكون ضد الإرهاب الذي يُعرَّف بأبسط شكل له: (هو استعمال العنف لغايات سياسية بممارسات خارجة عن القانون) مايهدد جميع أصقاع العالم فلاتوجد حصانة لأية دولة عن خطره بحسب المعطيات المتوفرة على الأرض في العراق وسوريا ولبنان وأفغانستان وغيرها.؟.وهو مايستدعي تضافر الجهود الدولية والأممية والإقليمية والوطنية لتطويقه واستيعاب شره لان الإرهاب الذي استفحلت مخاطره وتغولت أنيابه يحتاج الى كل تلك الجهود وهي حرب قد تستوجب ان تتوحد بعض الجهود والأهداف وتتشارك حتى بين الأطراف المتنافرة سياسيا والمتقاطعة دبلوماسيا وتشهد علاقاتها الثنائية ركودا مزمنا كالعلاقة بين الولايات المتحدة وإيران التي وصفت من قبلُ بأنها من الدول "المارقة" وتندرج قضية الملف النووي الإيراني ضمن هذا السياق المتضاد في التوجهات السياسية وتصارع المصالح الدولية والإقليمية ولكن لكل مقام مقال . الحرب العالمية الجديدة ذات معايير ومقاييس واستراتيجيات وتمويل بمئات المليارات من الدولارات وأهداف مختلفة تماما عن الحربين العالميتين السابقتين اللتين كانتا حربين تقليديتين رغم حجم المشاركة الدولية والخسائر الباهظة في الأرواح والممتلكات. وبحسب التقديرات الأولية ان هناك حوالي (12) ألف مقاتل أجنبي من جنسيات مختلفة حوالي (81) جنسية بعضها من دول أوربية او من الولايات المتحدة نفسها يقاتلون على مسرح يضم اكثر من (60) دولة مع التركيز على بؤرة الإرهاب الأكثر سخونة وهي الشرق الأوسط لاسيما في العراق وسوريا وهؤلاء المقاتلون يشكلون خطورة كبيرة على الأمن العالمي والأمن القومي للدول الكبرى (الولايات المتحدة خاصة) ولاتكمن هذه الخطورة في الطرح العقائدي لهؤلاء الإرهابيين، المبني على أسس ظلامية / اقصائية /تكفيرية بل ترى ان جميع من يخالفهم في هذا الطرح إما كفار او مرتدون ويجب قتال وقتل "المخالفين " وسبي نسائهم ومصادرة أموالهم ومقومات حياتهم واخذ الجزية ممن تراهم انهم على غير ملة الإسلام ناهيك عن الفظائع التي ارتكبوها في المناطق التي انتشروا بها بتدمير الأسس الحضارية والاثنية والرموز المقدسة كدور العبادة والمزارات التي تشكل أرثا حضاريا للسكان المحليين الذين عرفوا بتعايشهم التاريخي في بودقة مليئة بالاختلافات العرقية والدينية والمذهبية ويعكس سيناريو الفظائع التي قام بها داعش في مناطق الموصل وسنجار جزءا بسيطا من السيناريو الذي يعد أوضح إشارة توجه للمجتمع الدولي توضح خطورة الإرهاب في امتداداته المحتملة. يكون الهدف العالمي المتوخى من هذه الحرب هو دفع الخطر عن العالم اجمع وبما ينسجم مع ميثاق الأمم المتحدة [ الفصل الاول1. حفظ السلم والأمن الدولي، وتحقيقا لهذه الغاية تتخذ الهيئة التدابير المشتركة الفعالة لمنع الأسباب التي تهدد السلم ولإزالتها، وتقمع أعمال العدوان وغيرها من وجوه الإخلال بالسلم، وتتذرع بالوسائل السلمية، وفقا لمبادئ العدل والقانون الدولي، لحل المنازعات الدولية التي قد تؤدي إلى الإخلال بالسلم أو لتسويتها.] والفصل الحادي عشر[1للجمعية العامة أن تنظر في المبادئ العامة للتعاون في حفظ السلم والأمن الدولي ويدخل في ذلك المبادئ المتعلقة بنزع السلاح وتنظيم التسليح، كما أن لها أن تقدم توصياتها بصدد هذه المبادئ إلى الأعضاء أو إلى مجلس الأمن أو إلى كليهما.] .[2 للجمعية العامة أن تناقش أية مسألة يكون لها صلة بحفظ السلم والأمن الدولي يرفعها إليها أي عضو من أعضاء "الأمم المتحدة" ومجلس الأمن أو دولة ليست من أعضائها وفقا لأحكام الفقرة الثانية من المادة 35، ولها -فيما عدا ما تنص عليه المادة الثانية عشرة- أن تقدم توصياتها بصدد هذه المسائل للدولة أو الدول صاحبة الشأن أو لمجلس الأمن أو لكليهما معا. وكل مسألة مما تقدم ذكره يكون من الضروري فيها القيام بعمل ما، ينبغي أن تحيلها الجمعية العامة على مجلس الأمن قبل بحثها أو بعده.3. للجمعية العامة أن تسترعي نظر مجلس الأمن إلى الأحوال التي يحتمل أن تعرض السلم والأمن الدولي للخطر.] وذلك لان الإرهاب بات عدوا مشتركا لجميع الأسرة الدولية وليس هنالك دولة بمنأى عنه حتى الدول الراعية له والممولة اذ من المحتمل ان تشهد انعكاسات ارتدادية للإرهاب ولهذا فقد اتخذ مجلس الأمن الدولي قراره (2170) بالإجماع وتحت أحكام الفصل السابع بإدانة التنظيمات التي صُنفت كإرهابية خطرة مثل (داعش والنصرة والقاعدة) وهذا القرار يتضمن بعض الإجراءات لتطويق هذه التنظيمات ماليا وإعلاميا ولوجستيا وفتوائيا ومن ملامح الانتشار الواسع للخندق المناوئ للإرهاب بكافة أشكاله وفصائله هو استشعار الولايات المتحدة وحلف الناتو لخطر داعش على مصالحها وأمنها القومي هو دعمها للجهات التي تقاتل داعش في شمال العراق ودعمها الواسع لهذه الجهات بالتنسيق فيما بينها وتوجيه ضربات عسكرية لداعش وان جاء هذا التنسيق متأخرا بعض الشيء رغم ان أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001 التاريخية كانت الانعطافة الأولى في هذا المسعى الدولي او انطلاقة الحرب العالمية" الثالثة" ضد الإرهاب وربما تشكل عملية ذبح الصحفي (الأمريكي) جيمس فولي على يد داعشي (بريطاني)انعطافة اخرى وان كان يفترض على المجتمع الدولي ان يتحرك باتجاه انعطافات اخرى بعد جريمة العصر في سبايكر التي تعد الانعطافة الكبرى والتي راح ضحيتها المئات من الأبرياء الذين لابواكي لهم كجيمس فولي... إعلامي وكاتب مستقل [email protected]