حجم النص
بقلم:حيدر المرتضى علي هل استغربت تستغرب هذا العنوان؟! هكذا هي نظرة المجتمع الدولي للوضع العراقي، وهذا هو سبب انعدام الدعم العالمي للعراق في مواجهته للإرهاب الداعشي.. فلماذا يا ترى فشلت الحكومة الوطنية العراقية المنتخبة بكسب الرأي العالمي؟ ولماذا تعالت أصوات الاستنكار لتهجير المسيحيين؟ ولم يلتفت أحد لذبح شيعة العراق؟ بهذا الصدد لي تجربة بسيطة: مع انطلاقة عام 2013، أتيحت لي فرصة لزيارة الولايات المتحدة الامريكية، والتي – ربما – أبرز ما تميزت به رحلتي، أنها جمعتني بشخصيتين؛ استفدت من رفقتهما دروساً في مجال العلاقات الدولية، وممارسة سياسات التضليل. الخلفية الفكرية لهاتين الشخصيتين، وبغض النظر عن أسميهما، هي: · سني من كتلة التوافق يعمل في دائرة العلاقات العامَّة في البرلمان العراقي. · كردي من الإخوان المسلمين، وهو عضو برلمان عراقي، ورئيس الكتلة الإسلامية الكردستانية في البرلمان العراقي. خلال رحلتنا التي استمرت ما يقارب الثَّلاثة أسابيع، حظينا بفرصة اللقاء بالعديد من الشخصيات السِّياسية والاجتماعية والأكاديمية الأمريكية. خلال هذه اللقاءات (الرسمية منها أو الودية)، كنتُ أنا الشيعي – كالعادة– أقوم بدور المحامي المدافع عن وحدة الصف العراقي، ونسيجه الفسيفسائي، وتعايش طوائفه وقومياته، كنت أحاول جاهداً نقل صورة جميلة عن بلادي الحبيبة، تلك الصورة التي شوهها تحالف (الارهاب – الأعلام). حسناً.. لم يشاطرني زميليّ في الرحلة وجهة نظري هذه، فرغم علاقتنا الثلاثية الودية على المستوى الشخصي، إلا أن خطابهما والرسائل التي كانوا يرسلونها أثناء الاجتماع، امتازت بالهجومية والخشونة، وذلك ما كان يثير عجبي! في إحدى الأيَّام، وأثناء اجتماع لنا في مقر وزارة الخارجية الأمريكية في واشنطن العاصمة، صب رفيقي (الكردي، السني) كل جهودهما لخلق صورة مشوهة عن الوضع في العراق، ولم يتوانوا عن استخدام أي أسلوب أو تلميحات لتشويه صورة الحكومة العراقية. في تلك اللحظة، وبينما كان مترجمنا ذو الأصل السوداني (السيد الباقر أبو وسام) يترجم حديث أصدقائي وشركائي في الوطن والحكومة، كنتُ أنا حينها اراقب باهتمام قسمات وجوه الحاضرين، محاولاً استقراء ردود أفعالهم وتفاعلهم.. ولا أخفيكم أمراً.. فأنا شخصياً – وللحظات - أشمئززت من هكذا حكومة، بل وفجأة وجدتُ نفسي متعاطفاً مع مظلومية هذه الأقليات، التي تعاني الأمرين في ظل حكومة أغلبية غاشمة! وفكرتُ حينها: يجب أن نجلد أنفسنا أسفاً على ما فعلناه بهذه الأقليات البريئة! حسناً سادتي.. يجب أن تعذرونني؛ فالتضليل الذي مارسه شركائي في الوطن، كان متقناً لدرجة أنني شخصياً لم أسلم منه.! عندما جاء دوري في الحديث، كانت مهمتي عصية وصعبة، فقد نجح زملائي في الرحلة، وشركائي في الوطن والحكومة، بتوليد مشاعر سلبية جداً لدى الجانب الأمريكي ضد الحكومة العراقية (الشيعية ضمناً)! وباتت محاولتي لتعديل الصورة المعوجة عن الوضع العراقي والحكومة العراقية، والتي وضعها زميلي أمام أنظار مضيفينا الأمريكيين، مهمة صعبة. لقد اصبحت الكرة في ملعبي، ووجدتُ نفسي وبصورة تلقائية، قد اصطففتُ طائفياً، وبدأت الدفاع عن الحكومة، التي يعتبرها أصدقائي (الكردي والسني) فاشلة؛ لأنها حكومة شيعية، وانا أراها فاشلة لأنهم شركاءٌ فيها.. لقد اخترت في حينها محورين لأتحدث عنهما باختصار: المحور الأول/ أزمة ما تسمى بـ (الانتفاضة السورية)، وانعكاساتها الخطيرة الطائفية في المنطقة. المحور الثاني/ ضرورة تشكيل حكومة أغلبية سياسية؛ لتجاوز المحن والمشاكل التي خلقتها لنا حكومة (الشراكة الوطنية). لقد ضحك! مضيفونا الامريكيين عندما أخبرتهم أن المعارضة في العراق تشارك في تشكيل الحكومة.. ففي العرف السياسي الامريكي بل وفي جميع الديمقراطيات التي تحترم نفسها، فإن الفائز في الانتخابات: أما أن يشكل الحكومة، أو يجلس معارضاً في البرلمان. وعندما تقرر جهة سياسية المشاركة في تشكيل الحكومة، يصبح من المضحك أن تعارض الحكومة وتنتقدها. على كل حال.. لقد أخبرت مضيفينا الأمريكيين في حينها أنني سعيد بابتسامتهم وضحتكم تلك، فهي تعني أنني لستُ الوحيد الذي يعتقد بلامنطقية هذا الوضع وسخريته، على عكس مطالب زميلي العزيزين. ما أريدهُ في هذه السطور، ليس الحديث عن ضرورة تشكيل حكومة أغلبية؛ بل حديثي هنا عما مارسه شركائي في الوطن من تضليل بحق الحكومة التي يشاركونها منافعها فقط، بينما يحمّلون الشيعة تبعات إخفاقاتها. فإذا أستطاع زملائي وشركائي في الوطن في غضون – 30 دقيقة – من قلب الحقائق وتشويه سمعة حكومة كاملة، بل ومذهب ووطن، فيا ترى ما الذي فعلوا خلال عشرة أعوام، وخصوصاً مع استلامهم لحقيبة وزارة الخارجية. لقد أخبرني أحد العراقيين المقيمين في الولايات المتحدة، أن المدعو طارق الهاشمي رصد مبلغ 50 مليون دولار لتشكيل لوبي سني، للضغط على الحكومة الشيعية. وعليه دعونا لا نتعجب من امتناع الولايات المتحدة تزويد الجيش العراق بالسلاح والذخيرة، فإذا عرفنا طبيعة النظام الأمريكي، والضغوطات التي تُمارس لتشويه صورة الحكومة العراقية المنتخبة؛ يتبين لدينا سبب الموقف المتفرج للمجتمع الدولي إزاء ما يحدث في العراق. لذا أعتقد أن من أفدح الأخطاء التي ارتكبها الشيعة العراقيون، هو تخليهم عن حقيبة وزارة الخارجية، خصوصاً مع أبتلائنا بمحيط عدائي جداً؛ ومع هكذا حال تزداد حاجتنا للحصول على الدعم الدولي، من خلال تعزيز علاقاتنا الدبلوماسية. أعتقد أن على الساسة الشيعة اليوم التركيز خلال هذه المرحلة على استرجاع حقيبة وزارة الخارجية إلى الأيدي الوطنية الأمينة؛ لأجل الحصول على الدعم الدولي لمواجهة الإرهاب السلفي والوهابي والداعشي.
أقرأ ايضاً
- المسلمون بأجمعهم سنة وشيعة مدينون في اسلامهم اليوم الى الحسين عليه السلام
- شيعة العالم والسيستاني .. السيستاني والجيش العراقي
- شيعة العالم والسيستاني .. بيت السيستاني