حجم النص
بقلم: حيدر السلامي اتهمته "الشرقية" بعروبته وشككت بعراقيته وادعت أنه "إيراني" فهل كانت تعرفه أكثر من أهله؟! الشرقية والتغيير والحدث وقنوات أخرى تدخل في هذا السياق تحاول الحضور على مائدة العراقيين في شهر رمضان المبارك ولكن كذباب يقع على الفضلات ويطنّ بلا هوادة ليزعج الجالسين ويثير غضبهم لا لهدف سوى أن يبادروا إلى سحقه بفردة واحدة من نعلين باليين. أما علي هندي وأمثاله فلا يضرهم بعد اليوم قول قائل وكيف يضرهم وهم ينعمون بالفردوس مع الشهداء والصديقين والنبيين وحسن أولئك رفيقاً؟! ألم يكن جون عبداً أسود يلعق قصاع أهل البيت عليهم السلام؟ هل أحد عرفه قبل أن يملأ الفضاء بطيب شهادته؟! وهل كان جون عربياً قحاً أو عراقياً محضاً؟! أم كان مسلماً لله مطيعاً لرسوله محباً لآله ذائداً عن حرم الله مدافعاً عن المقدسات؟ ثم ألم يكفِه هذا جواز سفر على صراط الحب إلى جنة عدن عرضها السموات والأرض أعدت للمتقين؟! إن أكثر أولياء الله وأنصار دينه الحق ما كانوا على عظمتهم معروفين بين الأحياء، ولكن شاء تعالى أن يعرفوا شهداء. وهذا ـ لعمري ـ وسام فخر من الدرجة الرفيعة لا يناله إلا ذو حظ عظيم. علي هندي واحد من أولئك الذين حباهم الله وحبرهم بهذا الشرف فـ"الجهاد باب فتحه الله لخاصة أوليائه" ولذا رأيناه من أول المبادرين وفي طليعة الملبين لنداء المرجعية السائرين على طريق الدفاع المقدس. ووجدناه مقبلاً على تقمص دور الساقي أبي الفضل العباس عليه السلام، مصراً على إيصال الغذاء والماء والمؤن إلى المقاتلين في الصف الأمامي بمدينة تكريت مهما كلف الأمر وركب السيارة تحت وابل الرصاص غير مبالٍ أوقع على الموت أم وقع الموت عليه..! نعم.. ورغم خطورة الطريق، أوصل الإمدادات إلى المقاتلين ببسالة الأبطال ولما أرادوا تقديم الشكر له قال لهم بلهجته الشعبية: "انتو مجاهدين.. تراب رجليكم على راسي". ولما سأله أحد الزملاء عن سبب إصراره ومجازفته لإيصال المؤن إلى الجيش أجابه بذات اللهجة: "لوما نوصللهم الغذاء والماء جان فروا من الجيش لأن القتال مع الجوع والعطش ما ينحمل". وهنا تذكر ذلك الزميل عطش الحسين عليه السلام وكيف أنه ظل يقاتل على الجبهتين: "العدو والعطش". وأراد مسؤوله (الذي أصيب هو الآخر تواً) التخفيف عنه واستبداله بمتطوع آخر وسأله عن رغبته بالعودة إلى أهله في ربوع كربلاء والتمتع بإجازة.. ماذا أجابه؟! ـ قاسم.. عندي نذر ولا زم أوفيّه..! وبالفعل أوفى بنذره الذي تقبله الله منه بقبول حسن وكافأه عليه بالشهادة. ولعلها من المفارقات إذ يقتل ابن كربلاء دفاعاً عن العوجة...!
أقرأ ايضاً
- التسرب من التعليم
- كيف يمكننا الاستفادة من تجارب الشعوب في مجال التعليم؟ (الحلقة 7) التجربة الكوبية
- الرسول الاعظم(صل الله عليه وآله وسلم) ما بين الاستشهاد والولادة / 2