حجم النص
بقلم:عباس عبد الرزاق الصباغ بحسب المعطيات والأحداث الدراماتيكية (والكثير منها مأساوي) التي تجري على الساحة العراقية كل يوم فان المؤامرة تكون واقع حال نظريةً وتطبيقا لتصبح نظرية المؤامرة Conspiracy Theory حقيقة ملموسة وليس مجرد نظرية او افتراض او تخمين او استيهام او "استنتاج" لان التعريف المبسط لنظرية المؤامرة يشي بكل الاحتمالات الواردة فيه وهو(قيام طرف ما معلوم أو غير معلوم بعمل منظم سواء بوعي أو بدون وعي، سراً أو علناً، بالتخطيط للوصول لهدف ما مع طرف آخر ويتمثل الهدف غالباً في تحقيق مصلحةٍ ما أو السيطرة على تلك الجهة، ومن ثم تنفيذ خطوات تحقيق الهدف من خلال عناصر معروفة أو غير معروفة( فاللعبة باتت مكشوفة ومرئية وملموسة تماما ولم تعد سرا او لغزا، والأطراف المتورطون لم يعد بإمكانهم التستر بأي قناع او إخفاء نواياهم وهي ـ أي اللعبة ـ وفق هذا التعريف محاولة لشرح السبب النهائي لحدث أو سلسلة من الأحداث على أنها أسرار أي لإعطاء تبرير منطقي ومعقول لما يجري من أحداث وفي الشأن العراقي الساخن تكاد نظرية المؤامرة ان تكون التبرير الأكثر احتمالا وأكثر إيضاحا ومعقولية و"مقبولية" وتفسيرا لكل حدث إن لم تكن السبب الوحيد في ذلك مع وجود أسباب أخرى قد تبدو "مألوفة" عالميا او إقليميا و"مقبولة" دوليا ألا أنها بمجملها لا تصل الى النتائج المترتبة عن الهجمة الإرهابية الشرسة الحاصلة في العراق. فواقع الإرهاب ومايتعلق به من عمليات بكل تفاصيلها وارهاصاتها وحيثياتها يوحي بان وراءه أهدافا كبرى "تطبخ" على نار هادئة وفق سيناريوهات معدة سلفا تنفذها مجموعة محددة من الدول بكل امكاناتها ومواردها واجهزة استخباراتها ومخابراتها واذرعها التي تمتد الى بعض الحواضن المحلية في العراق وليس كما يتصور البعض ويدعي بعض الساسة والمحللين السياسيين والاستراتيجيين من ان مسالة الإرهاب هي مجرد عصابات مسلحة او ذيول لتنظيمات ميليشاوية او لفلول حزب البعث المحظور تقوم بنشاطات تدميرية وتفجيرية وترعب المواطنين العزل وتزرع في نفوسهم عدم الثقة بالوضع الحالي منتهزة الوضع السياسي المتردي والمتشابك وتنتهي المسالة بمجرد القضاء على هذه العصابات من خلال النشاطات العسكرية والأمنية والاستخبارية وما الى ذلك، أي ان المسالة هي مسالة "وقت" لنشاطات تتعلق بالأمن والأمن القومي وهذا التصور بهذا السطحية خالٍ من المهنية وتنقصه الكثير من الرؤية الإستراتيجية التحليلية والنقدية، فكما تزدحم نشرات الاخبار بالاحداث الامنية والإجرامية كل يوم بل في كل ساعة تتردد اخبار على شاكلة القاء القبض على كذا من عناصر القاعدة الارهابية وشراذم البعث المنحل والمحظور وهذه الوتيرة تجري على هذا المنوال منذ سنين عدة ومابين كر وفر وسجالات وجولات لاتنتهي ولن تنتهي إلا إذا انتهت وتيرة المؤامرة ومعها سيناريوهاتها التدميرية التي تريد العودة بالعراق الى المربع الاول والغاء العملية السياسية ومحو آثارها وتصفية رموزها وشطب مفهوم الديمقراطية والانتخاب الحر الشفاف من قاموس المواطنة العراقية وربط العراق بكل ثقله الإستراتيجي بعجلة الديكتاتورية والمنهج السيا ـ طائفي الدوغمائي المتحجر المرتبط ببعض المحاور الإقليمية التي ارتبطت من قبل بنظام صدام حسين البائد ولم يحصل منها العراق سوى الخراب الشمولي. المسالة اكبر بكثير من كل هذا لان ما يجري من احداث وحوادث (اخذ الكثير منها طابعا نوعيا واتقانا عاليا في التكتيك والاستراتيجيات) بشكل غير مسبوق او مماثل في أية دولة كما او نوعا، أسبابا ونتائج يعطي اكثر من دليل بان منظومة متكاملة من الدول والجهات تقف وراء كل ذلك أي ان هناك (كارتلا) مؤامراتيا إقليميا معنيا ومحددا وليس شبحيا او هلاميا زئبقيا لاشكل له او ملامح، تنتظم من خلاله الدول والجهات التي لم يرق لها التغيير الذي حصل في العراق لاسباب كثيرة تقف الدوافع السيا ـ طائفية في مقدمتها حيث تتضافر جهود كبيرة وإمكانات هائلة وبرامج مستمرة ومخططات واسعة لجعل العراق دولة فاشلة او دولة عميقة وبالتالي دولة منهارة وتهدف الى جعل العراق أرضا محروقة او انها تتعامل مع العراق وفق مبدأ الأرض المحروقة كهدف من أهداف المؤامرة المبرمجة على العراق وصولا الى الأهداف العليا التي تروم تلك الأطراف تحقيقها فيكون العراق على هذا المنوال المختبر الحقيقي والتطبيق الفعلي والعملي والميداني لنظرية المؤامرة بكل فصولها وتفاصيلها وفي كافة الميادين السياسية والعسكرية والاقتصادية والاستثمارية والأمنية والإعلامية وحتى الرياضية وبكافة مفاصل الحياة اليومية وفي شتى الاتجاهات والمجالات لتنطبق جميع البنود الواردة في تعريف نظرية المؤامرة انطباقا عمليا تاما فلم تعد المؤامرة كنظرية مجرد مصفوفة لغوية او سفسطة سياسية عقيمة بل هي واقع حال تشير اليه جميع مآلات المشهد العراقي. إعلامي وكاتب مستقل [email protected]
أقرأ ايضاً
- أهمية التعداد العام لمن هم داخل وخارج العراق
- ضرائب مقترحة تقلق العراقيين والتخوف من سرقة قرن أخرى
- الأطر القانونية لعمل الأجنبي في القانون العراقي