- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
الواقع الاعلامي بين المهنية وتجار النخاسة
حجم النص
بقلم:تراث العزاوي ان لبني البشر قيم نبيلة لا يُختلف على التمسك بها... مثل الشهامة والأمانة والصدق والكرم والوفاء... فكل البشر يتفقون على هذه القيم وعلى أهمية التمسك بها، لكن نسبة كبيرة منهم يعملون بما يتنافى مع هذه القيم. ومع اننا لا نتفق مع من يتجاوز هذه القيم التي تمثل الارضية الصلبة التي ترتكز عليها انسانيتنا الا اننا نعترف بصعوبة التمسك بها في ضوء النزوع الى الذات وحب التملك والتنافس وغيرها من الاسباب ولكن اهمية التمسك بهذه القيم تاتي ايضا من ذات الاسباب التي تجعل البعض يتخلى عنها ذلك لان مجالدة النفس والانتصار على الرغبات يمثل المعيار الحقيقي لقياس انسانيتنا ومدى تمسكنا بالقيم النبيلة التي ترجح هذا على ذاك وهذا ليس معيارا بشريا بل هو بالاصل معيارا الاهيا تقاس بموجبه اعمال البشر. ومن هذه المسلمات اود التعريج على واقع ما تشهده وتحتشد به الساحة الاعلامية وغير خاف على الجميع اهمية الاعلام والدور الذي يلعبه في حياتنا المعاصرة ولهذه الاسباب وهذا الدور لابد ان يكون للاعلام قيما اخرى تترابط وتتسق وتتماهى مع القيم الاساسية للانسان متكاملة معها لتشكل شخصية وهوية الاعلامي الذي نطمح ان نجده مابين ظهرانينا. ورب سائل يقول وما هذه القيم ومن يضعها وكيف نحدد مدى التزام هذا بها وابتعاد ذاك عنها ؟ وهنا نقول بما ان وسيلة الاعلام والاعلامي ناقل للحدث والخبر والمعلومة مابين بني الانسان فانه يكون قد حاز على امانة يجب ان يؤديها بكل اخلاص وهذه قيمة اساسية يجب ان يتحلى بها الاعلامي والمؤسسة الاعلامية عموما واذا ما عدنا لدور الاعلام سنجد انه وسط مابين اثنين عندما تحدث النزاعات انطلاقا من مهامه في نقل صورة الواقعة وهذا الدور يفرض عليه ان يكون موضوعيا لا ينحاز لهذا او ذاك وان كان في النفس هوى ما لان الاعلامي في هذه الحال قد امتلك سلطة الحكم على الحدث وصانعيه فلا بد ان يكون عادلا ومنصفا وموضوعيا وبسبب من اهمية دوره فقد يتعرض الاعلامي لضغوط شتى وهذا يفرض علية ان يكون شجاعا في التصدي للحقيقة والجهر بها كذلك فانه شاهد على ما يحصل فلا بد من الصدق حتى لو كلفنا التضحيات ولان للاعلام رسالة ترتبط بعرى لا يمكن ان تنفصل عن رسالة الانسان في غاية وجوده فلا بد ان يكون الاعلامي سببا في ترسيخ قيم الخير والنزاهة ومحاربة الشر والفساد في مجتمعه. هذه وغيرها من الاسس التي يجب ان يرتكز عليها الاعلام مثلت ميثاق الشرف الاعلامي الذي تعارف عليه العاملون في هذا المجال المهم والخطير فاذا ما تخلى الاعلامي عن هذه القيم بات اخطر من كل الاسلحة الفتاكة كونه سيصبح المحرك الذي سيحمل تلك الاسلحة لقتل البشرية واشاعة الدمار والخراب في كل المجالات. اننا اذ نطالب الاعلامي بكل عذع الالتزامات الكبيرة والعظيمة لابد ان نوجد له ما يساعده على الارتقاء الى مستوى تلك القيم وبراينا المتواضع فان استقلالية الوسيلة الإعلامية تعتبر من أهم العوامل الضامنة للمهنية والاداء المستقل للاعلامي ففي ذلك تحرير من ربق التبعية ونيرها الثقيل كذلك فان على المجتمع ان يوفر الضمانات الكافية لحماية الاعلامي في كل الظروف خاصة النزاعات فضلا عن كرامة العيش والمستقبل المعيشي له ولأسرته. وهنا يحق لنا ان نسال هل نجد في واقعنا هذا الانموذج من الاعلامي ؟ ونجيب بنعم وهم كثر وكثر ايضا نجدهم قد عافوا ذلك النبل وتلك القيم وستغلوا سلطة الاعلام ودوره لتحقيق منافع غير مشروعة وتحويل الاعلام الى وسيلة ابتزاز مادي وفكري مشوهين الحقائق مزورينها حتى تحولوا في ظل ما نعيش من اوضاع مضطربة الى ادوات لنشر الفتن واذكاء نيران الصراعات غير مبالين باثار افعالهم على المجتمع وعلى الانسانية التي ستسقطهم من القمة التي يعتليها الاعلام المهني الى حضيض النخاسة وعفونة الصفقات السرية الخارجة عن نطاق الانسان.
أقرأ ايضاً
- ثورة الحسين (ع) في كربلاء.. ابعادها الدينية والسياسية والانسانية والاعلامية والقيادة والتضحية والفداء والخلود
- سُلطة الواقع والجدوى المتحققة فيه
- رصانة لغة الخطاب الاعلامي