- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
نظرة الإسلام للمرأة، وهل هي مضطهدة؟ / الحلقة الثانية
حجم النص
بقلم : عبود مزهر الكرخي
ونستكمل بحثنا عن هذه المسألة الحيوية والتي تم إلصاق الكثير من التهم على ديننا في مسألة واضحة للعيان والتي أصبحت علكة يلوكون بها العلمانيين والباقين من الحاقدين على الإسلام وهي ادعاءات فارغة وخالية من أي ذرة من الحقيقة وهؤلاء يستخدمونها ومع الأسف الشديد في سبيل نقل أفكارهم والخالية من أي قيمة روحية تبيح للمتلقي أن يتقبلها أو يؤمن بها وهم من خلال تسويق هذه الإدعاءات والتي تبين ضعف كل الأفكار التي يحملونها والتي لم تجد آذان صاغية تسمعها فلذلك لجئوا إلى هذه الطرق وهي طرق أقل ما يقال أنها ليست طرق المفكرين والمثقفين الحقيقيين والذين من المفروض أنهم يحملون أفكار إنسانية تدعي أنها تخلص الناس من كل ظلاماتهم وتحقق آمالهم وطموحاتهم وهذا عكس الحقيقة والواقع. ولندخل ونناقش كل ما يدعون به وبالمنطق والعقل.
واهجروهن في المضاجع واضربوهن
في أحدى ردود الأخ حول هذه الآية المذكورة في القرآن يقول:
[فبعد ان دخلت المرأة في معترك الحياة وأصبحت شريكة فعالة للرجل فعليه أنتفت في زمننا كثير من المفاهيم مثل قوامة الرجل على المرأة ( الرجال قوامون على النساء) ، فالقوامة بحسب المفهوم العام هي إلغاء لشخصية المرأة ولكيانها وفرض صريح لدكتاتورية وتسلط الرجل على المرأة الـ ( مستضعفة) ، وأيضا انتفى سبب خفض نسبة حصة المراة للنصف في حقها من الإرث (للذكر مثل حظ الأنثيين) وشهادتها الناقصة ( فرجل وإمرأتان ممن ترضون من الشهداء) والذي هو انتقاص وتقليل من شان المرأة ، علاوة على رفض العقل السليم لإباحة ضرب الزوجة وإهدار كرامتها الإنسانية (واهجروهن في المضاجع واضربوهن ) .
فأي انسان يعيش اليوم يرضى بان تصور المرأة على انها ارض مباحة للزوج (نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم ) فكما تعلم يا صديقي ان المراة اليوم ليست فقط فراش يقضي فيه الرجل رغبته , فهي شريكة فعلية للرجل في مواجهة الحياة].
والتي سوف نناقشها كل على حدة فمن الواضح أنه لم يأتي بالآية كاملة وهذا مع الأسف الشديد حال الكثير من مثقفينا والذين يجتزئون الكلام وينقلون ما يحلو لهم ويطابق آرائهم والمفروض ولأنه كتاب الله المنزل عليه وعلى الكل إن لا يجتزئوا كلام الله لأنه فيه أخلال بإحكام الله سبحانه وتعالى وأوامره ونواهيه كما لا ننسى أمكانية التحريف والتزوير في كلام الله سبحانه وتعالى في حالة نقل المجتزء من الآية ولأنقل لكم الآية كاملة حتى تكون واضحة للجميع :
{الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا}.(1)
فإذن بماذا وصف النساء بأعظم الأوصاف وأسماها وأعظمها ورفع منزلتها أرفع درجة من ناحية صلاحهنَّ وصلاتهن وحفظهن للغيب ولكن قرآننا العظيم يجب إن يشرح حالة اجتماعية وتوجد في كل المجتمعات وأعطى الحكم فيها وهي حالة النشوز والهجر وحتى الخيانة الزوجية وقد أعطيت حكمها بعدم الضرب المبرح كما أوردته في الحلقة الأولى من مقالنا التي كانت رد من احد علماء السنة والجماعة فالقرآن الكريم هو دستور للإنسانية فلا بد أن يبين كافة الحالات التي تحدث في المجتمعات وأن يبين الحكم الشرعي لأنه إن لم يفعل ذلك أصبح ناقصاً(حاشا لله) ويصبح نزول القرآن فيه نقص مما يحذو بالكثير من أمثال العلمانيين وغيرهم بذكر النقص والتشهير به ويدعون إلى الاتجاه إلى جهات أخرى كالقوانين الوضعية أو الدساتير الدنيوية أو الأديان الأخرى وهذا لا يجوز ويخالف لكل النصوص الآلهية التي تذكر بكمال ديننا الإسلام والقرآن الكريم ولا يوجد فيه ثغرة أو هفوة وهو ما أعترف به الغربيين أنفسهم بذلك والتي أثارت إعجابهم بهذا الكتاب المنزل من رب العزة والجلالة والتي هي مقرة من قبل كل الأديان وحتى الأفكار الوضعية والتي تقر بكمال الله سبحانه وتعالى ولايوجد أي خطأ في أحكامه.
فهذا الكاتب والمفكر تولستوي أنظر ماذا يقول عن القرآن وهو قد قرأ الديانات وأطلع عليها يقول :
"سوف تسود شريعة القرآن العالم لتوافقها وانسجامها مع العقل والحكمة.
لقد فهمت … لقد أدركت … ما تحتاج إليه البشرية هو شريعة سماوية تحق الحق، وتزهق الباطل." ليوتولستوي
والمفكر تولستوي والمعروف بتوجهاته العلمانية قد أطلع على الأديان كلها ليقول مقولته المعروفة تلك.
ولهذا صدر الحكم الشرعي بذلك لأنه دستور لكل الأمم ولكل البشر ويجب عدم إغفال أي شيء يخص حياة المجتمع وما تعتليه من أمور وحالات وحتى الضرب فقد قال نبينا الأكرم في خطبة الوداع والتي ذكرناها في حلقتنا الأولى بعبارة(وتضربوهن ضرباً غير مبرح ) ونجد في آخر الآية لاحظ ماذا تقول ؟ تقول عدم البغي في حالة عودتهن والطاعة ونهى عن ذلك ويحاسب عليه حساباً شديداً والبغي هو من الكبائر والتي نهى الله لأننا لو رجعنا إلى بعض من وصية نبينا الأكرم محمد(ص) إلى الأمام علي(ع) يقول ((ثلاث خصال لا يموت صاحبهن أبدا حتى يرى وبالهن: البغي وقطيعة الرحم واليمين الكاذبة يبارز الله بها وإن أعجل الطاعة ثوابا لصلة الرحم))(2) والبغي حتى رب العزة والجلال نهى بقوله في محكم كتابه {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ}.(3)
فجعل الاعتداء على النساء والعنف بغي وهو ما نهى عنه جل وعلان كما ويوجد في الحكم الشرعي والذي غاب عن أفكار هؤلاء الناس أن من حق المرأة طلب الطلاق الخلعي في حالة البغي عليها إي استعمال العنف والضرب والتي من حق الحاكم الشرعي إن يفرق بين الزوجين في حالة ضرب الزوج للزوجة فأين توجد مثل هذه العدالة والتي هي لا تشير إليها الكثير من القوانين الوضعية والتي يبدو أن إخواننا العلمانيين هم في جهل مطبق عنها أو يتغافلون عنها لغاية في أنفسهم وهو الاحتمال الأقرب للواقع.
ولنأتي ما حكم الضرب في الفقه الشيعي ونأخذ الاستفتاءات الشرعية في موقع آية الله العظمى سماحة السيد علي السيستاني (دام الله ظله الشريف)
السؤال:
ما حكم ضرب الزوج لزوجته؟
الجواب :
حرام الا فيما اذا خاف نشوزها فوعظها وهجرها في المضجع فلم ينفع وعليه الديه اذا احمرّاو اسودّ البدن .
السؤال:
ما حكم الزوج یضرب زوجته ؟
الجواب :
لا يجوز للزوج أن يضرب الزوجة إلا في مورد واحد وهو ما اذا نشزت عن طاعته فيما تجب إطاعته كما ذكرنا وذلك بعد أن لم ينفع معها الوعظ بشتى طرقه ولا الهجر بشتى أنحائه فإنه يجوز له أن يضربها ضرباً خفيفاً إذا إحتمل أن يؤثر في العود الى رشدها وأن لا يكون بقصد الانتقام وأن لا يوجب إحمرارا ً أو إسودادا ً فإن ضربها بايء وجه وأوجب إحمرارا ً أو اسوداداً فلها أن تطالب بالدية .(4)
وفيه يبين حرمة الضرب المبرح وان الضرب لايكون إلا في موارد خاصة وفي حدود ضيقة جداً.
ثم بعد هذه النصوص أين الأمور التي تحط من قيمة المرأة؟ وان الله رفع قيمتها بحسن التبعل وجعل منزلة الأمهات التي الجنة تحت أقدامها وهم يرجعون ويقولون الحط من قيمة المرأة فالغرب أذن يمجد المرأة والتي تهان وتضرب وتباع وتشترى كأرخص سلعة مثل الجواري وتقول أنها لها منزلة عظيمة في الغرب. وهذه كل يوم تطلع علينا الأخبار بوجود ما يسمى بتجارة الرقيق الأبيض حيث يتم استخدامهن في تجارة الدعارة حالهن حال الجواري ومن بلد إلى أخر فأين حقوق الإنسان عن هذه الأمور في امتهان الإنسان وبشكل لايوصف وأنتم تمجدون عالمكم الغربي وهو ما فيه من هدر لحقوق الإنسان وللعلم أني لا اعترف بكل حضارة أو بلاد تهين الإنسان عموماً والمرأة بهذا الشكل ولا احترم مثل تلك الحضارات التي لا تقيم وزناً للإنسان وهي فقط في الواجهة ترفع هذه الشعارات والعلمانيين هم مبهورون بهذا البريق ويبشرون بهذا الفكر وهو بالحقيقة فكر أجوف وفارغ من كل محتوى للإنسانية.(5)
الرجال قوامون على النساء
وهذا الذكر من نفس الآية التي ذكرناها في سورة النساء وهو كالعادة جزء مقتطع ولم يتم إكمال لوصف النساء بأعلى الصفات كما ذكرنا آنفاً وهي لغاية في نفس يعقوب ليس أكثر والمهم فلنناقش هذه العبارة ونعرف معانيها وسبب نزولها ونشرحها بكافة معانيها :
ومعنى قوامون على النساء من المصطلحات الفقهية واللغوية هي قائمون على أمورهم ورعايتهم والإنفاق عليهم . إذن هي ومن التعريف ليست للتسلط والسيادة ودكتاتورية الرجل على المرأة كما يدعون والباقين. ولنأتي إلى مايقوله فضيلة الشيخ محمد متولى الشعراوي عن قوله تعالى : (الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم ) .
ولنأخذ مايقوله د. محمد شعراوي عن معنى القوام :
ولنفهم معنى ((قوّام)) القوّام هو المبالغ في القيام. وجاء الحق هنا بالقيام الذي فيه تعب وعندما تقول: فلان يقوم على القوم؛ أي لا يرتاح أبداً. إذن فلماذا تأخذ ((قوامون على النساء)) على انه كتم أنفاس؟ لماذا لا نأخذها على انه سعي في مصالحهن؟ فالرجل مكلف بمهمة القيام على النساء، أي أنه يقوم بأداء ما يصلح الأمر. ونجد ان الحق جاء بكلمة ((الرجال)) على عمومها ، وكلمة ((النساء)) على عمومها ن وشيء واحد تكلم فيه بعد قوله ((بما فضل الله بعضهم على بعض)) فما وجه التفضيل؟.(6)
وفي تفسيره لعبارة (قوامون على النساء) يقول :
فما معنى القوامة عن الرجل على المرأة ؟؟؟وهل تلك القوامة تفضيل من الله للرجل على المرأة ؟؟
فأجاب فضيلته :
اذا قيل ان فلانا قائم على أمر فلان ، فما معنى ذلك ؟
هذا يوحي بان هناك شخصاً جالس، والآخر قائم فمعنى قوامون على النساء.... أنهم مكلفون برعايتهن والسعي من اجلهن وخدمتهن ، إلى كل ما تفرض القوامة من تكليفات ،إذا فالقوامة تكليف للرجل .ومعنى : (بما فضل الله بعضهم على بعض ) ، ليس تفضيلا من الله عز وجل للرجل على المرأة كما يعتقد الناس ،ولو أراد الله هذا لقال : بما فضل الله الرجال على النساء،
ولكنه قال: ( بما فضل الله بعضهم على بعض ) فأتى ببعض مبهمة هنا وهناك....،ذلك معناه : ان القوامة تحتاج الى فضل مجهود ، وحركة وكدح من ناحية الرجال ، ليأتي بالأموال يقابلها فضل ناحية أخرى ، وهو إن للمرأة مهمة ، لا يقدر عليها الرجال ، فهي مفضلة عليه فيها ... فالرجل لا يحمل ولا يلد ولا يحيض ، ولذلك قال تعالى فى آية أخرى : ( ولاتتمنوا مافضل الله به بعضكم على بعض ) ، لمن الخطاب هنا ؟؟؟انه للجميع . واتى بكلمة البعض هنا أيضا ، ليكون البعض مفضلا في ناحية ، ومفضولا عليه فى ناحية اخرى ،ولا يمكن ان تقيم مقارنة بين فرديين لكل منهما مهمة تختلف عن الآخر .
لكن اذا نظرنا الى كل من المهمتين معا ، سنجد إنهما متكاملتان .فللرجل فضل القوامة بالسعي والكدح .
إما الحنان والرعاية والعطف فهي ناحية مفقودة عند الرجل؛ لانشغاله بمتطلبات القوامة.
ولذلك فأن الله عز وجل يحفظ المرأة لتقوم بمهمتها ، ولا يحملها قوامة بتكليفاتها تلك ، لتفرغ وقتها للعمل الشاق الآخر ، الذي خلقت من اجله .ولكن الشارع اثبت لنا ان الرجل عليه إن يساعد المرأة .وقد كان إذا دخل البيت ووجد أهله منشغلين بعمل يساعدهم ، مما يدل على إن مهمة المرأة كبيرة ،وعلى الرجل إن يعاونها .
أن المرأة تتعامل مع أجمل الأجناس على الإطلاق مع الإنسان ، فهي تربي سيد الوجود بينما الرجل يتعامل مع الجماد والتراب ، مع النبات والحجر والحيوان .(7)
هذا التفسير من الفقه السني المعتدل وليس من أفكار السلفية والوهابية والأخرى المتطرفة والتي يتخذونها العلمانيون شماعة للهجوم على ديننا الحنيف وهي أفكار اقل ما يقال عنها أفكار لا تمت للإسلام بأي صلة وهي أفكار طارئة ومجرمة ولا يقبلها كل مسلم شريف ومؤمن حقيقي والدليل مانقلته عن الشيخ شعراوي ولنقل رد أحدى الأخوات الفاضلات التي قرأت الجزء الأول من المقال ويبدو أنها تعيش في الخارج وهي تعايش المرأة الغربية وبكل لحظاتها وأكتب لكم ردها لأعلق بعد ذلك تقول الأخت :
اعتقد بان الدين الإسلامي لم يمنح للمرأة حقوقها كامله فهناك سورتي البقرة والنساء فيهما ما يمنح المرأة حقها دينيا ودنيويا من قبل ان تعرفه نساء العالم المتحضر الذي بات اليوم ينادي بحقوق المرأة ...وما حقوق المرأة برأيك التي ينادون بها ؟؟؟؟؟؟ هاجمتني أحداهن تعيش في كندا وبالحرف الواحد يا حرام حكم القوي حجاب وزوج واحد بلا أصدقاء ووووو إلى أخر القائمة من هذه التفاهات ..سيدي ديننا دين للعفة لا انحلال ...هذه العفة التي باتت مجموعات كبيره من نساء الغرب تدعو لها من خلال جمعيات ومجموعات للمحافظة على أنفسهن بعدما انتشرت إمراض كالايدز وغيره ..ستقول لي ما بال نسائكم إذن يعشن في كهوف مظلمات ما كان احد يمنع المرأة من ان تخرج للعالم فتتطور وتطور نفسها وعائلتها لولا لغة العيب التي يستخدمها رجالنا للزحف الصحراوي للمدنية ....إذن يجب إن تغير عنوان مقالك نظره المجتمع المسلم المتصحر للمرأة...فهناك فرق.
ومن هنا نستنج أن الأفكار الوهابية والسلفية جاءت من الصحراء أي أنها أفكار موروثة من المجتمع الجاهلي والتي تغتصب حق المرأة في العيش ولا تعتبرها كائن إنساني وهي من موروثات الأفكار المتخلفة للجاهلية والتي حاولت الرسالة المحمدية أن تنظف وتخلصهم من هذه الشوائب ولكن بقت ولم يتخلصوا لأنهم لم يؤمنوا بالإسلام إلا بحد السيف وبعد إن ذاقوا طعم هزيمة أفكارهم المتخلفة وانتصار قيم ومبادئ الرسالة المحمدية بما تحمله من قيم سامية للإنسان وهي تعتبره غاية الغايات وهذا مصداق لقول سبحانه وتعالى في محكم كتابه بقوله {قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ وَإِنْ تُطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَا يَلِتْكُمْ مِنْ أَعْمَالِكُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ}.(8) ويؤكد على عدم الأيمان بقوله {الْأَعْرَابُ أَشَدُّ كُفْرًا وَنِفَاقًا وَأَجْدَرُ أَلَّا يَعْلَمُوا حُدُودَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ}.(9) فهذه الأفكار المتخلفة هي التي شوهت أفكار ديننا الحنيف والتي يتخذهاالعلمانيون وغيرهم كمعول هدم لهذا الدين العظيم وهو لايتطابق مع الحقيقة الساطعة كسطوع الشمس بأي شكل.
ولنأخذ موقف الفقه الشيعي من هذه المسألة ونقرا ماذا تقول العلوية الشهيدة بنت الهدى في كتابها (بطولة المرأة المسلمة):
قد يكون أهمُّ ما يميِّز الإسلام في موقفه من المرأة عن غيره من المبادئ والنُّظم التي عاشَتْ قبله واستجدَّت بعده ، وهو نظرته الإنسانية إلى المرأة والرجل على السواء في كل تشريعاته ومفاهيمه ، ونظرته للمرأة بما هي أنثى إلى صف نظرته للرجل بما هو ذكر .
فالإسلام حين ينظر إلى الرجل بوصفه إنساناً وينظمه ويوجهه ينظر إلى المرأة باعتبارها إنساناً أيضاً ، ويساويها مع الرجل على الصعيد الإنساني في كل تنظيماته وتوجيهاته لأنهما سواء في كرامة الإنسانية وحاجاتها ومتطلباتها .
وأما حين ينظر الإسلام إلى المرأة بما هي أنثى وينظم أنوثتها ويوجهها ، ينظر في مقابل ذلك إلى الرجل باعتباره ذكراً ، فيفرض على كل منهما من الواجبات ، ويعطي لكل منها من الحقوق ، ما يتَّفق مع طبيعته ، وفقاً لمبدأ تقسيم العمل بين أفراد المجتمع ، وتنشأ عن ذلك الفروق بين أحكام المرأة وأحكام الرجل .
فمَرَدُّ الفرق بين أحكام المرأة وأحكام الرجل إلى تقدير حاجات ومتطلبات الأنوثة والذكورة، وتحديد كل منهما وفقاً لمقتضيات طبيعته.
أما في مجال التنظيم الذي يرتبط بإنسانية الإنسان فلا فرق فيه بين المرأة والرجل ، لأنهما في نظر الإسلام إنسان على السواء ، فالإسلام وحده هو الذي نظر إلى المرأة نظرة إنسانية على قدم المساواة مع الرجل ، بينما لم تنظر الحضارات الأخرى وحتى الحضارة الأوربية الحديثة إلى المرأة إلا بوصفها أنثى ، وتعبيراً عن المتعة والتسلية .
والموقف الحضاري لكل مجتمع من المرأة ينعكس بدرجة كبيرة، بمقدار تغلغل تلك الحضارة على دور المرأة في تاريخ ذلك المجتمع، وطبيعة موقفها من الأحداث.
فالمرأة في مجتمع يؤمن بإنسانية المرأة والرجل على السواء تمارس دورها الاجتماعي بوصفها إنسان ، فتساهم مع الرجل في مختلف الحقول الإنسانية ، وتقدم أروع النماذج في تلك الحقول نتيجة للاعتراف بمساواتها مع الرجل على الصعيد الإنساني .
المرأة المسلمة في الوقت الحاضر :
والمرأة المسلمة اليوم هي بنت تلك المرأة المسلمة التي عرضت صدرها لحراب الأعداء، وشهدت بعينها قتل الآباء والأبناء، فما الذي يقعد بالمرأة المسلمة البنت عن أن تعيد تاريخ المرأة المسلمة الأم، وأن تقف و خطواتها في الحياة ؟! لا شيء غير أنها افتقدت وبالتدريج ونتيجة لابتعادها عن روح الإسلام الحقيقة إنسانيتها، وعادت مجرد أنثى تتلاعب بها الأهواء والتيارات، وتسخرها ميول الرجال، ويستهويها كُلُّ لمح كاذبٍ أو وميض خادع.
ولهذا فقد وقعت في أحابيل شائكة شوَّهت أنوثتها وأفقدتها شخصيتها كإنسانة في الحياة ، فهي مَهما سمَتْ أَمْ حاوَلت السمو لن تتمكن أن تسمو كإنسانة مستقلة ، ما دامت تخضع لأحكام الرجل في اتِّخاذ طريقتها في الحياة ، وتتبع ما يمليه عليها من أساليب الخلاعة الرخيصة.
فما الذي يمنع المرأة المسلمة اليوم من أن تشقَّ طريقها في الحياة ثقافة وعملاً مع محافظتها على حِجابها الذي يلزمها الإسلام به ؟! ، لا شيء غير غضب الرجال لذلك، وسخطهم عليه، لأنه سوف يحول دون متعة استجلاء مفاتن المرأة ومحاسنها.
فهل السفور من شروط طلب العلم ؟ أو هل الخلاعة والتهتك من شروط الثقافة والتمدن ؟ لا وألف لا ، ليس للسفور ولا للخلاعة أي دخلٍ من قريب أو بعيد في العلم والثقافة ، ويمكن التمييز بينها وبسهولة أيضاً متى ما عادت المرأة المسلمة، وأحست بوجودها كإنسانة لا كأداة من أدوات إرضاء الرجل .
ولكن أعداء الإسلام لن يسمحوا بفرز العلم عن السفور والثقافة عن الخلاعة ، فهم يحاولون بشتَّى الأساليب المُغرية ربط الاثنين معاً ليحطُّوا من شأن المرأة المسلمة ومن مكانتها في العالم .(10)
فالتاريخ يحدثنا عن صفية بنت عبد المطلب بن هاشم وهي زوجة العوام بن خويلد بن اسد وقد شهدت غزوة أحد تطبب وتداوي فلما انهزم المسلمون قامت وبيدها رمح تضرب في وجوه القوم وتقول انهزمتم عن رسول الله فلما رآها رسول الله قال لابنها الزبير بن العوام القها فأرجعها لا ترى ما بشقيقها حمزة بن عبد المطلب فلقاها الزبير فقال يا أماه إن رسول الله يأمرك إن ترجعي فردت عليه قائلة ولم . فقد بلغني انه مثل بأخي وذلك في الله عز وجل قليل فلما أرضانا بما كان من ذلك لاحتسبن ولأصبرن إن شاء الله تعالى فلما جاء الزبير رسول الله واخبره بذلك قال خل سبيلها ، فأتت صفية أخاها حمزة نظرت اليه وصلت عليه واسترجعت واستغفرت له ولم تزد .. هذا كان هو رد فعل مقتل حمزة رضوان الله عليه لدى أخته صفية لأنها كانت مسلمة فانشدت شعراً وقالت :
فـو الله لاأنسـاك ما هبت الصبا * بكاءا وحزنا محضري ومسيـري
فيا ليـت شلوي يوم داك واعظمي * لـدى أضبـع تقتادني ونســور.(11)
فهذه نظرية الدين للمرأة وليس النظرة التي تراها مجرد تسلية وإرضاء للرجل وإنها تباع وتشترى وهذه النظرة هي تبرير لما كان يقوم به حكام بنو أمية وبنو العباس من مفاسد وخلاعة ومجون حيث يذكر التاريخ أن هارون العباسي كان يمتلك من الجواري (4000) جارية ولهذا وضعت هذه الأحاديث المدسوسة للحط من قيمة المرأة وتبرير أفعالهم المنحطة والتي هي كائن بشري وإنساني عظيم عند رب العزة والجلال حاله حال الرجل بل وبالعكس أعطاها قيمة سامية بأن جعلها في أعظم قدر واحترام في صون عفافها وحشمتها.
وهذا الأمام زين العابدين ماذا يقول عن الأم وهي المرأة والتي حباها اله بهذه الميزة والتي يعجز كل الرجال فيقول عنها :وروى ثابت بن دينار ، عن زين العابدين عليه السلام أنه قال :
« وأمّا حقّ اُمك أن تعلم أنّها حملتك حيث لا يحمل أحد أحداً ، وأطعمتك من ثمرة قلبها ما لا يطعم أحد أحداً ، ووقتك بجميع جوارحها ، ولم تبالِ أن تجوع وتطعمك ، وتعطش وتسقيك ، وتعرى وتكسوك ، وتضحّي وتظلك ، وتهجر النوم لأجلك ، ووقتك الحر والبرد لتكون لها ، وانك لا تطيق شكرها إلاّ بعون الله وتوفيقه ».(12)
ونحن قد أوفينا الموضوع من هذه النقطة ولنرجع الى ما نقوم به عملياً ونسأل سؤال لكل العلمانيين وللجميع فهل يسمح الرجل بأن تذهب المرأة لوحدها في مكان يغص بالرجال أو مكان فيه خطورة للنساء أن تكون فيه؟ بالتأكيد سوف لن يسمح وانه سيرافقها خوفاً وحفاظاً عليها وهذه هي القيمومة كما لا يسمح أو يقبل بان ترجع أخته أو زوجته في ساعات متأخرة من الليل حالهم حال النساء في الغرب والذين تعودوا على هذا وتطالعنا كل يوم الأخبار بارتفاع معدلات حالات الاغتصاب ومعها القتل وحتى الولادات غير الشرعية بحيث يكون مجهول الأب والنسب نتيجة لهذا الانحلال الخلقي وعدم وجود الوازع الديني والأخلاقي وبالتالي نشوء مجتمع منحل تشيع فيه الجريمة والأنحلال الخلقي وما حالات القتل التي تحدث في المدارس في أمريكا إلا خير دليل على ما نقوله وهذا ما لا نقبله إن يحدث في مجتمعنا وهذا نابع من تربيتنا الشرقية والإسلامية لأنها تدخل هذه الأمور في خانة الشرف والعرض وبناء المجتمع القائم على القيم والمبادئ السامية .
وأي علماني أو من الآخرين تجده يصرح ويعلن أنه مع تحرر المرأة وضرورة الاحتذاء بالغرب وهو ما أسميه التحرر العبثي مع العلم أنه لا يطبقه على نفسه وعلى بيته وأقاربه والمحيط الذي حوله بالنسبة للعلمانيين وهذا ما نسميه بازدواج الشخصية وهذا ما أشار أليه د.علي الوردي الأب الروحي لهم بقوله [لقد لاحظت بعد دراسة طويلة بأن شخصية الفرد العراقي فيها شيء من الازدواج " ولكنه يستدرك قائلا :" واني وان كنت غير واثق من نتيجة هذه الدراسة "ثم يعود ليؤكد " الفرد العراقي - في هذا - ليس منافقا أو مرائيا كما يحب البعض أن يسميه ، بل هو في الواقع ذو شخصيتين"].(13)
والذي انتقدوا هذه الفكرة وما قاله الوردي حول هذه العبارة ووصفوا هذه الحالة بالتناقض بين الفكر والسلوك المهم فنقول نحن أنه يجب أن نوحد هذه الأمرين لكي تتطابق أفكارنا وبما نقوم من سلوك وان لايوجد تناقض بينهما فنحن نقول أفكارنا بملء أفواهنا ولا نناقضها مع ما نقوم من سلوك وأفعال وقد بينا ووضحنا هذا الأمر بما يخص المرأة والتي سوف نفند كل ما يدعون به من ادعاءات أخرى سواء العلمانيين أو أياً ما يكون في حلقاتنا المقبلة إن شاء
الله إن كان لنا في العمر بقية.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصادر :
1 ـ [النساء: 34].
2 ـ الخصال، الشيخ الصدوق ص 124.
3 ـ [النحل: 90]
4 ـ الاستفتاءات الشرعية في موقع آية الله العظمى سماحة السيد علي السيستناني (دام الله ظله الشريف). باب الضرب الرابط http://www.sistani.org/index.php?p=297396&id=584&page=2&perpage=10
5 ـ للأطلاع على مسك شبكة للدعارة جنوب السويد على الرابط
http://www.alkompis.com/news/swedish/5358/
6 ـ موقع الشيخ د. محمد شعراوي الرابط التفسير الرابط
http://www.elsharawy.com/books.aspx?mstart=1004034&mend=1004036
7 ـ موقع نجوم الرابط http://vb.nejom.com/showthread.php?t=4617
وموقع سيدتي الرابط http://forum.sedty.com/t460051.html
8 ـ [الحجرات : 14]
9 ـ [التوبة : 97].
10 ـ بطولة المرأة المسلمة بنت الهدى فصل المرأة المسلمة والحضارة ص 209 ـ 212
11 ـ نفس المصدر فصل بطولة المرأة المسلمة ص 224 ـ 225
12 ـ وسائل الشيعة 11 : 135 حديث 1 .
13 ـ محاضرة للدكتور علي الوردي ألقاها في قاعة الملكة عاليه مساء يوم الثاني من نيسان عام 1951.