حجم النص
بقلم "ناصر سعيد البهادلي
من الغباء ان نتجاهل مرحلة الديكتاتوريات الفردية -ىالتي بدأ افولها النهائي على الابواب - في استشراف مستقبل المنطقة وانظمة الحكم المرسومة لها ، فلايستطيع احد انكار الدعم الامريكي والغربي لانظمة الديكتاتوريات منذ نشأتها والى يومنا الحاضر ، وهذا الدعم لايتحكم به الا مصلحة الدول الكبرى وسيدة المنطقة دويلة اسرائيل ، ولم نشهد حركات معارضة جادة ومؤثرة في المعادلة ضد الديكتاتوريات الا الحركات الدينية التي انبثقت وتفعلت وتأسست بعد ثورة ايران الاسلامية ، وكعادة الدول المتقدمة التي توجه اي حراك بما يخدم مصالحها طفقت الى وضع استتراتيجية جديدة تلغي بها الانظمة الديكتاتورية المرتكزة على القومية وتحل محلها انظمة دينية تتحرك حراكا يخدم مصالح الدول الكبرى ، وهكذا كان حينما باشرت بتغيير انظمة العراق وتونس وليبيا ومصر ومن ثم محاولتها في تغيير النظام السوري ، ولا احد يأسف او يتحسر على الانظمة الساقطة او التي في فلك السقوط ، وعمليات التغيير هذه بالتأكيد تتضمن مخاطرة جسيمة ومغامرة مدمرة لمصالح الدول الكبرى فيما اذا ترك على عواهنة دون تدجين وتوجيه وبما ينسجم مع مالح امريكا واسرائيل ، وبما يخص العراق كان منهج افتعال وخلق الازمات حاضرا الى حين الانتهاء من رسم السياسة العامة للمنطقة ، وكان الحليف الاكبر في منع خروج العراق من ازماته هي القوى الكردية الموعودة بدولة مستقبلية على انقاض تداعيات وتمزيق المنطقة ، وسياق المواقف الكردية لايترك لنا مجالا الا بالاقرار بهذا التصور ، والمشكلة الحقيقية التي واجهت الكرد في الماضي وستواجههم في المستقبل هي زيف الوعود الامريكية لهم ، اما مايخص الدول العربية التي طالها التغيير كانت جماعة الاخوان المسلمين هي البديل عن الانظمة المتداعية ، وفكر الاخوان القديم كان بعيدا نوعا ما من الاستغراق في الصراعات المذهبية مما جعل الغرب ان ينتدب دول الخليج ولاسيما السعودية وقطر لخلق مزاوجة بين الفكر الوهابي وفكر الاخون لينتج منظومة دينية تضع اولوية الصراع المذهبي والطائفي قبل الصراع مع الغرب ، وهكذا رأينا اقاويل ابن تيمية وفكره تروج اعلاميا وبشكل واسع وعريض على قطاعات المجتمع العربي من قبيل الرافضة اشر من اليهود والنصارى !!! ، وفعلا بعد التغيير لم نجد من انظمة الحكم الدينية الجديدة ادنى موقف يبعث الامل في الامة الاسلامية في موضوعة الصراع الاسلامي العربي من جهة والاسرائيلي الامريكي من جهة اخرى ، وعلى الرغم من تدجين انظمة الحكم الجديدة وفق مصالح الغرب الا ان الغرب لم يكتفي بذلك بل استطاع ان يديم وجود الحركات المطرفة كبديل محتمل فيما اذا نأت جماعة الاخوان المسلمين عن حلبة الصراع الطائفي.....
ونتيجة لهذا التغيير الجديد في المنطقة والذي استثنى مصالح روسيا والصين والقوى النامية في شرق اسيا تبلور محور جديد من روسيا والصين والذي يتوقع انضمام الهند وباكستان وايران اليه لمواجهة سايكس بيكو الجديدة التي لم تترك ادنى حصة من كعكة الشرق الاوسط لغير الغرب....
بين هذين المحورين وجد العراق نفسه وشاء ام ابى ليس امامه الا الانخراط مع احد هذين المحورين ، وحينما نقيم هذين المحورين وفق مصالح العراق وشعوب المنطقة نكتشف ان التاريخ ينبئنا بان المحور الغربي ادهى وامر على شعوب المنطقة بل والتاريخ الاستعماري لا نجده حاضرا الا عند المحور الغربي بينما المحور الشرقي لم يخبرنا التاريخ عن سياسة استعمارية للمنطقة من قبل هذا المحور ....
وهنا لابد من حضور هذا التصور لدى العراق وساسته للسعي حثيثا المراهنة على الحصان الرابح ، وفي تقديري وعلى الرغم من هول قوة المحور الغربي وعلى جميع الاصعدة الا ان السياق الطبيعي لحركة التاريخ ستصيب المحور الغربي بمقتل نهائي وفي المستقبل المنظور .....
أقرأ ايضاً
- أهمية التعداد العام لمن هم داخل وخارج العراق
- ضرائب مقترحة تقلق العراقيين والتخوف من سرقة قرن أخرى
- الأطر القانونية لعمل الأجنبي في القانون العراقي