- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
المغرب يطل على الخليج العربي.. والعراق لا
البصرة التي تتعرق برطوبة الخليج، وتتنشف برياحه الساخنة، لا تطل على الخليج العربي، بينما الاردن، الذي يبعد عن شواطئه ما يربو على الالف كيلو متر اصبح \"بلدا خليجيا\"، اذ تمت الموافقة على طلب هذا البلد الشامي، للانضمام الى مجلس التعاون الخليجي، اثناء القمة التشاورية التي اختتمت اعمالها في الرياض.
الاغرب من ذلك ان مجلس التعاون الخليجي قدم الدعوة للملكة المغربية للانضمام ايضا، والمغرب الذي اعلن عدم تخليه عن فكرة انشاء مجلس المغرب العربي، يقوم بدراسة مشروع الانضمام لمجلس التعاون الخليجي!
وهذا ليس عشو جغرافي بالتاكيد، ولا تزوير في خارطة الشرق الاوسط، بل هنالك اسباب عديدة لقرار منع دول خليجية، وقبول اخرى اطلسية في مجلس من المفترض ان يكون خليجي، اسباب قومية وطائفية وسياسية اكثر منها اقتصادية تنموية.
فاستبعاد ايران، صاحبة اطول حدود مائية على شواطئ الخليج، واستبعاد العراق قد وقفا حائلا دون بناء مجلس تعاون قوي ومؤثر في الاقتصاد العالمي، كون الدول الخليجية الثمانية هي الكتلة الاكبر المصدرة للنفط في العالم، وبامكانها السيطرة على السوق النفطية والتحكم بالاسعار، كما ان تنسيق المشاريع الاستثمارية وتعزيز التجارة البينية من شأنه ان يعود بنتائج باهرة، افضل بكثير مما انجزته منظمة اسيان، اوالاتحاد الاوربي.
وفي المقابل فان ضم الاردن، باقتصادها الذي يعتمد على المساعدات الخارجية (بلغت مليار دولار في العام 2010)، وعلى السياحة الموسمية، ويكافح من اجل تخفيف الضغط عن الموازنة، لا يضيف قوة الى المجلس، بل يشكل عبئا، وعامل ضعف يحسب عليه.
والحال ينطبق على المغرب، وعلى اليمن، المرشحة التالية، مما يهدد بتحميل المجلس هذا اثقالا، قد تعيق حركته، وتودي بنسف فكرته من الاساس مستقبلا.
وكما هو واضح فان الزعماء الخليجيين لا يعتمدون الخطط الاستراتيجية البعيدة المدى، ربما بسبب حالة الحذر وعدم الثقة بالنفس التي تجعلهم لا يثقون بقدراتهم على وضع خطط ثابته ورصينة. وفي المقابل يتبعون الاهداف السياسية الانية لكسب مواقف من بلدان اقل تاثيرا، كل هذا بسبب قراءات اقتصادية خاطئة. يضاف الى ذلك فشل كل من العراق وايران في مد جسور ثقة مع بلدان الخليج بسبب نزاعات قومية عرقية، او طائفية بحتة.
ولعل انتفاضات الشعوب العربية الاخيرة، وتخلي الغرب عن حلفائهم في مصر وتونس واليمن، لصالح انظمة اكثر ديمقراطية، قد اثارت الهلع في العواصم الخليجية، كون مجلمها انظمة ملكية غير دستورية تفتقد الى ابسط الممارسات الديمقراطية، مما زاد في اهتزاز الثقة بالمستقبل، وجعلهم يبحثون عن شركاء سياسيين على عجالة.
واذ يكمل المجلس عامه الـ 30، بعد اسبوعين فقط، ولم يستطع بعد هذا العمر الطويل من استيعاب العراق، جاره الشمالي وشريكه الجغرافي، وايران، الجارة الشرقية المتشاطئ معها على طول الخليج، وراح يبحث عن شركاء في بلدان الاطلسي، فان هذا يعتبر فشل سياسي للقادة في دول مجلس التعاون، ودعوة للمراجعة والتقييم، لأن الفشل المتواصل يضع علامة استفهام حول جدوى استمرارية المجلس اساسا.
ومن اجل انقاذه يتوجب تصحيح مساره من مجلس حماية الانظمة الخليجية الى مشروع اقتصادي مجد لشعوب المنطقة، بدولها الثمانية. والقادة مدعوون لوضع النظارات الطبية والتحديق بالخارطة. وسماعات الاذن ثم الاصغاء لحقيقة ان لدى جزيرة كيش، في جنوبه، ولدى البصرة، في شماله، ما تقدمانه لشعوب الخليج، اكثر بكثير من عمان او الرباط او صنعاء، او الدول العربية مجتمعة.