- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
أيهما أهم الكتابة أم القراءة؟
لماذا نكتب؟!! لو كنت كاتبا، فلا شك أن هذا السؤال قد تسلل إلى خاطرك أكثر من مرة، وربما أنك احترت في البداية في البحث عن إجابة شافية تقنعك بالسبب الجوهري الذي دفعك لالتقاط يراعك والخربشة على وجه الورق..
ونظرا لأهمية هذا السؤال في تحديد غاية الكاتب من تهافته على الكتابة وجدوى ذلك على شخصيته ومجتمعه المحيط، فقد فرد لهذا الموضوع مساحات شاسعة في الصحف والمجلات، وربما أن حديثي هذا لا يعدو كونه مجرد خرزة في مسبحة فكرية ضخمة حاولت أن تحصر هذا الموضوع بكافة تفاصيله.
إن المرء عندما يلتقط قلمه ويشرع بالكتابة بغض النظر عن طبيعة الكتابة سواء كانت نثرا أو شعرا؛ فإنه يكون مدفوعا بهاجس داخلي يلح عليه بأن يترجم أفكاره ومشاعره المتقدة إلى حروف وكلمات..
إنني أشبه عملية الكتابة دائما بالتنهيدة التي لا بد أن تخرج من الإنسان حتى يشعر بالراحة وهدأه النفس. ولعلها كذلك بالفعل..فلو سألت أحدهم عن شعوره عندما ينتهي من التعبير عن تجربة ما بالكتابة، فمن المتوقع أن يبتسم في وجهك منتشيا، ويلوح لك بالورقة التي ترجم فيها شعوره بشيء من الظفر قائلا: \"هنا أفرق شحناتي المجنونة\".
ولعل المرء في طفولته الكتابية لا يكون شغله الشاغل إلا أن يكتب من نفسه لنفسه..وأحيانا قد يدفعه الفضول لسبر آراء الآخرين وخصوصا المقربين منه فيعرض لهم على استحياء بعضا مما يكتب تيمنا بكلمة مادحة تغرس فيه الثقة التي يبحث عنها كي يطور من نفسه ويفكر جديا في نشر ما يكتب..
وغالبا ما يحصل هذا المبتدئ على ما يريد من إطراء يحتفي بكتاباته وإن كانت في مجملها لا تخلو من مجاملة، فيمضي ويغرق ورقه بكل فكرة تأتي بباله..وهذه هي البداية الطبيعية لأغلب من مارسوا الكتابة..
ولكننا لو عدنا للخلف قليلا لوجدنا أننا بحاجة ماسة إلى الإجابة عن سؤال أكثر أهمية وإلحاحا من سؤالنا \"لماذا نكتب؟\"، وهو أن نسأل أنفسنا: \"لماذا نقرأ؟\"..
فالقراءة هي أول درجات السلم الذي يرتقيه الكاتب، وهي المعين الذي لا ينضب للثروة المعرفية واللغوية التي يستقي منها ما يعينه على خوض تجربة الكتابة من كلمات وأفكار..
إن الخلفية المعرفية للكاتب وتمكنه من أدوات اللغة وأسرارها يتيحان له الإبحار في فضاءات أوسع ومجالات أرحب عندما يختار موضوعه، ويشد من أزر مادته استشهاده بما حفظته ذاكرته من خلال مطالعته للتراث اللغوي والتاريخي، فيوحي لمن يقرؤه بأنه ذو ثقافة عالية ودراية مناسبة بالموضوع الذي يطرحه، كما أنه يطور من نفسه باستمرار ويجدد ثقافته وقدرته على التحليل من خلال القراءة المستمرة، وهذا بدوره من أهم عوامل النجاح فيما بعد..
ولعلك تجد أن أغلب كتاب الأعمدة اليومية في الصحف يبتذلون في كتاباتهم إلى حد كبير، وليس ذلك ضعفا متأصلا فيهم..وإنما بسبب عدم توفر مساحة زمنية كافية للكاتب ليتاح له خلالها التعرض لموقف ما يستثير فكره ليكتب عنه، أو قراءة موضوع معين فيحلله ثم يطرح رأيه الشخصي المستمد من ثقافته على شكل مقالة..
ولذلك تجد أن أغلب هذه المقالات لا تعود بفائدة كبيرة على القارئ لأن الهدف منها لم يكن إلا الكتابة لمجرد الكتابة وسد الفراغ اليومي في الصحيفة، وإن تميز بعضها فلأن كاتبها قد صادفه موقف طارئ أو وقع بين يديه بغتة موضوع استثاره فلم يكذب خبرا والتقط قلمه فكتب!!
إن الحديث عن هذا الموضوع الشيق له جوانب متعددة، وتتعدد فيه وجهات النظر المتباينة، وإن كنت حاولت طرح وجهة نظري الخاصة من خلال تجربتي الشخصية، فإنني لم أنس أن أمزجها بما قد سمعته من أصدقاء لي يمارسون الكتابة أيضا، وليست هذه المقالة إلا تلخيصا لمجمل ما مررت به وسمعت..
وعموما ان الكثير من مثقفي العالم اليوم يمارسون فن الكتابة والإبداع بدلا من ان يقراء و لأيا كان فالجميع اليوم ينصب اهتمامه بالدرجة الأولى على الكتابة والنشر بدلا من مراجعة القراءة أولا ولاسيما لعمالقة الإبداع الروائي او القصصي او الشعر او المقال لكننا نطمح الى عالم مثقف ينصف الكاتب ويعطيه حقه فيما يقرءاه .
وعموما أصبح عالمنا العربي يتقدم يوما بعد يوم في مجال الكتابة والإبداع.
أقرأ ايضاً
- أهمية التعداد العام لمن هم داخل وخارج العراق
- الانتخابات الأمريكية البورصة الدولية التي تنتظر حبرها الاعظم
- التكتيكات الإيرانيّة تُربِك منظومة الدفاعات الصهيو-أميركيّة