
مع طرح تحويل مدينة حلبجة من قضاء إداري إلى محافظة، لتكون المحافظة الـ19 في العراق، تصاعدت طلبات من قبل أطراف سياسية عدة في البلاد، باستحداث محافظات جديدة في الطوز وتلعفر والزبير بسلةٍ واحدة، في مشهد ينذر بدخولِ السلطة التشريعية بأزمة جديدة.
وفي هذا الإطار، حذر عضو اللجنة القانونية النيابية، النائب محمد عنوز، الكتل السياسية من العودة إلى سياسة تمرير القوانين ضمن “سلة واحدة”، مؤكدًا أن هذا النهج لا ينسجم مع مبادئ النظام البرلماني.
ويرى مختصون أن استحداث محافظات جديدة في العراق سيؤدي إلى زيادة النفقات الحكومية، حيث سيتطلب ذلك إنشاء مؤسسات ومرافق جديدة، بالإضافة إلى زيادة الرواتب والبدلات للموظفين الحكوميين كما سيؤدي إلى تقسيم الموارد الحكومية بين عدد أكبر من المحافظات، ويؤدي إلى انخفاض حصة كل محافظة من هذه الموارد.
وقال عنوز، إن “النظام البرلماني في الدول الديمقراطية يعتمد تمرير القوانين بشكل منفرد، لضمان الشفافية وعدم تقييد إرادة النواب”، مشددًا على أن “تمرير مجموعة من القوانين في سلة واحدة يعد مخالفة صريحة للممارسات الديمقراطية السليمة”.
وأشار إلى “وجود حراك سياسي يهدف إلى استحداث محافظات جديدة مثل حلبجة، والزبير في البصرة، والفلوجة في الأنبار”، مبينًا أن “بعض الكتل تسعى إلى تمرير هذه القوانين مقابل الموافقة على إلغاء قانون المساءلة والعدالة”.
وأضاف أن “هذه المقايضات تهدد استقلالية التشريع وتفتح الباب أمام صفقات سياسية على حساب المصلحة العامة”، داعيًا الكتل النيابية إلى “الالتزام بالقواعد الدستورية والتشريعية وتغليب المصلحة الوطنية”.
وحذرت كتلة الاتحاد الوطني الكردستاني، في 3 نيسان الجاري، من مواصلة مقاطعتها جلسات مجلس النواب ما لم يتضمن جدول الأعمال مشروع قانون محافظة حلبجة.
هذا وقد تم القراءة الثانية لمشروع قانون استحداث محافظة حلبجة من قبل مجلس النواب ولم يبقى سوى التصويت عليه، الا ان المشروع لم ينال التصويت حتى الآن (وقت كتابة الخبر) لعدم حضور أعضاء مجلس النواب بحجج مختلفة رغم تعهدهم بتمرير المشروع.
وطالب رئيس كتلة بدر النيابية مهدي تقي الامرلي في 27 آذار الماضي، البرلمان بإدراج (قضائي طوز وتلعفر) بسلة واحدة مع قضاء حلبجة للتصويت عليهم لاستحداثهم كمحافظات عراقية.
وجاء هذا المطلب بالتزامن مع مطلب نيابي اخر لتحويل الزبير في البصرة، الى محافظة مستقلة، اسوة بحلبجة، حيث برزت هذه المطالبات بعد وضع التصويت على حلبجة كمحافظة على جدول اعمال جلسة البرلمان.
وتداولت وسائل إعلام صورة الطلب الموقع باسم النائب رفيق الصالحي وعشرات آخرين، وجاء فيها أن “مقومات إعلان محافظة جديدة، من عدد السكان والموارد، متوافرة في الزبير”.
وعارضت حكومة البصرة المقترح بشدة، وقال المحافظ أسعد العيداني، في 24 آذار الماضي، إنه “لن يسمح بتقسيم المحافظة لأنها ليست مجرد وحدة جغرافية، بل مركز ثقافي وفكري عميق، معتمداً على رموز تاريخية شكَّلت هويته”.
ووصف مزاحم التميمي، شيخ قبيلة تميم في العراق، مقترح تحويل الزبير إلى محافظة بأنه “جريمة كبرى ومؤامرة خطيرة تستدعي الوقوف ضدها”.
ويأتي إحياء المقترح هذه الأيام مع تصاعد محاولات حزبية لإقامة إقليم شيعي يضم محافظات وسط البلاد وجنوبها.
وأكد زعيم ائتلاف دولة القانون نوري المالكي، مطلع الشهر الماضي، أن الشيعة سينفردون بالنفط إذا أُجبروا على التقسيم”، كما هدد حسين مؤنس، وهو نائب عن كتائب حزب الله العراقي بـ”استقلال 9 محافظات إذا استمر ابتزاز الشيعة”.
وبدأت عملية تحويل حلبجة إلى محافظة عام 2013، حيث صوت برلمان الإقليم على القرار لتكون محافظة رابعة إلى جانب أربيل والسليمانية ودهوك، ومن ثم دعمت الحكومة الاتحادية السابقة برئاسة مصطفى الكاظمي هذا المشروع، لكن لم يصدر قرارا بشأنها، حتى قررت الحكومة الحالية برئاسة محمد شياع السوداني في عام 2023، تحويل حلبجة لمحافظة، عبر مشروع قانون قدم للبرلمان العراقي.
وكان النائب عن كتلة الاتحاد الإسلامي الكردستاني مثنى أمين، أكد في وقت سابق، أن “هنالك تعاطف مع إقرار حلبجة محافظة جديدة في العراق، لكن هناك حالة استغلال سياسي من قبل بعض الكتل والتي تريد إقرار محافظات أخرى والمساومة حول هذا الموضوع”.
وأضاف أن “رئيس البرلمان السابق محمد الحلبوسي هو من أعاق ملف تحويل حلبجة إلى محافظة وكان لديه تحفظ حول الموضوع، كونه سيفتح الباب للمطالبة بمحافظات أخرى في تلعفر أو سهل نينوى وسامراء، وهذا يؤثر على المكون السُني وعدد مقاعده في الانتخابات”.
يذكر أنه من الناحية الإدارية تم توزيع مناصب المحافظة بين الأطراف الرئيسة في إقليم كردستان الحزب الديمقراطي والاتحاد الوطني وحركة التغيير والاتحاد الإسلامي والجماعة الإسلامية.
وجاءت فكرة جعل حلبجة محافظة تعويضا لها عن التضحيات التي قدمها أهالي المدينة عندما أقدم نظام صدام حسين في آذار عام 1988 بقصف المدينة بالأسلحة الكيمياوية وقتل منهم خمسة آلاف شخص وجرح آلافا آخرين.
وتشمل محافظة حلبجة مركز قضاء حلبجة والنواحي الثلاث (سيروان، خورمال، وبيارة)، وبحسب إحصاء رئاسة البلدية فإن عدد سكان حلبجة ومحيطها يبلغ نحو 200 ألف شخص، فيما يضم مركز قضاء حلبجة 14 ألف أسرة تتألف من 66 ألف شخص.
يذكر أن نوابا كردا، لوحوا مطلع 2024، بالتوجه للمحكمة الاتحادية، في حال عدم تسريع إجراءات تحويل حلبجة إلى محافظة، فيما انتقدوا عدم تعامل البرلمان معها كمحافظة.
أقرأ ايضاً
- آلية جديدة لتنظيم البناء في الأراضي الزراعية
- حول ناحية الخيرات الى قضاء.. مجلس كربلاء يصوت على استحداث (5) نواحي جديدة في ثلاثة اقضية
- العدل : إنشاء 4 سجون جديدة