مازالت المساحات الملوّثة بالألغام في العراق، تختطف أرواح المارين بها أو تقطع أوصالهم، وعلى الرغم من العمل على تنظيف هذه المساحات منذ مدة طويلة إلا أن الملف مازال بعيدا عن الحسم، بسبب قلة التخصيصات المالية وظهور مساحات ملوثة جديدة، وفيما تحدد وزارة البيئة عام 2028 للانتهاء من هذا الملف، يشير المركز الاستراتيجي لحقوق الإنسان إلى أن عدد الضحايا وصل إلى 30 ألفا.
ويقول مدير الإعلام والعلاقات لدائرة شؤون الألغام في وزارة البيئة، مصطفى حميد، إن “إجمالي المساحات الملوثة بالألغام والمخلفات الحربية في العراق وعلى وجه الخصوص بعد عام 2003 أن تبلغ أكثر من 6 آلاف كيلومتر مربع، وأسفرت جهود التطهير محليا وعبر الجهود الدولية عن سلامة حوالي 4 آلاف كيلومتر ليتبقى أكثر من ألفي كيلومتر مربع ملوثة حتى الآن”.
ويضيف حميد، أن “وزارة البيئة تتطلع للانتهاء من خطر ملف الألغام بشكل نهائي خلال السنوات القادمة وتحديدا في 2028 بالنظر للخطة الاستراتيجية المعدة منذ 2023 وهي تشمل بمجملها أكثر من 6 آلاف و500 كيلومتر مربع تم تطهير 4 آلاف منها والمتبقي منها يسير وفقاً للبرنامج”.
ويوضح، أن “محافظات البصرة وديالى وبابل والأنبار تمثل المساحات الأكثر تلوثا بالألغام حتى الآن ضمن خطة التطهير، تقابلها محافظات واسط وذي قار وميسان والمثنى التي تمثل المساحات الأقل تلوثا بنوعية الألغام المعروفة بالذخائر العنقودية”، مؤكدا أن “المتبقي من المساحات المتلوثة بالمجمل هو نحو 2100 كيلومتر مربع فقط”.
ويعرج مدير الإعلام والعلاقات، على ما أسماها “المشكلة الأبرز التي تواجه سرعة الإنجاز بالملف، وتتمثل بالتخصيصات المالية المتوفرة لإدامة زخم العمل وهي من القرض البريطاني الذي تم تقديمه للعراق في الفترة الماضية وبلغت قيمته 400 مليون دولار لدعم جهود الفرق الميدانية العاملة بتطهير الألغام وهي شركات بريطانية مشروط عملها ضمن القرض وهي تقوم باستقدام آلياتها وكوادرها لتنفيذ الأعمال”.
وعما هو خارج القرض البريطاني، يذكر أن “منحة مالية سبقته من وزارة الخارجية الأمريكية للعراق، ودعم دولي متفرق من بلدان أوروبية بين فترة وأخرى لإسناد العراق بالتخلص من خطر الألغام”، مبينا أن “العالم يستشعر منذ سنوات خطورة هذا الملف ويدعم كل الجهود الرامية لتطهير الأراضي في أي مكان”.
يشار الى أن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في العراق OCHA قد أشار في تقرير له نشره موقع (ريليف ويب الدولي) منتصف العام 2024 إلى “تطهير 26 مليون متر مربع في العراق من الألغام والمخلفات الحربية”، مؤكدا أن “تلك المساحة تمثل 20% من المساحة الكلية للأراضي الملوثة بالألغام في البلاد”.
ووفقاً لتقرير نشرته مجلة (فورين بوليسي) الأمريكية في نيسان 2023، تعتبر المناطق الزراعية هي الأكثر تلوثا بين المساحات الملغومة في العراق وهو ما يهدد المزارعين ويمنع استخدامهم لها في مشاريع لكسب لقمة العيش، فيما يؤشر التقرير نسبة 20 في المئة من التلوث بالألغام قرب البنى التحتية ومشاريع الإعمار، كما أكد عدم وجود إحصائية دقيقة أو عدد إجمالي لضحايا الألغام ولكن التقديرات تشير إلى تجاوزهم 10 آلاف قتيل وقرابة 24 ألف مصاب خلال العقدين الماضيين.
من جهتها، تؤكد المتحدثة باسم اللجنة الدولية للصليب الأحمر، هبة عدنان، أن “الأرقام التي تتحدث عن الألغام ومساحات التلوث بها تعتبر متغيرة وليست ثابتة وذلك بسبب اكتشاف أماكن جديدة بشكل مستمر تكون متعرضة للتلوث بالأسلحة”.
وتعزو عدنان، التقدم البطيء في هذا الملف إلى “الافتقار للدعم المالي الكبير وأيضا الآليات والفرق المختصة بشكل مستمر”، فيما لفتت إلى أن “الصليب الأحمر وعبر جهوده المستمرة يقوم بتقديم الدعم لوزارة البيئة بتجهيز أجهزة البحث والكشف عن المتفجرات إضافة لأجهزة الكشف عن المعادن وتنفيذ الحملات التوعوية للسكان”.
وتضيف، أن “منظمة الصليب الأحمر تدعم العراق في هذا الملف أيضاً عبر إيجاد مركز متخصص في محافظة أربيل يقوم بتقديم الدعم للمتضررين من الألغام ومن فقدوا أطرافهم لمنحهم الأطراف الاصطناعية والمساند والكراسي المتحركة”، مؤكدة أن “هذا المركز يغطي الحالات من محافظات نينوى وكركوك وديالى وإقليم كردستان أيضا”.
وتبين عدنان، أن “الدعم أيضا يتمثل بتقديم المنح المالية وإقامة الورش للمتضررين لتهيئتهم نحو فتح مشاريع مدرة لهم كفرصة للعيش الكريم وإكمال حياتهم بشكل طبيعي، إضافة للجهود الداعمة من المنظمة إلى وزارة الصحة في مجال إسناد ذوي الإعاقة المتضررين من الملف ذاته”.
يذكر أن العراق قد أبرم ثلاث اتفاقيات بهدف التخلص من التلوث بالألغام، أولها اتفاقية أوتاوا للألغام المضادة للأفراد، والثانية اتفاقية القنابل العنقودية (CCM)، أما الثالثة هي اتفاقية خاصة بالعبوات الناسفة (CCW).
من جانبه، يتحدث رئيس المركز الاستراتيجي لحقوق الإنسان فاضل الغراوي، عن “تضرر آلاف المواطنين العراقيين نتيجة الألغام في مختلف مساحات العراق وفقدانهم لأطرافهم بالانفجارات، لذا ندعو إلى تكاتف جميع الجهات المعنية بالملف للانتهاء منه سريعا”.
ويضيف الغراوي، أنه “منذ فتح باب التوقيع على اتفاقية حظر استعمال وتكديس وإنتاج ونقل الألغام المضادة للأفراد وتدمير تلك الألغام، المعروفة عموماً باسم اتفاقية حظر الألغام المضادة للأفراد، في عام 1997، صادق 156 بلداً على المعاهدة أو انضم إليها وتم تدمير ما يزيد على 41 مليون لغم من مخزونات الألغام المضادة للأفراد، وتوقف من حيث الجوهر إنتاج تلك الألغام وبيعها ونقلها”.
ويتابع، أن “الألغام والمخلفات الحربية تغطي مساحات كبيرة في العراق التي باتت مدفونة في مزارع وعلى الطرق، وعلى أثرها صنف العراق من قبل الحملة الدولية لحظر الألغام الأرضية باعتباره أكثر دول العالم تلوثاً بالذخائر والألغام، موضحا أن “عدد ضحايا الألغام الأرضية في العراق بلغ أكثر من 30 ألفاً، ووجودها وعدم رفعها في بعض المناطق يعيق عمليات إعادة النازحين وإعمار المناطق وزراعة الأراضي وازدياد نسبة التلوث بسبب الألغام والمخلفات الحربية”.
المصدر: صحيفة العالم الجديد
أقرأ ايضاً
- عشرات الدعاوى القضائية ضد "شبكة التنصت" في بغداد
- يونامي تتضامن مع الضحايا والناجين والناجيات من جرائم داعش وتكشف عن وثائق وادوات تساعد العراق لاستكمال عمل اليونيتاد
- استرداد المطلوبين.. الطريق مازال طويلاً