مضت ستة أشهر على انعقاد مجالس المحافظات، باستثناء مجلسي ديالى وكركوك، فاتخذت قرارات محلية وإدارية، إلا أن قرارا واحدا لم يصدر لغاية الآن بشأن تنفيذ المشاريع الخدمية أو الصحية أو الاستثمارية، وفيما يعزو البعض هذا التأخر إلى عدم حسم الكتل السياسية لاختيار الحكومات المحلية بسبب المحاصصة، يؤكد آخرون أن تداخل الصلاحيات المحلية والاتحادية يعرقل المباشرة بالعمل.
وبهذا الصدد، يقول عضو مجلس محافظة كركوك أحمد رمزي، إن “الكتل السياسية لغاية الآن لم تتفق على صيغة مرضية للجميع والكل يطالبون بمنصب المحافظ، وهذا المنصب في النهاية هو منصب واحد تقسيمه بين الجميع”.
ويضيف رمزي: “على جميع الكتل ترك العناد وتغليب مصلحة أهالي كركوك على مصالحها الشخصية، كما أن اليوم هناك أكثر من 9000 درجة وظيفية متوقفة بسبب هذه النزاعات، وكذلك موازنة العام 2024 لم تصرف للمحافظة بسبب عدم تشكيل المجلس”.
ويؤكد أن “هناك فاسدين لا يريدون تفعيل الدور الرقابي في كركوك، ونحن أعضاء الجبهة التركمانية موقفنا ثابت وواضح حيث قلنا منذ أول يوم، نحن مع شراكة في الإدارة، وكذلك مع تدوير المناصب وليس فقط منصب المحافظ، وأنما جميع دوائر الدولة يجب أن تداور بين المكونات وبحسب الكفاءة والمهنية، لا يمكن أن يحتكر أي منصب لقومية معينة”.
وكانت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات قد أعلنت في 28 كانون الأول 2023، النتائج النهائية لانتخابات مجلس محافظة كركوك، حيث حصل تحالف كركوك قوتنا وإرادتنا على 157 ألفا و649 صوتا وحصل على خمسة مقاعد، والتحالف العربي في كركوك على 102 ألفا و558 صوتا بثلاثة مقاعد، وجبهة تركمان العراق الموحد على 75 ألفا و169 صوتا بمقعدين، وتحالف القيادة على 61 ألفا و612 صوتا بمقعدين، والحزب الديمقراطي الكردستاني على 52 ألفا و278 صوتا بمقعدين، وتحالف العروبة على 47 ألفا و919 صوتا بمقعد واحد، ويبلغ العدد الكلي لمقاعد مجلس المحافظة 16 مقعدا، 11 منها للرجال، وأربعة للنساء، ومقعدا واحدا لكوتا المكونات.
ومنذ ذلك الحين ولغاية الآن لم يتمكن المجلس من عقد جلسته الأولى لاختيار المحافظ ورئيس المجلس ونوابهما بسبب عدم اتفاق الكتل السياسية الفائزة ورفضها التنازل لبعضها البعض لانتخاب المحافظ ورئاسة المجلس.
بدوره، يشير رئيس لجنة التخطيط في مجلس محافظة البصرة أياد عبيد عطية، إلى أن “مجلس المحافظة عندما يريد إعفاء أو تنصيب أحد المدراء العامين يجب أن لا يتعارض قراره مع القوانين والحكومة الاتحادية، فبعد حل مجالس المحافظات السابقة تحولت الصلاحيات إلى الوزارات، وهذا ما يعيق عمل المجالس الجديدة”.
ويوضح عطية، أن “الآلية الجديدة بين مجلس المحافظة والدوائر ذات العلاقة هي أن يقوم المجلس بترشيح ثلاثة أشخاص لمنصب مدير صحة المحافظة ودائرة صحة البصرة هي من تختار أحدهم، لذلك الأمر يتطلب التريث وعدم الاستعجال في إصدار القرارات، ولكن نحن ماضون بالإصلاح السياسي في المحافظة لخدمة المواطن البصري”.
ويتابع “أما الأمور التي تخص المشاريع والإعمار فهناك خطة لدارسة هذه المشاريع داخل المجلس، حيث أن محافظة البصرة سلمتنا يوم الخميس الماضي عدداً من المشاريع، والكثير يعرف أنه بعد غياب ست سنوات لمجالس المحافظات هناك الكثير من المحرومية في الأقضية والنواحي، وهناك نسب إنجاز في المشاريع لا تتجاوز الواحد أو اثنين بالمئة”.
ويؤكد “سيكون هناك توزيع عادل كما أن مركز المحافظة له خصوصية ونحن ندعم المشاريع المهمة فيه، لكن لابد من الإشارة إلى حجم المشاريع لا يتناسب مع تنتجه البصرة من النفط والذي يشكل أساسا لأموال الموازنة الاتحادية”.
وتعد محافظة البصرة الممول الرئيسي لخزينة الدولة العراقية كونها المنتج الأكبر في البلاد للنفط الذي يمول الموازنة الاتحادية بأكثر من 90 بالمئة من إيراداتها، ويشكو البصريون من تردي الواقع الخدمي منذ سنوات عدة وخصوصا فيام يتعلق بالمياه العذبة وتدني إنتاج الطاقة الكهربائي، وتشهد المحافظة في كل صيف احتجاجات شعبية وحكومية جراء ارتفاع درجات الحرارة وتقدم اللسان الملحي الذي ألحقت أضرارا جسيمة بالقطاع الزراعي والثروة الحيوانية البصرية.
إلى ذلك، يؤشر الباحث السياسي أثير الشرع، أن “هناك عدة ملاحظات حول من يرشح لعضوية مجالس المحافظات ومن يتسلم المهام الخدمية في هذه المجالس بدأ من رئيس مجلس المحافظة وانتهاء بالمحافظ، فنحن اليوم ومنذ إعلان نتائج انتخابات مجالس المحافظات لم نرى تقديم أي خدمات، وأن ما قدمه الأعضاء من خدمات قليلة جدا بالقياس إلى ما تحتاجه المحافظات، وبالخصوص العاصمة بغداد”.
ويلفت إلى أن “تقديم الخدمات لدى الكثير من أعضاء مجالس المحافظات يقتصر على الرقعة الجغرافية التي انطلقت دعايته الانتخابية منها ويتناسى مناطق بغداد الأخرى، وهذا الجزء الأعظم في تلكؤ الخدمات في المحافظات أو العاصمة بغداد، مما يخفي ملامح تقديم الخدمة للمواطن في كل المحافظات، ومن هذا المنطلق نرى أن هناك تقاعس كبير للمشاركة في أي انتخابات سواء كانت محلية أو برلمانية”.
ويرى الشرع أنه “لا نستطيع القول إن مجالس المحافظات ناجحة، فلغاية الآن توجد معارك وأزمات داخلها وهناك تصفية حسابات ما بين أعضائها، خصوصا وفي محافظتي كركوك وديالى اللتان ما زالتا بلا محافظ حتى الآن، وعلى الرغم من أن مجالس المحافظات دستورية إلا أنها باتت لا تفي بالغرض ولا جدوى منها، بحيث أن الحكومة الحالية هي من تقوم بتنفيذ المشاريع بدلا من الحكومات المحلية”.
المصدر: صحيفة العالم الجديد
أقرأ ايضاً
- هل ستفرض نتائج التعداد السكاني واقعا جديدا في "المحاصصة"؟
- هل تطيح "أزمة الدولار" بمحافظ البنك المركزي؟
- انتخاب المشهداني "أحرجه".. هل ينفذ السوداني التعديل الوزاري؟