أثار تصنيف رئيس لجنة الخدمات النيابية، بابل كأسوأ محافظة في الخدمات شجوناً لدى أهالي المحافظة الذين وجدوه واقعيا بسبب التردي الخدمي الذي تعيشه أقضية ونواحي المحافظة، واتفق مسؤولون ومراقبون أن عدم الاستقرار السياسي وسوء الإدارة والفساد عطل الكثير من المشاريع الخدمية، فيما أشار مسؤول في بلدية الحلة مركز المحافظة إلى أنها تفتقد للإدارة التي تمكنها من تحصيل أموالها من المركز.
ويقول النائب المستقل عن محافظة بابل، أمير المعموري، إن “لجنة الخدمات النيابية هي لجنة رسمية وعندما تصرح هكذا تصريح يعني أنه جاء وفق تقرير أعدته ضمن زياراتها التي تجريها لمتابعة الخدمات في المحافظات، وتأشيرها أن بابل الأسوأ في الخدمات لم يأت من فراغ إنما وفق بيانات ومؤشرات موجودة هناك”.
ويشير المعموري إلى أن “الحديث عن سوء الخدمات في بابل واقعي، فهناك مشاريع منذ 2008 ولغاية 2024 لم تكتمل، وأن أكثر من 600 مشروع تلكأ وبقيت منها 200 مشروع مازال يعاني التلكؤ منها مشاريع كبيرة، كبناية مجلس المحافظة الذي مازال منذ 10 سنوات شاخصا من دون إكمال، ومبنى المحافظة منذ 2009 ومبنى تابع لوزارة العمل منذ 2011 وهناك مدارس منذ 2011 والمدينة الرياضية منذ 2011 أيضا”، لافتا إلى أن “البنايات المتلكئة كثيرة، وأن هذه المشاريع بعضها وزارية وبعضها على الإدارة المحلية”.
ويتابع أن “هناك مشاريع خدمية أخرى كمشاريع المياه في الكفل والمحاويل ومجمعات ومدارس”، متابعا أن “أكثر من مشروع وزاري معطل كمشروع رقم 1، ومشاريع أخرى على موازنة الأمن الغذائي”، مؤكدا أن “أكثر المشاريع المعطلة تبنتها شركات غير رصينة لا تمتلك الخبرة ولا الكفاءة حتى توقف العمل بها”.
وبشأن عمل الحكومة المحلية الجديدة، يرى المعموري أن “الوقت مازال مبكرا للحكم على أدائها فحتى الآن لم يتضح شيء، لذا يجب أن تكون حاسمة أمام المشاريع وإبعاد المجاملات في العمل لأن من أمن العقاب أساء الأدب، وعلى الحكومة المحلية الحالية ومجلس المحافظة أن يأخذا دوريهما في الرقابة على المشاريع وتنفيذها”.
وكان رئيس لجنة الخدمات النيابية، علي الحميداوي، أكد في تصريح متلفز بعد زيارة اللجنة إلى محافظة بابل أن “المحافظة هي الأسوأ من ناحية الخدمات، لافتا إلى أن المكتمل من مشاريع البنى التحتية فيها هي 15 بالمئة فقط”، فيما أثار التصريح تعليقات ناقمة على الخدمات من قبل أهالي المحافظة.
ويشكو أهالي محافظة بابل من تردي الواقع الخدمي والصحي ما يدفعهم إلى الخروج بتظاهرات بين فترة وأخرى احتجاجاً على استمرار معاناتهم، مطالبين الجهات الحكومية بالإصلاحات للنهوض بالواقع الخدمي للمحافظة.
من جهته، يذكر الكاتب والصحفي المختص في شؤون محافظة بابل، عدنان الحسيني، أن “محافظة بابل ظلمت مرتين، مرة لأن من تولى إدارتها غير أكفاء لا يعرفون عن الإدارة والتخطيط شيئا، ومرة أخرى لأنها كانت محطة للمجاملات والترضية، فمن لم يحصل على استحقاقه الانتخابي من الأحزاب يهبونه بابل ويخولونه بنهب ميزانيتها لتمويل حزبه وكتلته”.
ويضيف الحسيني، أن “أكثر من 12 محافظا تولى إدارة المحافظة منذ 2003 ونحو 80 عضو مجلس محافظة كلهم أثروا على حساب بابل، كان الكثير منهم أدين برشوة وأخذ عمولات من الشركات العاملة في المحافظة والمقاولات، وهكذا ضاعت ميزانيات المحافظة على مشاريع وهمية وفاشلة”.
ويكمل: “أجزم أن تقييم لجنة الخدمات النيابية بأن بابل الأسوأ خدميا لا يحرك شيئا من هذه الأحزاب التي حكمت بابل، إذ باتت لا تتأثر بأي صوت، باستثناء القلة القليلة التي لا تتجاوز أصابع اليد الواحدة”.
وفي شهر أيار الماضي، زار رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، محافظة بابل (نحو 100 كلم جنوب بغداد) فيما عبر مراقبون وناشطون من المحافظة عن خيبة أملهم من هذه الزيارة، خصوصا بعد رصدهم مكائن دارت لطلاء عدد من الأرصفة وهبوط آليات جديدة للعمل في مشاريع متلكئة منذ أعوام استمرت ليوم واحد قبل أن تنسحب بعد الزيارة.
إلى ذلك، يؤكد مسؤول المشاريع في بلدية الحلة، سلوان الأغا، إن “بابل متراجعة في الخدمات والبنى التحتية، فمشاريع المجاري لا تتجاوز 30 بالمئة، وخدمات الشوارع لا تتجاوز 50 بالمئة وشبكات المياه بعضها جرى تنفيذه منذ ستينات القرن الماضي وهي الآن متهالكة”.
ويعتقد الأغا أن “بابل أكثر محافظة تكرست فيها ملامح المحاصصة والفساد، كما أن تعاقب الحكومات وعدم استقرارها إداريا أدى إلى عدم استحصال مبالغها الكافية من المركز، فالأمن الغذائي كانت موازنة بسيطة، وخطة 2023 لا يعرف ما أن كانت ستحصل عليها المحافظة أم لا وكذلك موازنة العام الحالي مازالت مجهولة”.
ويؤكد أن “بلدية الحلة قدمت مشاريع وكشوفات خلال هذا العام، لكن مشكلة المحافظة في من يستحصل لها المبالغ من المركز، فالمدينة لا تزال غير مستقرة سياسيا ومجلس المحافظة في أغلبه غير مختص ويحاول أن يحصل على كسب جماهيري فقط، ولا يعرف لعبة العمل الحقيقي ودهاليز الإدارة الحقيقية ومشاكل التخصيصات المالية، مع أن المحافظة تمتلك نوابا في البرلمان ويحتاجون إلى جهد مكثف”.
ويستدرك الأغا أن “المدن لا تبنى بالكلام ولا بالمخططات والرسومات، بل تبنى بالأموال والمحافظة تحتاج إلى هذه الأموال”، مشيرا إلى أن “موازنة 2023 كانت قد خصصت لبابل 300 مليار دينار، إلا أن ما استحصلته المحافظة هو 70 مليارا فقط، ولك أن تتخيل حجم الإهمال وما ممكن أن يكون عليه المستقبل، لذا فإن بابل يجب أن تأخذ استحقاقها من الأموال وكل كلام غير هذا هو محاولات للظهور الإعلامي لا غير”.
المصدر: صحيفة العالم الجديد
أقرأ ايضاً
- ما أسباب ارتفاع صادرات الصين للعراق.. وكيف تسببت بصعود الدولار؟
- كيف تسبب التوتر الإقليمي بترحيل أزمة رئيس البرلمان؟
- كيف يواجه العراق فقدان 60 بالمئة من أراضيه الزراعية؟