- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
التعريف القانوني لجريمة غسل الأموال
بقلم: القاضي عماد عبد الله
إن اصطلاح غسل الأموال له تسميات متعددة تتراوح بين تبييض الأموال او تنظيفها او تطهيرها، وهي بالنتيجة تسمية موحدة من حيث المعنى والمضمون، إلا أن الفقه الحديث باختلاف اتجاهاته حاول تعريف هذه الجريمة وفقا لأركانها وطبيعة بنيتها القانونية.
ويرجع الفضل في أول تعريف تمت صياغته على صعيد الفقه والتشريع الى اتفاقية الامم المتحدة لمكافحة الاتجار غير المشروع بالمخدرات المبرمة في فينا عام 1988، وقد انضم العراق لهذه الاتفاقية بالقانون رقم 23 لسنة 1996، اما المشرع العراقي فانه في القانون السابق رقم 93 لسنة 2004 لم يعط تعريفا واضحا وصريحا لجريمة غسل الاموال وبناء على ذلك صدر القانون رقم 39 لسنة 2015 المعروف بـ(قانون مكافحة غسل الاموال وتمويل الإرهاب) الذي اشار في الفصل الثاني في المادة الثانية منه الى الحالات التي يعتبر الشخص مرتكبا لجريمة غسل الاموال وهي تحويل الأموال، او نقلها، او استبدالها، من شخص يعلم او كان عليه يعلم انها متحصلات جريمة، لغرض اخفاء او تمويه مصدرها غير المشروع او مساعدة مرتكبها او مرتكب الجريمة الأصلية على الافلات من المسؤولية عنها وإخفاء الاموال او تمويه حقيقتها او مصدرها او مكانها او حالتها او طريقة التصرف فيها او انتقالها او ملكيتها او الحقوق المتعلقة بها، من شخص يعلم او كان عليه ان يعلم انها متحصلات من جريمة واكتساب الاموال او حيازتها او استخدامها، الى شخص يعلم او كان عليه ان يعلم وقت تلقيها انها متحصلات من جريمة.
وتعتبر جريمة غسل الأموال من الجرائم العمدية حيث يقوم فاعلها بإتباع وسائل التمويه والخداع لإخفاء المصدر الحقيقي لأمواله غير المشروعة وذلك بغية تحويلها الى الدورة الاقتصادية المشروعة التي يحميها القانون لاضفاء الصفة المشروعة على تلك الأموال.
إن تحديد الطبيعة القانونية لجريمة غسل الأموال أمر مهم ذلك لان الدراسات المالية والقانونية تعتبر جريمة غسل الاموال ذات تأثيرات سلبية على الاقتصاديات الوطنية نظرا لكونها من الجرائم العمدية المصطنعة حتى ان تأثيراتها الضارة لا تقتصر على الفرد وانما تشمل عموم أفراد المجتمع. فجريمة غسل الاموال كما نعلم يمكن أن تنشأ بداية من سرقة أموال احد الافراد او بيع المخدرات الى أفراد آخرين او من تقاضي الرشا من خلال الوظيفة العامة او من خلال استغلال الوظيفة العامة او من جرائم التهريب. ولكن العبرة هي في توجيه هذه الاموال غير المشروعة بتهريبها مثلا الى البنوك والمؤسسات المالية وادخالها ضمن نشاطها الشرعي الذي يحميه القانون وهنا ستكون الكارثة حيث الارباح الطائلة البعيدة عن سلطان الضريبة والتكافؤ غير العادل على حساب مؤسسات لن تخالف احكام القانون، لذلك يأتي القانون ليضع هيكل هذه الجريمة ويحدد من هو فاعلها ويضع العقوبات المناسبة لها حماية للفرد والمجتمع.