بقلم: زيد المحمداوي
الهند من الدول الكبيرة المستهلكة للبترول في العالم وان تباطؤ او تنمية اقتصاده له التاثير في أسعار النفط العالمية، كما ان من المهم ان نشير الى ان العراق هو المورد الأول للنفط بالعالم الى الهند وانها تستهلك حوالي 5 خمسه مليون برميل نفطيا وبذلك تحتل المرتبة الثالثة عالميا في حجم الاستهلاك.
كما ان تأتي الهند في المرتبة الخامسة بين دول مجموعة العشرين بناتج محلي إجمالي قيمته 3.39 تريليونات دولار، حسب بيانات عام 2022، التي أظهرتها قاعدة بيانات البنك الدولي. ويمثل الناتج المحلي الإجمالي للهند عام 2022 نسبة 3.37% من الناتج المحلي العالمي البالغ 100.56 تريليون دولار.
وصاحَب ارتفاع قيمة الناتج المحلي أداء إيجابي لمعدلات النمو الاقتصادي، ففي عام 2013 كان معدل النمو 6.4% وارتفع إلى 8.3% عام 2016. وبعد تراجع بسبب كورونا، حقق الاقتصاد الهندي عامي 2021 و2022 نموا بنسبة 9.1% و7% على الترتيب.
الهند استطاعت من خلال معدلات النمو المرتفعة أن تخفض من حدة الفقر بنسبة 50%، وارتفع متوسط نصيب الفرد من الدخل القومي عام 2022 إلى 2380 دولارا بعد أن كان 1500 دولار عام 2013.
ولهذا السبب ان الهند يتوقع لها ان تكون اكبر قوة اقتصادية في العالم بعد عدة عقود قادمة والبعض الاخر يتوقع الصين، لكن المؤشرات في الحالتين تبين ان الهند بلد صاعد اقتصاديا لا محالة.
تستهدف الهند أن تكون ضمن الدول صاحبة الدخل المرتفع مع حلول مئويتها عام 2047، ولكن ضآلة نصيب الفرد من الدخل القومي ترجع إلى الكثافة العالية للسكان، فهي الدولة الأولى على مستوى العالم من حيث عدد السكان بنحو 1.41 مليار نسمة، وبنسبة تصل إلى 17.8% من إجمالي سكان العالم البالغين 8 مليارات إنسان عام 2022.
النقطة المهمة في الموضوع ان الهند هي جزء وركيزة مهمه من المحور الشرقي وذراعيه منظمة شانغهاي وتجمع بريكس الذي يمثل القطب العالمي الجديد، لهذا السبب تحركت الولايات المتحدة الامريكية لكسر وتقويض المحور الشرقي بتفتيته من خلال مكون وعضو مهم جدا من المحور وهو الهند، من خلال اللعب على وتر الزعامة العالمية والريادة الاقتصادية بدل الصين وروسيا.
إن قطاع الخدمات الهندي أصبح الأسرع نموا على مستوى العالم ويسهم بنسبة 60% من حجم الاقتصاد الهندي، كما اهتمت السلطات بالقطاع الصناعي، وأطلقت مبادرة "صنع في الهند" عام 2014، ليصبح قطاع الصناعة الهندي واحدا من القطاعات المهمة الجاذبة للاستثمارات المباشرة من كافة دول العالم، وتستهدف الحكومة ليكون قطاعها الصناعي واحدًا من القطاعات المنافسة لأميركا والصين، بحيث تكون الهند مركزًا صناعيا واعدا على الصعيد العالمي.
لذلك في قمة العشرين المنعقدة في نيودلهي، اتفق الرئيس الأمريكي جو بايدن مع الرئيس الهندي والاماراتي والسعودي والإسرائيلي بإنشاء ممر اقتصادي يبتدئ بالهند ويمر بالإمارات ثم السعودية والأردن ثم إسرائيل وميناء حيفاء ثم اليونان وأوروبا.
فكرة الطريق هو لسببين:
1- تقويض وتقليل أهمية طريق الحزام والحرير الصيني.
2- تفتيت المحور الشرقي.
3- المشروع يهدف لزيادة الفائدة الاقتصادية للداعمين للمحور الغربي وابرز تلك الدول هي إسرائيل.
4- زيادة قوة المحور الغربي في منطقة غرب اسيا.
5- تقليل نفوذ المحور الشرقي بالمنطقة.
ان المحور الشرقي كان واضحا جدا في موضوع طوفان الأقصى ووقوفه مع المقاومة الإسلامية وظهر ذلك جليا في استخدام الفيتو ضد المشروع الأمريكي في مجلس الامن الدولي، لكن موقف الهند بالمقابل كان داعما وبكل قوة الكيان الصهيوني ومن خلال تتبع الاحداث الاقتصادية يتبين لنا سبب ذلك وهو ان انتصار المقاومة لا يصب بمصلحة الهند والعكس صحيح.
بعد ان كانت العالقات الهندية الإسرائيلية توصف سابقا بانها (المهمة الدبلوماسية الأكثر انعزالا في العالم)، هكذا عُرِفَت قبل خمسين عاما قنصلية إسرائيل في مومباي بموظفيها الأربعة، للعلم كان محظورا على تل أبيب تدشين سفارة في العاصمة دلهي، ولذلك اقتصرت العلاقات من جهة إسرائيل فقط على المستوى القُنصلي، بينما امتنعت الهند عن إيفاد أي دبلوماسي إلى إسرائيل.
ويعود سبب الفتور بالعلاقات بين الطرفين الى إرث نهرو الذي يُلقي بظلاله، وظلت التزامات القضية الفلسطينية ذات التاريخ الطويل تفرض على الهند بعض الالتزامات رغم كونها بلدا غير عربي أو مُسلم.
وبقيت العالقات مقتصرة على التعامل الاقتصادي وخصوصا في الزراعة دون تبادل الزيارات الكبيرة للرؤساء من الطرفين حتى عام 2017 حيث زار رئيس الوزراء الحالي "نارندرا مودي" تل ابيب و بادله إيَّاها رئيس الوزراء الإسرائيلي "نتنياهو" في العام التالي.
بعد عملية طوفان الأقصى صرح الرئيس الهندي بانه مصدوم من الهجوم الإرهابي من حماس على إسرائيل وصرح وزير اخر من حكومته انه (نعرب عن تضامننا مع شعب إسرائيل).
وخلاصة الامر ان الموقف الهندي اختلف كثيرا بعد عام 2014 أي بعد مجيء أناس للسلطة موالين للغرب وخصوصا بعد مشروع بايدن الاقتصادي ولذلك على محور الشرق إعادة ضبط أعضائه ورص صفوفه وخصوصا ان الحرب الأخيرة وهي طوفان الأقصى جعلته اكثر تماسكا بل عجلت ببلورة القطب الجديد.
أقرأ ايضاً
- في طوفان الأقصى.. الحديث للميدان فقط
- طوفان الأقصى و التأثير الاقتصادي على الكيان الصهيوني
- تاثير عملية طوفان الأقصى على أسعار النفط