بقلم: علي حسين
لا أعتقد أنّ هناك من يصاب بالملل، وهو يتابع أخبار نوابنا الأعزاء، المواطن يشاهد كل يوم المساخر التي تحدث في دهشة وألم وقلق، ويعتقد مثلما تحاول بعض الفضائيات إيهامه، بأنّ هناك مؤامرة على العملية السياسية، ونحن نتفق معهم، نعم هناك مؤامرة، لكنها هذه المرة ليست على العراق وإنما على مضحكات تجربتنا الرائدة في الديمقراطية، وآثار هذه التجربة على المجتمع الذي يصحو كل يوم على أخبار مضحكة من عيّنة ما صرحت به النائبة حنان الفتلاوي بأنها "مسكينة" و"فقيرة" وأن حركتها مستقلة.. يبرع نوابنا، بشتم الاستعمار وأميركا كل صباح، ونقرأ مطولات غزل بيوم السيادة، لكن لا أحد يريد أن يعرف مجموع ما شرِّد من العراقيين، ومجموع ما قُتل على الهوية، ومجموع ما نُهب من ثروات البلاد. ومجموع المبالغ التي حصلت عليها النائبة حنان الفتلاوي منذ أن جلست على كرسي البرلمان.
محزن أن احتجاجات شباب تشرين وتضحياتهم ينتهي أمرها بأحاديث كاذبة عن الإصلاح والتنمية، وعن كتلة برلمانية "لا تهش ولا تنش" فيما السخرية من مطالب الناس هي الحقيقة الوحيدة الثابتة حتى وإن حاول البعض الضحك علينا بتصريحات وشعارات بأننا شركاء في الوطن، فقد أثبتت الوقائع أن معظم مسؤولينا يسعون كل يوم إلى أن يقودوا البلاد والعباد إلى هوة سحيقة.. لقد اتضح للجميع أن لهذا الشعب خصماً واحداً، يجلس تحت قبة البرلمان الآن، يمارس العبث والنزق بمقدرات هذه البلاد.
على لسان مسؤولينا كل يوم شتيمة تلعن الإمبريالية والعولمة والعلمانية. وفي ظن الجميع أن العلمانية هي سبب خرابنا، وليست "حتميات" إبراهيم الجعفري وضرورات مناصب عائلة الكربولي. ما تعارفت عليه الأمم من مفهوم الدولة هو مجموعة عقول تعمل للصالح العام لا لمصلحة أفراد "عشيرتها"، وفي الأنظمة التي تخاف غضبة مواطنيها تكون الدولة هي المسؤولة عن المواطن وأمنه وعلاجه وتعليمه.
ما حدث خلال الأيام الماضية يفضح مخططات البرلمان ويثبت للجميع أن النواب لا يضعون الخطط لبناء مؤسسات الدولة، ولا يسعون إلى إقرار قوانين تصب في خدمة المواطن، وإنما خطتهم الأساسية تحويل العراق إلى شركة استثمارية تصب أموالها في جيوب السادة السياسيين وأقاربهم وأحبابهم، وإلا ماذا نسمي ما جرى تحت قبة البرلمان من فوضى قادها رئيس البرلمان محمد الحلبوسي وهو يلوح بمعاقبة كل من يعترض على قوانين البرلمان "القرقوشية".
دعوني أسأل نواب البرلمان، ما هي الرسالة التي يريدون أن يوصلوها للعراقيين من خلال تقديم نموذج "مسخ" للديمقراطية.
ماذا سيقول المواطن الذي لا يملك ثمن عشاء لأطفاله ويسكن في بيوت من الصفيح في الوقت الذي تحول فيه العديد من اعضاء مجالس المحافظات ومعهم مجلس النواب السابقين السابقين إلى أصحاب ثروات شركات، ولم يسألهم أحد من أين لكم هذا؟.
أقرأ ايضاً
- العراقيون يفقدون الثقة في الديمقراطية
- أعراض مرض الديمقراطية تسبق اغتيال ترامب
- الإبادة الجماعية في غزة ونفاق الديمقراطية الغربية