- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
ليلة النصف من شعبان ظاهرة إيمانية
بقلم:حسن كاظم الفتال
يسعى معظم الناس لإحياء ذكر آل البيت صلوات الله عليهم أجمعين تلبية لنداء مولانا وإمامنا الإمام الصادق صلوات الله عليه إذ يقول صلوات الله عليه : أحيوا أمرنا رحم الله من أحيا أمرنا . وغالبا تدعونا المبادرة لأن نغتنم المناسبات التي تخص آل البيت صلوات الله عليهم حيث أن هذه المناسبات تُعدُ بأنها مناسبات اجتماعية عامة مهمة واستذكارها أو الاحتفال بها لعله يرتبط بجوهر العقيدة الصحيحة الحقة الصادقة ويعبر بها الناس عن أحاسيسهم ومشاعرهم الصادقة وإيمانهم بصدق وصحة وعظمة مضامين وابعاد تلك المناسبات ومعطياتها . ومعظم المجتمعات تعد إستذكارها واحتفالها بمثل هذه المناسبات بأنه تعريف للهوية ودلالة من دلائل تثبيت هذه الهوية .كما يُعَدُ سعيا حثيثا لتخليد حدث أو واقعة أو مناسبة دينية أو تاريخية مهمة وقعت ودونت تخص الدين أو العقيدة أو المبادئ والقيم الإنسانية . ولا غرابة أن نقول أن هذه التجمعات والإحتفالات هي ظاهرة مجتمعية متحضرة سليمة إذ انها تنبثق من الشعور الديني الانساني واهتمام الجمع العقلي ومشاركته بها يُعَدُ علامة تحقق تماسك المجتمع وتفاعل بعضه مع البعض الآخر من ناحية ومع المناسبة من ناحية أخرى وكذلك يوشي بتوافق الراي في الإهتمام والاستجابة للبيئة الصحية العامة ويعكس صورة اعتزاز المجتمع المتحضر غاية الإعتزاز برموزه وتقديسهم وتقديم فروض الطاعة لهم عندما يكونون هم في غاية الإستحقاق لهذا التقديس وكذلك الإعتزاز والاهتمام بكل ما يقع من وقائع وأحداث مشرفة وكل ذلك يعيد حيوية المجتمع ونشاطه ويبرز صورة توحيد المشاعر والأحاسيس والسعي لاقتفاء أثر الأولياء الصالحين والمصلحين الذي خَطّوا سبيل الرشاد ليسلكه العقلاء ويسيروا بالإتجاه الصحيح فتتبعهم الأجيال بتعاقبها ويندثر كل خلل وكلل. حيث أن المجتمع كلما كان متماسكا مترابطا متفاعلا مع أعرافه وأعياده ومناسباته المشرفة تضفي حالة الصفاء وديمومة البهجة المقننة المهذبة مما يخلق التفاؤل لدى الجميع وصفاء النظر إلى مستقبل أفضل. وليس غريبا أن يكون ذلك ميدانا لبروز الطاقات والمواهب والمهارات وتحقيق الرغبات المشروعة والنافعة والمفيدة للمجتمع الحضاري الديني العقائدي فتحقق هذه الطاقات والمواهب الرغبات المشروعة للأفراد والمجتمعات. حين تكون الممارسة وسيلة جذب
لقد صارت ظاهرة استذكارات المناسبات الدينية أو الإحتفال بها من الظواهر المجتمعية الحسنة ومن المحاسن عندما تمارس بالصيغة الصحيحة المقبولة ولعلها تكَوِّن بوصلةً تُعَيِّن السبيل الصحيح والآمن للتوجه وربما تُصبح وسيلة تعريف المجتمعات الأخرى الذين هم من خارج الإطار تعريفهم على الاعراف والتقاليد والمبادئ الصحيحة وتؤدي إلى استقطابهم وجذبهم إليها . ويُعدُ هذا مكسب آخر فضلا عن السعي لبيان وبرهان وإثبات وشرعية هذا الإحتفال والاهتمام والاعتزاز به. على أنه ليس مجرد ممارسة تقليدية أو اعتقاد سطحي هامشي ناتج عن فراغ بل هو حدث عقائدي ديني رباني يرتكز على اسانيد وربما مستمد من مضامين بعض النصوص اما من تلك التي جاء بها القرآن الكريم أو من الأحاديث الشريفة المعتبرة الموثوقة المعتمدة . ولعل من أبرز ما يمثل كل ذلك اهتمام الشيعة والإحتفال بليلة النصف من شعبان التي تعني ما تعني لهم وهي تعني لسواهم أيضا في بعض جوانبها إذ هي ليلة عبادية تؤدى بها العبادات والمناجاة والإتيان بالأذكار والأوراد والأدعية المباركة وغيرها من تلك التي يتجرد بها العبد من توجهاته الدنيوية ويخلص في توجهه لله فحسب ويناجي بها ربه بكل ما يتسنى له وما يتيسر له من توجه ومناجاة خفية تجعله يمتثل إلى إنسانيته الحقة وعند ذاك لا يُخاف منه ولا يُخاف عليه ولعله يقول للشيء كن فيكون .