وينظر مراقبون إلى مذكرة التفاهم البالغة قيمتها 40 مليار دولار، والتي وقّعتها الشهر الماضي شركة غازبروم والشركة الوطنية الإيرانية للنفط، على أنها نقطة انطلاق لتمكين روسيا وإيران من تنفيذ خطتهما طويلة الأمد لتكونا مشاركتين أساسيتين في الكارتل، مع رغبة من الطرفين أن تكون قطر القطب العالمي الثالث في “أوبك للغاز”.
ومن خلال تأسيس منتدى الدول المصدرة للغاز ستسمح “أوبك للغاز” بتنسيق نسبة كبيرة من احتياطيات الغاز في العالم والتحكم في أسعاره في السنوات القادمة.
وتحتل روسيا المرتبة الأولى عالميا من حيث احتياطيات الغاز بما يقارب 48 تريليون متر مكعب وإيران المرتبة الثانية بحوالي 34 تريليون متر مكعب، وهو ما يسهّل تطبيق المخطط.
ويريد التحالف الروسي – الإيراني، كما يتضح في أحدث مذكرة تفاهم متعددة الأوجه بين شركة غازبروم والشركة الوطنية الإيرانية للنفط، السيطرة على أكبر قدر من العنصرين الرئيسيين في شبكة الإمداد العالمية: الغاز الذي يُنقل بَرّا عبر الأنابيب، والغاز الطبيعي المسال الذي يُنقل بحرا عبر السفن.
وقال رئيس اتحاد مصدري المشتقات الإيرانية حميد حسيني، بعد توقيع مذكرة التفاهم بين غازبروم والشركة الوطنية الإيرانية للنفط، “توصل الروس إلى استنتاج مفاده أن استهلاك الغاز في العالم سيزداد، وأن الاتجاه نحو استهلاك الغاز الطبيعي المسال قد زاد، وهم وحدهم غير قادرين على تلبية الطلب العالمي، لذلك لم يعد هناك مجال للمنافسة بين روسيا وإيران”.
وحلل الصحافي سيمون واتكينز في مقال بموقع “أويل برايس” مذكرة التفاهم بين غازبروم والشركة الوطنية الإيرانية للنفط، مشيرا إلى أنها تقوم على أربعة عناصر رئيسية موجهة نحو بناء “أوبك للغاز”.
ويتمثل أحد العناصر في أن عملاق الغاز الروسي المدعوم من الدولة تعهد بتقديم المساعدة الكاملة لشركة النفط الوطنية الإيرانية في تطوير حقليْ غاز كيش وشمال بارس بقيمة 10 مليارات دولار بهدف أن يبلغ إنتاج كل حقل من هذين الحقلين أكثر من 10 ملايين متر مكعب من الغاز.
أما العنصر الثاني فيتمثل في أن غازبروم ستساعد مساعدة تامة على إنجاز مشروع بقيمة 15 مليار دولار لزيادة الضغط في حقل الغاز العملاق بارس الجنوبي على الحدود البحرية بين إيران وقطر.
ويتمثل العنصر الثالث في أن شركة غازبروم ستقدم المساعدة الكاملة على استكمال مختلف مشاريع الغاز الطبيعي المسال وإنشاء خطوط أنابيب لتصدير الغاز.
ويتلخص العنصر الرابع في أن روسيا ستدرس جميع الفرص لتشجيع قوى الغاز الكبرى الأخرى في الشرق الأوسط على الانضمام تدريجيا إلى اتحاد “أوبك للغاز”، وفقا لمصدر كبير مقرب من وزارة النفط الإيرانية.
وتابع المصدر نفسه قائلا “يُنظر إلى الغاز على نطاق واسع على أنه المنتج الأمثل في الانتقال من الوقود الأحفوري إلى الطاقة المتجددة. لذلك فإن التحكم في أكبر قدر من التدفق العالمي لهذا المنتج سيظل محل طلب على مدى السنوات العشر إلى العشرين القادمة، كما لوحظ بالفعل على نطاق أصغر في سيطرة روسيا على أوروبا من خلال إمدادات الغاز”.
ويركز التحالف الروسي – الإيراني على الحصول على الدعم العلني أو الخفي لإنشاء “أوبك للغاز” مع المنتجين الرئيسيين الآخرين في الشرق الأوسط المترددين في الانضمام إلى محور روسيا وإيران والصين أو محور الولايات المتحدة وأوروبا واليابان، وفي مقدمتهم قطر.
ولطالما اعتبرت روسيا وإيران قطر، التي تمتلك ثالث أكبر احتياطيات غاز في العالم تقارب 24 تريليون متر مكعب وتعد أكبر مصدّر للغاز الطبيعي المسال، مرشحا مهما للانضمام إلى منظمة الغاز بالنظر إلى أنها تشترك مع إيران في خزان تبلغ مساحته 9700 كيلومتر مربع ويضم على الأقل 51 تريليون متر مكعب من الغاز و50 مليار برميل من المكثفات الطبيعية.
وتوصلت طهران والدوحة إلى اتفاق تعاون جديد في عام 2017 بشأن الخزان المشترك، ومنذ ذلك الحين تحاول قطر تجنب إغضاب أي محور من المحوريْن.
وتمتلك روسيا وإيران وقطر معا ما يقارب 60 في المئة من احتياطيات الغاز في العالم، وكانت الدول الثلاث قد لعبت دورا فعّالا في تأسيس المنتدى الاقتصادي العالمي، الذي يسيطر أعضاؤه الأحد عشر على 71 في المئة من احتياطيات الغاز العالمية، و44 في المئة من إنتاجه المسوق، و53 في المئة من خطوط أنابيب الغاز، و57 في المئة من صادرات الغاز الطبيعي المسال.
وفي أكتوبر 2008 اجتمعت شخصيات رفيعة المستوى من روسيا وإيران وقطر في طهران لمناقشة التعاون الثلاثي وإمكانية تشكيل كارتل من الدول المصدرة للغاز على غرار أوبك.
ويقول مراقبون إن السبب الرئيسي في عدم تحقيق الفكرة بالكامل يعود إلى عدم رغبة قطر في الانضمام إلى التحالف الروسي – الإيراني.
أقرأ ايضاً
- بوتين: روسيا لا تزال تزود أوروبا بالغاز ولكن العقد سينتهى في كانون الاول 2024
- روسيا توجه رسالة لإسرائيل عن لجوئها للاغتيالات السياسية وضرباتها في فلسطين ولبنان والعراق وسوريا
- اوروبا تحذر من دخول روسيا ودول أخرى في صراع الشرق الأوسط إذا دمرت اسرائيل منشآت إيران النووية