اعتبر موقع "داون تو ايرث" الهندي المتخصص بقضايا البيئة والمناخ، ان اللون البرتقالي الذي عم سماء العراق في الاسابيع الماضية، هو انذار بالخطر حيث تتزايد هذه الظاهرة حدة عما سبق، وهي انعكاس لظاهرة "النينيا" التي تؤثر على الطقس في كل أنحاء العالم وتفاقم من الأعاصير والعواصف الترابية وظاهرة الجفاف، محذرا من ان العراق ستضربه هذه الموجات للعام الثالث على التوالي.
وذكر الموقع في تقرير، ان الخبراء يربطون بين العواصف الترابية المتكررة والحادة في العراق وظاهرة تغير المناخ حيث ضربت أكثر من 8 عواصف ترابية العراق خلال الأسابيع الستة الماضية، وحولت سماءه الى اللون البرتقالي وعطلت مجريات الحياة.
ولفت الموقع إلى أنه تم تصوير السماء البرتقالية في جميع انحاء العراق من خلال الأقمار الصناعية التابعة لوكالة الفضاء الأمريكية "ناسا" الامريكية في 5 و 16 ايار الحالي، عندما اتت عليه عاصفتان كبيرتان، كما منصات التواصل الاجتماعي مثل "تويتر" و"انستغرام" غمرتها صور ومشاهد من هذه العواصف الترابية في العراق.
وتابع الموقع القول "إن منطقة غرب آسيا ليست غريبة على العواصف الترابية التي يمكن أن تسبب مشكلات في الجهاز التنفسي.
ونقل التقرير عن الأستاذ في جامعة تشابمان الهندية راميش سينغ قوله إن "شدتها و وتيرتها، ازدادت في السنوات الأخيرة".
كما نقل التقرير عن دراسة اشارتها الى ان الرياح هي التي ترفع الغبار من حوض دجلة والفرات في سوريا والعراق وتنقله الى الخليج العربي وشبه الجزيرة العربية.
ونقل أيضا عن الاستاذة في مركز ديفيتشا لتغير المناخ في المعهد الهندي للعلوم بريانكا بانيرجي قولها إن العراق، الذي يقع على قمة الخليج العربي ، يساهم في تحديد وجهة الرياح، مضيفة أن موسم الغبار هذه السنة، أكثر كثافة و تواتراً مما هو معتاد سابقا.
واوضحت بانيرجي؛ ان هناك عوامل عدة تؤثر في ذلك، الا ان العنصر الاساسي المساهم هي "النينيا" التي تعتبر ظاهرة مناخية تؤثر على الطقس في جميع أنحاء العالم، وبمقدورها أن تؤثر بمواسم الأعاصير، وتعزز من فرصة حدوث الجفاف في بعض المناطق وتسبب عواصف ترابية شديدة فوق غرب آسيا.
ولفت التقرير نقلا عن خبراء إلى أن "ظاهرة النينيا" كانت موجودة خلال العامين الماضيين، لكن من المتوقع ان تستمر الى العام الثالث ايضا.
وفي هذا الإطار، قال سينغ انه عندما تكون ظاهرة النينيا مستمرة، فإنه يصبح لديك شتاء جاف، ما يمكن أن يؤثر على موسم الغبار في العام التالي، مشيرا إلى أنه ما بين كانون الأول العام 2021 وشباط العام 2022، شهدت المنطقة معاناة من تراجع هطول الأمطار.
ومن جهتها، قالت بانيرجي إن التربة تفقد الرطوبة ايضا خلال "النينيا"، فيما لفت سينغ إلى أن الرمال الجافة ترتفع بسهولة في الهواء مما يؤدي الى حدوث عواصف ترابية.
وأوضح التقرير؛ أن العلماء يعتقدون أن ظاهرة تغير المناخ يمكن أن تكون دافعا مهما في زيادة وتيرة العواصف وشدتها حيث أوضح سينغ ان التغيرات طويلة المدى في درجات حرارة الهواء وهطول الأمطار وسرعة الرياح ورطوبة التربة بسبب ظاهرة تغير المناخ قد يكون لها دور ما في مفاقمة ظاهرة العواصف الترابية.
وبالاضافة الى معدل هطول الأمطار السنوي، فإن التغيرات البيئية مثل جفاف المستنقعات وتدهور الأراضي والتصحر هي المسؤولة أيضا.
ونقل التقرير عن باحثة الشؤون الخارجية في برنامج إيران التابع لمعهد الشرق الأوسط بانفشة كينوش قولها إن الجفاف هو عنصر اخر يتسبب بهذه العواصف، كما أن الانشطة البشرية تساهم بذلك، من خلال إقامة السدود التي تتسبب في إضعاف مجاري المياه في جميع أنحاء المنطقة ، مما يزيد من حدة الجفاف، مشيرة ايضا الى ان "انظمة الري المكثفة المستخدمة على طول الحدود الايرانية العراقية، هي عامل مؤثر ايضا".
وتابع التقرير أن الجفاف الذي يضرب الأراضي العراقية، قد يكون من بين العوامل الاخرى التي تتسبب بتفاقم ظاهرة العواصف الترابية، مذكرا بان العراق خسر نحو 90% من الاهوار بحسب ما خلصت إليه "منظمة ويتلاندز انترناشونال".
ولهذا تقترح كينوش على العراق أن يبدأ بتطبيق ممارسات افضل من اجل ادارة موارده المائية وتبني وسائل ري ملائمة مناسبة من أجل الحد من عدد العواصف الترابية.
الهند متأثرة !
ونقل التقرير عن سينغ قوله إن العواصف الترابية بإمكانها التحرك عبر آلاف الكيلومترات من غرب آسيا للدخول الى الهند اما عن طريق البر أو من خلال بحر العرب، مشيرا إلى أن شبه الجزيرة العربية تمثل أحد المصادر الرئيسية للعواصف الترابية في الهند، موضحا أن رياح الغبار بمقدورها القدوم من شبه الجزيرة العربية إلى الأجزاء الغربية من الهند، وتحديدا الى ولاية راجاستان بعد عبورها ايران والعراق وافغانستان وباكستان، كما أن بمقدور هذه العواصف الترابية الدخول الى ولاية غوجارات الهندية عبر بحر العرب.
كما يحذر الخبير من ان عواصف الغبار هذه بامكانها ايضا ملامسة جبال الهيمالايا والوصول ايضا الى سهل الغانج الهندي أيضا، بالنظر على درجات الحرارة وسرعة الرياح واحوال الارصاد الجوية الاخرى، وقد تصل ايضا الى ولاية اسام الهندية، وجمهورية بنغلاديش.
وفي الختام، فإن سينغ يصف العواصف الترابية بأنها بمثابة "سم بطيء"، موضحا ان الغبار يمكن ان ينقل مجموعة من الملوثات من بينها، المبيدات الحشرية، وذرات المعادن، وجسيمات شديدة الصغر، ومكونات بيولوجية كالبكتيريا والفطريات والجراثيم، وعناصر مسببة للحساسية، بالاضافة الى الغازات.
كما يختتم التقرير بالاشارة الى ان استقرار الغبار على جبال الهيمالايا، يتسبب بظهور خطوط حمراء وبنية على الثلج، وهو ما يؤدي إلى امتصاص كمية أكبر من أشعة الشمس، مما يسرع من ذوبان الثلوج عن الهملايا.
المصدر: وكالة شفق نيوز
أقرأ ايضاً
- صراع دولي وشبهات فساد.. هل تفشل الاتفاقية العراقية الصينية؟
- القائم بالاعمال السفارة العراقية في سوريا: جوازات مرور وسمات دخول واقامات قدمها العراق الى مواطنيه وضيوفه
- هل تحدث فرقاً؟.. جولة تراخيص جديدة للغاز العراقي