بقلم: علي حسين
نصدّق السيد نوري المالكي الذي اخبرنا عام 2016 أن الحل في عبارة سحرية واحدة وهي "حكومة الأغلبية" التي قال عنها في أكثر من حوار إنها: "ستقطع الطريق على المتربصين بالعملية السياسية في العراق". ولم نكن نعرف من هم المتربصون بديمقراطيتنا، فالواقع كان يقول إن الجميع يتنعمون بمذاق الكعكة العراقية، ويتقاسمونها "بالقسطاس".
وكان المالكي يصف حكومة الأغلبية بأنها "سفينة النجاة للعملية السياسية". ام نصدق السيد نوري المالكي الذي يقول عام 2022 ان حكومة التوافق هي وحدها التي ستنقذ العراق ، وان الاغلبية تذهب بنا الى المجهول .
لم تخلُ قضية التوافق والاغلبية من بعض الفكاهة ، ومن هذه الفكاهات المؤلمة ، ان المواطن المسكين يجد ان البلاد تذهب الى المجهول ، وان فكاهيات الانتخابات لن تنتهي ، وان الجميع مصر على ان يحصل على كل ما يريد .
يدرك السيد المالكي جيداً أن الناس كانت تأمل ببناء مجتمع يتسع للجميع، لكن الواقع يقول إن البلاد لم تعد تتسع إلا لأصحاب الصوت العالي، وهذا ما جعل منطق الإقصاء أو الإلغاء يسري في الحياة السياسية التي لم تعد تحمل من السياسة سوى اسمها فقط، حيث تحولت إلى وكالة تجارية تدار بمنطق الغنائم، وإن المعارك التي يخوضها المالكي ومقربوه ليست على بناء نظام سياسي حقيقي، وإنما على من يحصل على امتيازات الصفقة ومنافعها.. وأصبحت السياسة عند البعض تختزل في منصب أو مقاولات أو مقعد في البرلمان.
إن ترديد الشعارات والهتافات لا يطمئن الآخرين، ذلك أن منطق الميكيافلية يتحكم في كل مواقف نوري المالكي، ناهيك عن العتامة التي تخيم على معظم المواقف والضبابية التي اجتاحت معظم خطواته في الحكم.
السيد المالكي.. إن الحوار الحقيقي هو في إشاعة مفهوم المواطنة ومحاربة الفساد وحكم القانون العادل على الجميع، وبغير ذلك فخطبكم وشعاراتكم لن تجلب لنا إلا الكوارث التي ستستمر حتى لو عقدتم مليون جلسة حوار مع رؤساء ووجهاء العشائر، فمن غير المعقول أن القوى السياسية تغل يدها أمام الشعب وتعامله كأنهم مواطنون من الدرجة الثانية. ولهذا كله أرجو من السيد المالكي أن يحسم موقفه ويعلنه بكل وضوح، هل هو مع شراكة حقيقية، أم أنه يسعى لبناء نظام الحزب الواحد والصوت الواحد والزعيم الواحد؟ والأهم من كل ذلك أن يكون مستعداً لسداد ثمن إقدامه على تهميش الآخرين وإقصائهم، وهو ثمن سيكون باهظاً حتماً.
للأسف يعاني السيد المالكي من مشكلة عميقة مع العراقيين، فهم رغم ما يبدونه من إخلاص ورغبة في متابعة خطاباته، لا يبدو أنهم يستطيعون حلّ ألغاز ما يقوله، لذلك نراه بعد كل خطاب "يخرج" من على الشاشة، ليشرح لمستمعيه بإشارة من إصبعه، علّهم يفهمون.