- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
المجلس الحسيني مدرسة تربوية روحية الجزء الرابع
حجم النص
بقلم:حسن كاظم الفتال
حصنوا شعيرتكم من التهالك
وقد ارتبط اللطم على الصدور بنمط أو منهجية أو سياقات ثابتة تداولها الأبناء بعد وراثتها من الآباء منذ مئات السنين بحركات أو نسق يجسد الحزن والألم والأسى حيث ترتفع الأيادي إلى الأعلى وتنخفض بمستوى واحد لتضرب ضربة موجعة على الصدور تفرغ الصدر من شحنات الحزن والألم . وإن السياق الساري باللطم أو الصيغة المتبعة بالأداء ارتبطتا بالتراث الحسيني العقائدي مما دعا لأن يزداد الإعتزاز بهذه الشعيرة والتمسك بسياقاتها والحرص على صيانتها من التحريف أو تبديل الصيغ . وهذا الحرص يقطع الطريق على من تسول له نفسه في ان يسعى لتبديل هذه الصيغ والسياقات وتسخير القضية لصالحه أو تجييرها لمزاجه الشخصي سواءٌ كان شاعرا أو رادودا أو لاطما أو هاويا . فليس من حق أحد أن يُحدِث تغييرات في أصل وجوهر الشعيرة أو تغير مسارها أو تشوه الصورة الناصعة أو تفقدها الحكمية . فإن ما يحدث في بعض مجالس العزاء من ممارسات واثناء اللطم لا يمت لأصل الشعيرة ولا لعنوانها ولا لمبادئها ولا لملامحها الحية ولا لعظمة معطياتها بأية صلة وإن ما نلاحظه في هذه الأيام يظهر أنها تساق إلى مصير مجهول غير مرضٍ . والحسينيون لا يؤيدون ذلك البتة. خصوصا المجالس التي تحضرها أعداد كثيفة والتي يقودها أحدُ كبار الرواديد . ونلاحظ أحيانا حين يبدي بعض المخلصين رأيا يبين الرفض لبعض الممارسات يصطدم بحاجز أنشأه البعض يحاط بمصطلح حديث النشأة ابتكره بعض المناصرين لبعض الأشخاص وهو مصطلح ( خط أحمر ) أي يمنع الإعتراض على فلان أو فلان بسبب حصانته وإحاطته ( بخط أحمر ) رسمه أتباعه ومريدوه وهذا ما يوفر لبعض الأشخاص حصانات لا مبر لها ودون أي أحقية ويمنحهم فرصا ليجولوا ويصولوا في الساحة كيف ما يشاؤون وكيف ما يشتهون متمتعين بحماية غير شرعية فإن المعنى الذي يحدده ( الخط الأحمر ) لا يمكن أن يتمثل به إلا المعصومون صلوات الله عليهم ومنهم الإمام الحسين صلوات الله عليه صاحب هذه الشعائر العظيمة . وكم من العلماء والمحدثين من جهابذة العلم والأدباء وأرباب الفكر والثقافة تلقوا نقدا بناءً أو لاذعا صدر من قبل أناس معينين وتقبلوه بكل رحابة صدر وبكل اريحية . ولم يُحِطْه أحد حينها بخط أحمر .اذ ان الحجية الدامغة لابد ان تأخذ طريقها للتصحيح والتقويم او على أقل قدر للتنويه وللتذكير.
واقصد في مشيك و اغضض من صوتك
فينبغي لنا أن لا نترك الأمزجة تتحكم بأعظم شعيرة من شعائر الله التي هي من تقوى القلوب . فإن تمسكنا بالقيم والمبادئ مما يتعلق بديمومة الشعائر يحتم علينا أن ننبه ونسترعي انتباه من يسهو أن تنتابه الغفلة فيحول شعيرة اللطم إلى مجرد تقليد يتم من خلاله تسويق بضاعة مزجاة تلبي بعض الرغبات لبعض الأشخاص . فيكون الأداء بحركات معينة أشبه بأداء التمارين الرياضية . لتتناسب مع حركات من يعتلي المنبر ويؤدي هو الآخر حركات ما أنزل الله بها من سلطان وإلتواءات وإنحناءات وقفزات لا سابق لها لا من قبل ولا من بعد ثم تتبعها صرخات وأنين طويل مفتعل لا يجدي نفعا. لا تتطابق مع قول الله تعالى : ( وَخَشَعَتِ الْأَصْوَاتُ لِلرَّحْمَنِ فَلَا تَسْمَعُ إِلَّا هَمْسًا ) ـ طه / 108 إن الوجب الشرعي يحتم علينا أن نتذكر ونذكر بأن الساحة الحسينية المشرفة وجدت لبيان الولاء وتصديق المواثيق بكل صدق وعفوية ليست ميدانا للمباراة وللفعاليات ولاستعراض القدرات والمواهب والمهارات والقابليات فقط ومن أجل كسب الشهرة فحسب أو كسب أمور اخرى تنسجم مع أهواء بعضنا. فإن الحسينيين الذين عُرِفوا ووصِفوا بالإخلاص ودافعوا عن كل الشعائر الحسينية وضحوا غاية التضحية من أجلها وعانوا ما عانوا لا يرضيهم أن يقفوا موقف المتفرج على ما يجري أحيانا مما يبعد الإبراقة الحقيقية لصورة تراثنا الحسيني المشعة. إن الشعوب والمجتمعات تحسب التراث بكل مكوناته وتوصيفاته جزءاً مما يرث الإنسان من ماضيه المشرف وتعتز به غاية الإعتزاز وتدافع عنه بشتى أنماط الدفاع فكيف بنا ونحن ندرك تمام الإدراك بأن ما نمارسه يبين عظمة مكانة ومنزلة الإمام الحسين صلوات الله عليه . واما الرادود الحسيني فهو أحد المعنيين بحفظ وصيانة التراث الحسيني من الطمس أو الإندثار أو التهتك وهو من رسل التبليغ العقائدي يُعد ربانا لسفينة شعيرة من الشعائر الحسينية فما عليه إلا أن يكون مثالا للحارس الأمين مدافعا بكل حرص وليثبت مطابقة القول بالفعل .وأن يضع نصب عينيه حرمة وعظمة وقدسية الشعائر الحسينية والحفاظ على ديمومتها بصيغها الصحيحة .