- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
ميدالية العيش في ظل سوء الخدمات
حجم النص
بقلم:غيث الدباغ
انطلق الشعب العراقي الصابر بعدة احتجاجات في السنوات الأخيرة من العقد الالفيني الأول بدأت هذه الوقفات والصرخات الشامخة من العاصمة بغداد منطلقة ومنتشرة بين المحافظات الجنوبية والتي حظيت بتأييد ومساندة ومشاركة من بقية المحافظات.
وكانت آخر موجة احتجاجية انطلقت في شهر تشرين الأول من عام 2019م احتجاجا على تفشي البطالة و استشراء الفساد و سوء الخدمات الحكومية و عدم احترام حملة الشهادات العليا المطالبين بحقهم في التعيين و استمرار منهج المحاصصة بين المكونات و الحركات السياسية الحزبية بأشكالها ، و غيرها من تردي الأوضاع و التي حظيت باهتمام و مساندة و دعم من المرجعية الرشيدة في النجف الأشرف المتمثلة بسماحة السيد السيستاني (دام ظله الوارف) و بدورها كانت تعطي التوجيهات الصحيحة عبر منبر خطبة يوم الجمعة في الصحن الحسيني المطهر، و اطلقت عليها تسمية (ثورة أكتوبر) أو (ثورة تشرين) مقارنة بوقت انطلاقها, و اعتبرت هذه التظاهرة من الاحتجاجات الأكثر اتساعاً وقوة مقارنة بالتظاهرات التي شهدتها البلاد مجتاحة الكثير من المحافظات العراقية و شارك فيها العديد من الأدباء و الفنانين و اصحاب الرأي و النقابات و حملة الشهادات و طلبة الجامعات و المدارس و حصلت على اهتمام كبير من قبل دول المنطقة.
تميزت ثورة (نريد وطن) كما أُطلق عليها ايضاً بالوعي الفكري و الثقافي والحضاري للشعب العراقي و كانت المسيرات فيها منظمة بشكل تكتيكي تحافظ على حرمة و كرامة البلد و المواطن و القوات الأمنية عندما كانت تقاد من قبل الشباب و أبناء الشعب الأحرار المطالبين بحقوقهم فقدموا خلالها الكثير من الاعمال التطوعية و شاركوا الدوائر و المؤسسات الحكومية الخدمية في التنظيف و طلاء و رسم الشوارع و صيانة أعمدة الكهرباء و تنظيم الطرق للمواطنين الحاضرين إلى ساحات الاحتجاجات لتسهيل مشاركتهم في التظاهرات و حمايتهم من قبل القوات الامنية , و لكن بعد ان كادت تلك الثورة ان تحقق اهدافها السلمية المرسومة لها دخل ما يسمى بالطرف الثالث على الخط بعد ان ركب موجة التظاهرات فتداخلت معها جميع الاجندات المحلية و الاقليمية فتم حرف الثورة عن جميع مساراتها فبرزت على الساحة اجندات و اهداف مريبة لا علاقة لها بالثورة اريد لهذه الاجندات ان تظهر الثورة بمظهر اخر غير الذي ظهرت عليه في البداية فانتشرت ظاهرة (ماكو وطن ماكو دوام) التي رافقتها اعتداءات مبرمجة على الحرم الجامعي وعلى تلاميذ المدارس الابتدائية ايضا نايك عن قطع و حرق الشوارع و الاعتداء على القوى الامنية وغيرها من الامور ما ادى سقوط المئات من الشهداء والجرحى بين صفوف المتظاهرين السلميين وبين قوى الامن .
فقد ظل المواطن العراقي يعيش حياته اليومية وسط استشراء الفساد الإداري و المالي و الاقتصادي و تفاقم سوء الخدمات ينتظر من يخلصه من هذه المحنة ، حسب ما رصدت منظمات دولية مثل منظمة الشفافية التي صنفت العراق باعتباره أحد أبرز دول العالم التي ينخرها الفساد
فهذا الشعب ، الصابر ، المجاهد ، العظيم من حقه أن يمنح نفسه ميدالية العيش في ظل أسوأ الظروف و أسوأ الخدمات لما شهده من سنين عجاف طويلة و محن مرت عليه و هو يسكن أرضا يرويها نهران يتمتعان بموقع جغرافي مميز ، و منافذ متعددة و ثروة مائية، أرض تملؤها المعادن و الخيرات و المعالم الاثرية و الحضارية فضلاً عن وفرة الاماكن السياحية الطبيعية و المزارات المقدسة ... والكثير من الخيرات التي لا تعد و لا تحصى.
أقرأ ايضاً
- حرب استنزاف مفتوحة
- الذكاء الاصطناعي الثورة القادمة في مكافحة الفساد
- المرجع السيستاني.. المواقف تتكلم