- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
ادنوا من الحسين عليه السلام دنو المخلصين
بقلم: حسن كاظم الفتال
الحسين صلوات الله عليه مصباح يتوقد في عمق الضمائر
وسفينة تبحر في محيطات الرجاء لينجو من يتعلق بها وتنقذ من أشرف على الغرق أو على جرفٍ هار
الحسين صلوات الله عليه خيرة الله وصفوته ومصطفاه.
صوتُ الحق بل جوهر الحق وأصله
وهو ربيب القرآن بل هو قرآن خَطَتْ آياتِه العصمةُ ورتلتَها الولايةُ التشريعيةُ والتكوينيةُ
هو صلوات الله عليه سر الشهادة بل هو المعنى الجوهري العميق للشهادة
زَيَّنَ صورةَ عمق الجهاد بل هو خلاصة الجهاد ولبُه
هو صفوة اصطفاها الله ليمُنَّ به على الناس كافة إذ هو رحمة ونعمة من نعم الله الذي منَّ بها الله جل وعلا على الناس
وهو روح الإيمان بل الإيمان كله
وهو القائل صلوات الله عليه: (أصبحتُ ولِيَ ربٌّ فوقي، والنار أمامي والموت يطلبني والحساب محدقٌ بي، وأنا مُرتهنٌ بعملي، لا أجد ما أحبّ، ولا أدفع ما أكره، والأمور بيد غيري، فإن شاءَ عذّبني، وإن شاء عفا عنّي، فأيّ فقير أفقر منّي) ؟
هو خير مُعتَصَمٍ للفارين من المعاصي المرديات وخير مجير للمستجيرين الراجين نجاةً من الهلكات
إنه لمن الحسنى أن يتاجر الديانون المُمحَصون بالبلاء مع الحسين صلوات الله عليه تجارة لا تبور إلى يوم الدين يوم توَفى الآجار وتسترد الأثمان
إنما ليعلم المتاجرون أن ثمة بوناً شاسعا بين من يتاجر مع الحسين صلوات الله عليه بتجارة لن تبور عمقاً وباطنا سرا وطوية ليحظى بالفلج في الآخرة والفوز العظيم. وبين من يتاجر بالحسين صلوات الله عليه بغية كسب المنافع الشخصية فلا ينال إلا الخسران المبين ويندرج في قائمة الأخسرين أعمالا!
الحسين صلوات الله عليه مخدوم الملائكة
ثمة تباين واسع وكبير بين من يتواجد بالقرب من بقعة تحتضن جسد الحسين عليه السلام الشريف وتعتنق وهج إشعاعه المقدس ويمكث قريبا بتواجده جسديا فيستثمر تواجده الجسدي الهيكلي ليحقق به مرادا ومغانم ومكاسب مآرب.
وبين من يؤكد وبقرينة واضحة بأنه يغتنم دنوه وتواجده ويجعله دنوا روحيا ووجدانيا وذاتيا وباطنيا وبنقاء وتجرد تام مظهرا به صدق ولائه ويسعى جاهدا لتجديد المواثيق لبيان الولاء الصادق وبعفوية وسلامة فطرة.
ثمة فاصلة كبيرة بين المُطلِقِ على نفسه اسم خادم الحسين صلوات الله عليه ويرفع شعار الخدمة ليُصَيِّر تلك التسمية حينا أو أواناً للتقرب إلى الله وينصهر في بودقة خلوص الخدمة إنصهارا ملؤه الإخلاص والحماس والإندفاع والتجرد من الأنا لا أن يجير هذا العنوان ويسوقه لخدمة نفسه. فيصبح معنيا بظاهر منطوق الآية الكريمة (إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَناً قَلِيلاً أُوْلَئِكَ لا خَلاقَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ وَلا يُكَلِّمُهُمْ اللهُ وَلا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) ـ آل عمران /77
إن من يصبو بتلهفٍ وشوقٍ شديد صادق لأن يلتحق بركب خدمة الإمام الحسين صلوات الله عليه ويدون اسمه فيه. والزاعم أنه متقلد شعار الخدمة ومتمسكٌ به بحق يستلزم إثبات ادعائه إتيان البينة والبرهان وذلك بالفعل بالتصرف والممارسة وعلى الرائين تلك البينة والبرهان بالبصيرة التصديق والتأييد.
والبرهان إبراز أثر إشراق نور الحسين صلوات الله عليه وتوهجه في روحه وذاته وضميره وفي عمق وجدانه.
حيث إنه صلوات الله عليه هو مبدأ للزهو والعنفوان والكبرياء وللفداء والتضحية ونكرات الذات.
وهو صلوات الله عليه مؤدبُ النفوس النقية فمن يؤدبه الحسين صلوات الله عليه حق له أن يفخر وأن يتقدم ركب المؤدبين والمتأدبين
الحسين صلوات الله عليه هو الوسيلة التي يعرج بها الموالي إلى أعالي فضاءات الإحتجاج على الظلم والظلمة والظالمين
الحسين صلوات الله عليه أسمى وأصدق مثال لتحرر النفوس من كل العبوديات
فلندنو من الحسين صلوات الله عليه دنوَ المخلصين بالفكر النير , بالروح , بالوجدان , والهواجس , بالتسامي ونبذ المغريات.
الدنو من الحسين صلوات الله عليه ليس بالمسافات والمساحات والأماكن إنما بالروح والذات والعقيدة والفكر والثقافة.
فلنستلهم من الحسين صلوات الله عليه درسا يسهل تلقينه لنحسن كيفية الإنتفاضة على الباطل حتى داخل النفوس.
لنسعى بالذوبان في مبادئ الحسين صلوات الله عليه بصدق ونتدرع بحبه ونتخذ منه وقاء حق نتقي به قدحات زند الباطل.
فلنبدأ بزند جهاد أنفسنا قبل غيرنا ونفقأ عين الباطل بإشعاع نور الحق.
أقرأ ايضاً
- الرسول الاعظم(صل الله عليه وآله وسلم) ما بين الاستشهاد والولادة / 2
- الرسول الاعظم(صل الله عليه وآله وسلم) ما بين الاستشهاد والولادة
- البكاء على الحسين / الجزء الأخير