تراهم زافات ومجاميع صغار ورضع وكبار، شيوخ وعجائز لا يهمهم طول السفر ولا تعب المسير اوصدوا ابواب بيتوهم وهجروها ليلتحقوا بركب الباحثين عن شفاعة الحسين، كلهم يرددون كلمة واحدة، (كلنا فدوة للحسين) انهم عشاق ابي الشهداء ولانهم متأسين بما وقع من ظلم وجور واعتداء على الحسين واهل بيته واطفاله ونسائه، فشدت العزم الكثير من العائلات لتسير مئات الكيلومترات في طريق يا حسين لتجدد الحزن مستذكرة عودة السبايا من الشام الى كربلاء، ولتحمل مسؤولية احياء أمر اهل البيت تطبيقا لوصية الإمام جعفر الصادق عليه السلام (رحم الله من أحيا أمرنا) جيلا بعد جيل.
زوجين ورضيعين
محمد حاتم من ابو الخصيب الذي يعمل بمهنة (عامل بناء) يترك عمله اكثر من عشرون يوما ليصطحب عائلته المكونة من زوجته وطفليه الرضيعين، حيث يقول انا اسير في زيارة الاربعين من البصرة الفيحاء الى كربلاء المقدسة منذ ثلاثة عشر عاما، لكني قررت اصطجاب عائلتي معي في المسير منذ خمس سنوات لاني اريدهم ان يشعروا بمأساة زين العابدين وزينب عليهم السلام والاطفال والنساء، ولا ابالي ان وقع ضرر علي او على عائلتي فكلنا فداء للحسين، ويتسائل ألم يقدم ابي عبد الله عليه السلام القرابين تلو القرابين من نفسه واخوته وابنائه واصحابه واطفاله بل حتى الرضيع رمى بدمه الى السماء، فما نحن وما قدرنا اما تلك التضحيات الكبار.
واضاف انه وعائلته يوصدون ابواب بيتهم كل عام ويذهبون سيرا على الاقدام هو وزوجته بينما يضع طفليه الرضيعين في عربة دفع، مؤكدا لقد مرت بنا ضروف جوية سيئة وامطار وبرد لكننا نكمل المسير ولا نبالي، بل ان زوجتي تشد عزمي دائما، مشددا انه اسهم في التحاق عائلات اخوته واخواته واقاربه على السير كعائلة كاملة بحافز كبير في زيارة اربعينية الامام الحسين عليه السلام.
من الخدمة الى المسير
هي المرة الاولى التي يخرج بها علي ناصر سائرا من الكرمة وامامه ثمانية من افراد عائلته بينهم والدته وزوجتي اخوته واطفاله الخمسة بعد ان اغلقوا ابواب بيتهم واستعدوا للسفر، وكان قبلها خادما في موكب في قضاء البطحاء، وما دفعه الى اصطحاب عائلته هو تأثره بخطب دينية شرحت المعاناة التي مرت بها عائلة الحسين عليه السلام ومن معهم من عائلات اصحابه واقربائه، فيؤكد انه طرح الامر على عائلته الكبيرة فكانت الاستجابة حاضرة من النساء والاطفال قبل الرجال، مبينا انه يريد ان تتعلم النسوة والاطفال ماهي قصة الحسين عليه السلام وكم عانت سباياه من الظلم والجور ليكون لهم شفيعا في يوم المحشر، مشددا ان اهله علموه منذ نعومة اظفاره على شعائر الحسين عليه السلام في المجالس ومواكب اللطم والتشابيه والزيارات، لافتا الى ان الجيل الجديد من الاطفال والشباب يتعرضون الى هجمات فكرية منظمة تريد حرفهم عن الدين والعقيدة والشعائر وهو بعمله هذا يزرع الهداية والصلاح لاطفاله وعياله.
نجدد العزاء
منذ سقوط النظام المباد في العام 2003 والى الآن تمسكت الزائرة (ام ناجي ) بالسير مشيا على الاقدام الى قبلة الاحرار برفقة عائلتها، التي تقول عنها انها تصحب بنتيها وابنها الصبيان ليعزوا السيدة فاطمة الزهراء والسيدة زينب الكبرى لان هذا اليوم وهو العشرين من صفر يوم تجديد العزاء والحزن والبكاء على سيد الشهداء ابي عبد الله الحسين واخيه العباس وابنائهم واصحابهم، وهو مواساة للعقيلة زينب التي انكسر ظهرها من واقعة الطف، مشيرة الى ان زوجها منتسب في احدى الدوائر الخدمية ويتحتم عليه المبيت فاعطانا الاذن بالذهاب سيرا على الاقدام الى مدينة الشهادة البطولة وكلنا فداء للحسين.
معاقين وعجوز
أما السيدة (أم علي) فأمسكت بأبنها كاظم بيدها اليمنى وفاطمة باليسرى ووضعت صغيرتها سارة في عربة وصاحبتها عمتها فيما سبقها زوجها بمسافة، سقطت دموعها ونحن نسألها عن سبب اصطحاب افراد عائلتها لاسيما الاطفال وهي تجيب (هو اكو بشر ما يلين قلبه لمصيبة ابو عبد الله)، مؤكدة اننا نعلن صرختنا بوجه الظلم والجور الذي تعرض له امامنا الحسين عليه السلام وكل من كان معه وعلى كل ظالم في كل زمان ومكان وعلى اعداء اهل البيت الذين تلبسوا بلباس الدين وهم في عهدنا الحاضر الارهابيين من عصابات داعش، مبينة كما كانت امي تصحبني وأنا طفلة صغيرة في الزيارات الى مراقد اهل البيت انا الان اقود ابنائي وبناتي بالرغم من ان اثنين منهم معاقين ولا يستطيعون النطق.
فيما تؤكد عمتها (أم حسين) العجوز التي تجاوز سنها عتبة السبعين عاما، انها تسير سوية مع قريبتها (ام علي) منذ احد عشر عاما الى كربلاء لانها اخذت العزم من راعي الشجاعة الحسين عليه السلام ولا تبالي بالتعب والحر والمطر والبرد، فهو امامنا وقضيته نجدد عهدها بالحزن والمواساة كل عام، وترفع يدها الى السماء وتقول اللهي لك الحمد والشكر اني افنيت عمري في محبة محمد وآل محمد وانت تعلم اني مريضة وفقيرة لكني فداء لمولاتي زينب وتكفكف دموعها بطرف عبائتها.
قاسم الحلفي - ذي قار
تصوير: عمار الخالدي
أقرأ ايضاً
- فاطمة عند الامام الحسين :حاصرتها الامراض والصواريخ والقنابل.. العتبة الحسينية تتبنى علاج الطفلة اللبنانية العليلة "فاطمة "
- العتبة الحسينية اقامت له مجلس عزاء :ام لبنانية تلقت نبأ استشهاد ولدها بعد وصولها الى كربلاء المقدسة
- بركات الامام الحسين وصلت الى غزة ولبنان :العتبة الحسينية مثلت العراق انسانيا(تقرير مصور)