حيدر حسين سويري
جاء في الحكمة: العهدُ وفاء"، لذا كان الإيفاء بالوعد وإنجاز العهد من أخلاقيات الأمم المتحضرة، كما دعمت ذلك الأديان السماوية وغير السماوية، لأن الوفاء من فضائل الأخلاق.
ليس الأمرُ بالطبع إختيارياً، أن يفي المرءُ بعهدهِ أو لا يفي، بل هو واجب ولازم في شتى الشرائع والقوانين، وكوننا مسلمين فإننا نعلم أن الإسلام جعلهُ لزوماً آكداً، قال تعالى(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَوْفُواْ بِالْعُقُودِ)، (وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُواْ)؛ لكن وفاء العهد قد صار(مع تدافع الناس وفساد السلوك) من نادر الشيم ومغترب الصفات، فلا تكاد تجد في الناس وفيًا بعهده مستمسكًا بوعده، إلا القليل النادر من أصحاب القيم والمبادىء والتقى، حتى صار الوفاء بالعهد من شيم النبلاء بالفعل، وفساد العهود وخيانتها مفسد للمجتمعات، يقتل الثقة بين الناس، وينشر الخيانة ويضيع الأمانات، وهذا ما شهدناه وعشناه واقعاً مريراً في العراق، فملفات الفساد يتكلم عنها القاصي والداني، حتى بات المسؤول يظهر عبر القنوات الفضائية، بكل جرأةٍ ووقاحة، ليتكلم بفسادهِ وسرقاتهِ ويعترف بتقصيره!
بعد كُلّ هذا يتم تكليف السيد عادل عبد المهدي، الرجل الذي لا يحتاج إلى تعريف بشهادتهِ التخصصية في الاقتصاد السياسي، وكذلك بمنجزهِ في الوزارات التي لزم زمام أمرها في التشكيلات الحكومية السابقة؛ يأتي هذا الرجل ليواجه كُل هذه المشاكل محاولاً معالجتها، وليس وضع الحلول والخطط فقط، لكي تبقى حبراً على ورق، ليتحجج كما السابقين بوجود المعوقات التي تقف كحجرِ عثرةٍ في طريقهِ، فهو إن فعل هذا كان كمن سبقهُ، ولا فائدة من وضع الخطط إذا لم تدخل حيز التنفيذ.
لكن للأمانةِ نقول: إنَّ أهم عقبةٍ سيواجهها عبد المهدي والتي يجب على جميع القوى السياسية أن تقف معهُ لإجتيازها هي عقبة السلاح خارج اطار الدولة، فبتجاوز هذه العقبة سيتم القضاء على كثير من المشاكل إن لم نقل كُلها، فضعف أجهزة الدولة وفساد مؤسساتها سببها الرئيسي هو أعمال الجماعات ذات الأسلحة خارج القانون..
وعد عبد المهدي سابقاً بإعطاء حصة نقدية شهرية لكل فرد عراقي من واردات النفط، لذا أُطالبهُ بالإيفاء بهذا الوعد، كمبادرة لرفع دخل الفرد العراقي، ولزيادة ثقتهِ في المسؤول، ولتفعيل إحساس الإنتماء لديهِ؛ نتمنى أن يصل كلامنا لجميع من شملهم مقالنا هذا.