عباس الصباغ
ليس من الحصانة الامنية ولا من الحصافة السياسية اعتبار المعركة ضد تنظيم داعش قد وضعت اوزارها، وان كانت الصفحة العسكرية مع هذا التنظيم القروسطي المتوحش قد اوشكت على الانتهاء بعد سحق ماتبقى من فلوله وامساك الحدود العراقية ـ السورية وتطهير حواضنه الداعشية التي كانت يعشش فيها مريدو هذا التنظيم طيلة ازيد من ثلاث سنين من جثومه على صدر الوطن، والمعركة معه لها صفحات عدة منها الميدانية ومنها الاعلامية ومنها الإلكترونية ومنها السياسية والاهم من كل ماتقدم هي حرب تطهير الحواضن التي هي الصفحة الثانية والمكملة للحرب العسكرية، وبعد ان حُسم النصر الناجز للعراق بالتضحيات الجسام لكافة الصنوف القتالية التي صنعت لنا النصر يتوجب علينا كعراقيين اكمال مستلزمات هذا النصر ولكي لاتضيع ثماره ادراج الرياح فيستوجب احتواء المناطق التي كانت في الواقع حواضن لداعش الذي يحاول وبشتى الطرق ان يعوّض هزائمه في جبهات القتال ويقلّل من آثارها الصادمة على نفسيات اتباعه ليرفع من معنوياتهم وليكسب المزيد من التمويل والتجنيد والدعم المادي واللوجستي والفتوائي والاعلامي من امتداداته الاقليمية والعالمية، ويسعى ايضا الى ايصال رسالة مفادها بانّه مازال تنظيما أخطبوطيا يتمدّد وله أذرع ضاربة في كل مكان في العراق ولتفنيد نظرية وجود مناطق آمنة "نسبيا " لاسيما في وسط العراق وجنوبه فهو يجنِّد حواضنه ويسيّر خلاياها "النائمة" ويبرمجها لأجل ذلك. لذا يجب اعادة تأهيل الحواضن الداعشية تأهيلا تربويا وسيكولوجيا جذريا لإرجاعهم الى الصف الوطني وليكونوا مواطنين صالحين أسوة بأقرانهم العراقيين الشرفاء واجتثاث الفكر الداعشي التكفيري من عقولهم وبدون هذا التأهيل والقضاء على الخلايا النائمة والعثور عليها في الوقت المناسب وببرامج سيكلوجية تهذيبية بالاستعانة بالدول التي مرت بتجارب مماثلة، سيبقى الخطر الداعشي يتغلغل في مدننا الآمنة حاصدا كل يوم مايشاء من ارواح المدنيين الابرياء، وماحصل في الكاظمية وساحة الطيران مثال واضح على تغلغل تلك الخلايا (اليقظة في الاساس) وترابطها العضوي مع داعش الذي مكّن لها اداء هذه السيناريوهات الدامية التي تتكرر كل يوم وفي كل مكان وبعمليات ارهابية نوعية مؤسفة يسقط جرّاءها الكثير من الشهداء والجرحى، وتشي عن قصور واضح في المجال الاستخباري والامني الاستباقي.
ماحصل في ساحة الطيران التي شهدت اعمالا ارهابية مماثلة عندما كانت القاعدة وداعش فعالتين وفي اوج قوتهما، يعد نتيجة طبيعية اذا لم تتم المعالجة الفورية لاجتثاث الفكر الداعشي والبعثي وتنقية الحواضن نهائيا منهما فالى متى تبقى الضبابية والشبحية تحوم حول "الفاعل" المستتر؟ فالمجرم في الكاظمية والطيران وغيرهما مهما كانت هويته؟، لم يكن فاعلا وهميا، بل فاعل معروف ومكشوفة اجندته ومآربه ومازال يمارس ارهابه في حواضنه بمعية خلاياه النائمة والمتكونة من بقايا حزب البعث المحظور ومن تتفق أيدولوجيته المريضة مع ايدلوجية داعش (وقبلَه القاعدة) وتتساوق اهدافه واهدافَ داعش في زرع الرعب والدمار في العراق.
علما ان داعش غيّر من تكتيكاته اذ لم يعلن عن مسؤوليته عن تفجير الطيران وان كانت بصماته واضحة على مسرح الجريمة التي تكررت لآلاف المرات ولكن استراتيجيته التدميرية بقيت تشير بوضوح الى الجاني فيجب على القوات الامنية ان تتدارك ثغراتها التي تمكّن داعش وخلاياه النائمة او "ذئابه" المنفردة من النفاذ منها ويجب تطهير ماتبقى من الجيوب والبؤر البعث / داعشية لاسيما في حزام بغداد.
أقرأ ايضاً
- لولا السلاح (الفلاني) لما تحقق النصر على داعش في العراق
- مَن يرعى داعش في العراق؟
- علاوي يكشف لأول مرة مجموعة من الاسرار بشأن داعش