بقلم: محمد حسن المهندس
كالعادةِ وبِلا هوادةِ تعالتْ الأصواتُ وتوالتْ الانفعالاتُ، بينَ منددٍ ومؤيدٍ وثالثٍ بالصمتِ مقيدٍ. على إثرِ ما دارَ في محافظةِ كربلاءَ المقدسةِ مِن انتشارِ لافتاتٍ عُنوِنتْ بــ "قانونِ قدسيةِ كربلاءَ المقدسةِ" وذُيلَتْ بــ "اللجنةِ المشرفةِ على تفعيلِ قانونِ قدسيةِ كربلاءَ".
الكلامُ ليسَ حولَ تفعيلِ وتطبيقِ القانونِ آنف الذكرِ ومدى فاعليتِهِ، بل حولَ ما صدرَ مِن بعضِ الكتّابِ والمواطنينَ مِن اعتراضاتٍ وانتفاضاتٍ على تشريعِ القانونِ زعماً منهم أنَّه من القوانينِ المحليةِ والغيرِ دستوريةِ، فدعا بعضٌ منهم إلى الالتزامِ بالقوانينِ القضائيةِ المركزيةِ المقررةِ مِن قبلِ مجلسِ النوابِ حصراً وسعى آخرونَ إلى محاسبةِ ومطالبةِ مجلسِ المحافظةِ بتنفيذِ ما قطعوهُ من وعودٍ والتزاماتٍ سابقةٍ تجاهَ المواطنينَ قبلَ البدءِ بإصدارِ هكذا قوانينَ، غافلينَ أو متغافلينَ أنّ ما وردَ مِن نصوصٍ هي مقتبسةٌ من قانونِ العقوباتِ العراقي رقم (111) لسنةِ 1969 م، مثل المادةِ (389) و (403) و (404) وغيرها من الموادِ.
علماً أنّ هذه الموادِ ساريةُ المفعولِ وواجبةُ التنفيذِ حتى الآنَ، والقاضي ملزمٌ باتباعِ ما وردَ فيها وعدمِ الانصياعِ والاستماعِ إلى ما يطرحُ من أهواءٍ شخصيةٍ، وتطبيقُ هذهِ القوانينِ غيرُ مختصٍ بالأماكنِ المقدسةِ فقط بل عمومِ العراقِ كما وردَ في المادةِ (6) مِنه.
والجديرُ بالإشارةِ أيضا أنّ الجهةَ المعلنةَ والمروجةَ أوردتْ في حاشيةِ اليافطاتِ مصدرَ هذهِ النصوصِ القانونيةِ.
هذا التصرفُ وغيرُهُ من التصرفاتِ دليلُ تخلفٍ ومصدرُ تخوفٍ مِمّا آلَ إليه عشّاقُ الجدالِ وكتّابُ المقالِ، المكثرينَ من التربصِ والإشكالِ والمقلّينَ من التفحصِ والسؤالِ.
أما القوانينُ فهي ليست إلا دعوة للالتزامِ بالأخلاقِ الإنسانيةِ والحضاريةِ والحفاظ عليها مِن سطوةِ دعاةِ التجديدِ والثورةِ على التقليدِ، المنادينَ بالحريةِ الشخصيةِ والمعادينَ َلمبدأِ الخصوصيةِ، حريةٍ تتعدى حرياتِ الآخرينَ وتتحدى فقراتِ القوانينِ، حريةِ شذاذِ الأذواقِ وممسوخي الأخلاقِ سراقِ السكينةِ والطمأنينةِ.
درأَ اللهُ عنّا وعن الجميعِ التزمتَ والتعنتَ.