بقلم:د. غالب الدعمي
تطورات سريعة وتظاهرات عارمة تجتاج مدن كردستان، وجموع الناس الغاضبين تهاجم مقرات الأحزاب السياسية من دون تمييز، وغلق فضائيات واعتقال ناشطين ونواب ونيران الفتنة تزحف مسرعة نحو كردستان، والأسايش يقتلون خمسة مواطنين ويجرحون العشرات والقوات الحكومية تعلن جهوزيتها التامة للوقوف مع المتظاهرين ونصرتهم ومنع التجاوز على حقوقهم الدستورية، وأصوات شعبية تطلب من العبادي التدخل لانقاذهم من الاحزاب الحاكمة في مشهد لم تألفه كردستان من قبل، وكأن كاوة الحداد يُنتج ربيعاً جديداً.
والاحتمالات غير محسوبة في ظل تردي الوضع الاقتصادي، وتوقف النشاط التجاري وتسريح آلاف العاملين في قطاع السياحة، وتأخر تسليم الرواتب للموظفين، وتراجع الواردات المالية للإقليم بسبب غلق المطارات، وبسط سيطرة الحكومة الاتحادية على حقول النفط في كركوك وسهل نينوى.
وفي ضوء هذه الفوضى العارمة في كردستان العراق وغير المحسوبة في نتائجها تبقى الاحتمالات واردة لا سيما وأن ثمة إصرار من قبل حكومة الإقليم على الاستمرار في توجيه الاتهامات للحكومة الاتحادية، وعدم الاستجابة لشروطها التي تقضي بالسيطرة على المطارات والمنافذ الحكومية، وتسليم النفط المنتج في الإقليم إلى شركة سومو، وإلغاء نتائج الاستفتاء صراحة مقابل ذلك يكون بإمكان موظفي الاقليم استلام رواتبهم كاملة من بغداد، إلا أن حكومة نجيرفان برزاني تعمل على تجاهل مطالب الحكومة المركزية وتوجه رسائل استفزاز مستمرة، ومنها مناقشة مشروع قرار في برلمان الإقليم ينص على إلغاء الاحتفال بمناسبة عيد الجيش العراقي واصفين إياه بالمؤسسة العدوانية التي تستهدفهم.
وأمام هذه المعطيات نطرح استقراءات عدة لما سيجري في كردستان العراق، ومنها سقوط سلطة الحزبين الرئيسيين وصعود أحزاب فتية بوجوه جديدة، ومحاكمة رئيس وأعضاء حكومة كردستان، كما أن هناك استقراء آخر يحدث في حالة تفاقم الاوضاع في الإقليم إلى المستوى الذي يمنح الحكومة العراقية المبررات لبسط سيطرتها على مناطق الإقليم وسط ترحيب شعبي من مواطني كردستان، واستقراء ثالث يتعلق بسيطرة القوى المتشددة على الأمور، لاسيما وأن أبرز قادة داعش هم من القومية الكردية ولهم أنصار في مناطقهم، فضلاً عن أن بعضهم يعمل ضمن خلايا نائمة وينتهز الفرصة المناسبة للانقضاض على مقاليد الأمور، وتساعدهم في ذلك الطبيعة الجغرافية التي توفر لهم فرصة تمترس في الجبال بعد نشر الفوضى والدمار في محافظات كردستان، وفي حالة حصول مثل هذا الشيء فأنه يصب في مصلحة الفريق المناهض الى كل من تركيا وإيران، وقد لا يتحقق كل هذا الذي استقرأناه ويمكن للشرطة والأسايش بسط سيطرتهم على التظاهرات عن طريق استخدام القوة المفرطة وإخماد الاحتجاجات وإنهائها، لكن يبقى كاوة الحداد حاضراً وإن تم وأد تظاهراته.
أقرأ ايضاً
- احتفال بيوم الربيع بدأ من العراق واعتمدته الأمم الأخرى رأساً لسنتها الشمسية؟
- الربيع العراقي يصنع الحكم الرشيد
- الربيع العربي بنسخته الثانية