بقلم:هادي جلو مرعي
يحكم الدكتاتور وتنتهي مدته فيزول ويتحول الى ذكرى وتذكارات، يمقته الناس لسنوات ويتحدثون عنه بحقد بعد سنوات من زواله، لكنهم يعودون فينشغلون بالأحداث والبلاوي التي تتكدس وتنقض على رؤوسهم، ثم تأتي أجيال لاحقة لاتعرف من الدكتاتور سوى الإسم وبعض المعلومات على شبكة الأنترنت، ثم لايجدون غضاضة في بيع صوره كما فعل الألمان مع هتلر والطليان مع موسوليني، ومع غيرهم مع الطغاة والجبابرة الذين تنقضي مددهم في الحياة فيتحولون الى ذكريات وحكايات تتناقلها وسائل الإعلام والمنتديات، وقد يتحول الدكتاتور الى شخص مغلوب على أمره، فحين طغى العباسيون بعد أن ثاروا على طغيان الأمويين قال بعض المسلمين، مافعل بني أمية عشر معشار، مافعله بنو العباس في الناس.
يأتي خلفاء الدكتاتور وهم يحملون شعارات براقة بألوان وأشكال زاهية فيمسكون بالسلطان تحت شعار، حماية المغلوبين على أمرهم والمستضعفين في الأرض، وبمرور الوقت وحين تستقر لهم الأمور وتستقيم ويمسكون بتلابيب المناصب والمكاسب ويبدأ الزمان بالتغير لصالحهم، وتفتح لهم الدنيا ذراعيها مثل غانية مسربلة بالحرير ومنتعشة بالعطور وبجسدها المثير لايعودون يتذكرون زمن الدكتاتور ورويدا رويدا يتحولون الى صورة عنه وخلفاء حقيقيين له يسيرون على نهجه وهم يحملون شعار الحرب على ذكراه مثلما حاربوه حين كان قويا وهم في المنافي يشتمون ويكتبون ويعملون ويهيئون أسباب الثورة عليه بشعار، يالثارات الشعب، ويالثارات المحرومين.
حين يساق الدكتاتور الى جهنم يصاب بالذهول أول دخوله وهو يرى في النار أناسا تركهم معدمين في الحياة، وكانوا ضحايا له وهاربين من يديه وسلطانه، ولم يكن يدري مافعلوا من بعده حين خلفوه في البلاد والعباد وحين سادوا ومادوا وتمكنوا وتحكموا، فيتعجب ويسأل زبانية النار، وهو يشك في عدل الله، كيف دخل هولاء النار، وقد كانوا يبتهلون الى الله أن يخلصهم مني ومن شروري وطغياني؟ فيرد الزبانية، أنت لاتعلم مافعلوا من بعدك، فأنت سرقت بعض المليارات، وهم سرقوا كل المليارات، وأنت أذقت الشعب مرارات وخسارات، وهم تفننوا من بعدك في صناعة الفوضى، وغلبوك فيها وأبدعوا، فهم وأياك في النار، فكل من يمسك بالسلطة يتحول الى جبار، وينسى هموم وغموم العوام، ولايعود يتذكر سوى نفسه وسلطانه ويعيش ليحكم ويتنعم، بينما يعاني المواطنون من الفقراء والمستضعفين الذل والهوان وليس لهم غير الصبر، أو الثورة، فإذا ثاروا فقد ينتصرون، أو أن تقمعهم قوة جبارة، أو ينتصرون فيمنحون الفرصة لخلفاء الدكتاتور، أو لخلفاء لخلفائه.
أقرأ ايضاً
- الآن وقد وقفنا على حدود الوطن !!
- الآثار المترتبة على العنف الاسري
- الضرائب على العقارات ستزيد الركود وتبق الخلل في الاقتصاد