عباس الصباغ
يتوهّم من يظنّ انّ الصفحة العسكرية ضد داعش قد تُختزل بالنصر المؤزر على هذا التنظيم القروسطي المتوحش ابتداءً من جرف الصخر وجبال مكحول وبيجي وتكريت وآمرلي وليس انتهاء بالموصل والحويجة والشرقاط وصولا الى تطهير اخر شبر من التراب الوطني المقدس، وهذا التطهير يستلزم حربا ضروسا اخرى لاتقل ضراوةً وأهميةً عن الحرب الميدانية وبها يُستكمل النصر العسكري وتتحقّق نتائجه المتوخاة وبدونها يعدّ هذا النصر ناقصا، انّها حرب اخرى ومن نوع آخر تتمثّل اولا بإعادة تأهيل الحواضن المريبة التي زرعها داعش على أديم الوطن، والتي قدّمت له التسهيلات اللوجستية والتكتيكية في عدوانه الذي استمر لأكثر من ثلاث سنوات وقبل حزيران 2014، وثانيا تفعيل دور الاستخبارات الوطنية والجهات الامنية واطلاق يدها في اكتشاف ومتابعة ومحاسبة الخلايا البعث /داعشية "النائمة" مجازاً واليقظة حقيقة ً وهي خلايا تعدً الجيش الخفي لداعش والامتداد السوقي له ووجود هذه الحواضن والخلايا بين ظهراني الوطن اخطر بكثير من وجود داعش في الخنادق المتشابكة في جبهات القتال. فإن انتهت الصفحة العسكرية بالنصر المؤزر على يد ابطالنا الميامين لايعني هذا ان الحرب قد وضعت اوزارها فالمعركة طويلة الامد وبصفحات عدة، فداعش يحاول وبشتى الطرق ان يعوّض هزائمه في جبهات القتال ويقلّل من آثارها الصادمة على نفسيات مقاتليه ليرفع من معنوياتهم وليكسب المزيد من التمويل والتجنيد والدعم المادي واللوجستي والمادي والفتوائي والاعلامي من امتداداته الاقليمية والعالمية، ويسعى ايضا الى ايصال رسالة مفادها بانّه تنظيم أخطبوطي يتمدّد وله أذرع ضاربة في كل مكان في العراق ومن جهة اخرى تفنيد نظرية وجود مناطق آمنة او آمنة "نسبيا " لاسيما في وسط العراق وجنوبه فهو يجنِّد حواضنه ويسيّر خلاياها النائمة ويبرمجها لأجل ذلك. لذا يجب اعادة تأهيل الحواضن الداعشية تأهيلا تربويا وسيكولوجيا وجذريا لإرجاعهم الى الصف الوطني وليكونوا مواطنين صالحين أسوة بأقرانهم العراقيين الشرفاء واجتثاث الفكر الداعشي التكفيري من عقولهم وبدون هذا التأهيل والقضاء على الخلايا النائمة والعثور عليها في الوقت المناسب، سيبقى الخطر الداعشي يتغلغل في شوارعنا ومدننا الآمنة حاصدا كل يوم مايشاء من ارواح المدنيين الابرياء، وماحصل في الناصرية مثال واضح جدا على تغلغل الخلايا النائمة وترابطها العضوي مع داعش الذي مكّن لها اداء هذه السيناريوهات الدامية التي تتكرر كل يوم وفي كل مكان وبعمليات ارهابية نوعية مؤسفة يسقط جرّاءها الكثير من الشهداء والجرحى، وتشي عن قصور واضح في المجال الاستخباري والامني الاستباقي.
فالي متى تبقى الضبابية والشبحية تحوم حول "الفاعل" المستتر؟ فالمجرم في الناصرية وغيرها مهما كانت هويته، لم يكن فاعلا وهميا، بل فاعل معروف ومكشوفة اجندته ومآربه ومازال يمارس ارهابه في حواضنه بمعية خلاياه النائمة والمتكونة من بقايا حزب البعث المنحلّ والمحظور ومن تتفق أيدولوجيته المريضة مع ايدلوجية داعش (وقبلَه القاعدة) وتتساوق اهدافه واهدافَ داعش في زرع الرعب والدمار في العراق استكمالا للعدوان الذي مازال يشنه في حرب تقوم بها الحواضن التكفيرية والخلايا النائمة ضد الابرياء العزل.
أقرأ ايضاً
- نتائج التسريبات.. في الفضائيات قبل التحقيقات!
- القنوات المضللة!!
- ما هو الأثر الوضعي في أكل لقمة الحرام؟!