نص الكلمة المتلفزة لأمين عام حزب الله السيد حسن نصر الله ليوم الاثنين 28/08/2017
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا محمد، وعلى آله الطيبين الطاهرين وصحبه الأخيار المنتجبين، وعلى جميع الأنبياء والمرسلين.
السلام عليكم جميعا ورحمة الله وبركاته.
أولاً، في هذا اليوم الكبير والعظيم والمهم في تاريخنا وتاريخ لبنان والمنطقة، أتوجه بأحر التعازي إلى عائلات الشهداء عائلات شهداء الجيش الجنود المختطفين من قبل داعش قبل سنوات.
أسأل الله سبحانه وتعالى للشهداء الرحمة وطبعا كلنا ننتظر التأكيد النهائي، ولكن البلد كله يتعاطى على هذا الأساس، وأسأل الله لهذه العائلات الكريمة الصبر والسلوان والثبات وقدرة التحمل والاعتزاز بشهدائهم الذين هم شهداء التضحية والوفاء وشهداء الوطن وشهداء الجيش، كذلك أتوجه إلى بقية عوائل الشهداء شهداء الجيش اللبناني وشهداء الجيش السوري وشهداء المقاومة.
أيضاً التحية لأرواح الشهداء أنفسهم، لكل الجرحى والضباط والجنود والمقاومين في عمليتي “فجر الجرود” و”وإن عدتم عدنا” الذين صنعوا لنا هذا الإنتصار الكبير.
حديثي الليلة أيها الإخوة والأخوات ينقسم إلى قسمين:
القسم الأول: عرض وتوضيح للمجريات بعد الكلمة الأخيرة والأحداث التي حصلت إلى اليوم انتهاءً بهذه الساعة والقسم الثاني تقييم سريع ودعوة
القسم الأول:
بعد خطابي الأخير أو كلمتي الأخيرة قبل أيام، سمعت وقرأت ردوداً غاضبة، وأنا أتفهم ذلك ـ من هنا سأدخل إلى المجريات، لنوصّل الحديث السابق بالحديث الحالي ـ وأنا أتفهم ذلك، أتفهم غضب البعض وانزعاجه وقلقه. بعض الكلام الذي قيل عادي، هو كلام عادي اعتدنا عليه من العام 2000 للـ 2017 وما قبل العام 2000.
الآن، المسرحية، عدم الشرعية، لن نعطي شرعية أبداً، المضحك أكثر أن الإنسان يكون في قمة الانتصار فيقال هذه نهايته أو سيذهب إلى التقاعد أو ما شاكل. هذا كله معتادون عليه. بسيطة.
لكن هناك نقطة لا تمرّ، واسمحوا لي أن تسمعوا مني اليوم كلاماً مختلفاً قليلاً، هناك نقطة لا تمر لأنه لها علاقة بالأخلاقية، أخلاقية حزب الله، ولها علاقة بمصداقية حزب الله، وهذا نحن لا نستطيع أن نتسامح فيه، وخصوصاً أنا شخصياً.
بعد انتهاء الكلمة صدرت بيانات سريعة، وفي اليوم الثاني “كلام طويل عريض” أن حزب الله يبتز الشعب اللبناني والحكومة اللبنانية والجيش اللبناني، يبتز بقضية الجنود المخطوفين ويريد من خلال هذه القضية الإنسانية أن يضغط على الحكومة اللبنانية لتتصل بالحكومة السورية وتنسّق وتطبّع معها العلاقات، وهذا ابتزاز، وأخذوا ينظّرون بالأخلاق وبالإنسانية.
هؤلاء الذين علقوا بأن تفاوض داعش على كشف مصير الجنود إما أن يحصل تفاوض من قبل الحكومة اللبنانية، والقيادة السورية ستكون متجاوبة ومتعاونة، ولكن هذا شرطه الطلب والتنسيق الرسمي والعلني.
الطريق الثاني أن يفاوض حزب الله، والقيادة السورية ليس لديها مشكلة بهذا الموضوع، ولذلك نحن ذهبنا وفاوضنا. لو طرحنا باباً واحداً وأقفلنا بابنا، يمكن أن يُقال ربما له مكان أن يُقال هذا ابتزاز، لكن نحن لم نكن نبتزّ، نحن كنا نوصّف أن هناك هذا الخيار، اتكلوا على الله، أنا لست “مستقتلاً” لأفاوض داعش وأحمل هذه المسؤولية التي تتهمونا فيها اليوم، ولكن نحن قلنا هناك هذا الخيار، وهناك خيار أن نذهب ونفاوض نحن، طالما أن القيادة السورية تقبل بأن ندخل نحن في معالجة هذا الموضوع، ولم ننتظر أحداً، ولم نطلب من الحكومة اللبنانية ان تفعل شيئاً، وذهبنا للاستفادة من الوقت، لأنه يوجد قتال وعسكر وهناك ناس تستشهد وناس تُجرح.
فذهبنا إلى هذا ووصلنا إلى النتيجة التي وصلنا إليها
ليس حزب الله الذي يقال عنه (إنه يمارس) الابتزاز في قضية إنسانية، ليس حزب الله، ولا يوم من الأيام، منذ أن وجد حزب الله إلى اليوم. ولذلك كل الذين قالوا هذا الكلام سواء كانوا كباراً أم صغاراً، أحزاباً أم تيارات أم إعلاميين أم سياسيين “أو مين ما كان” يكونون صنفان:
إما جهلة لا يعرفون اللغة العربية ولا يفقهون العربية ويصادف أنني لا أجيد الإنجليزية ولا الفرنسية، إما أنهم جهلة باللغة العربية، وإما أنهم لئام عديمو الأخلاق.
نقطة انتهى هذا البحث.
جئنا وتحملنا مسؤوليتنا، ذهبنا إلى المفاوضات. بالمفاوضات، من اللحظة الأولى، داعش تطلب وقف إطلاق النار. لم نكن، لا نحن ولا الجيش اللبناني ولا الجيش السوري في وارد الموافقة على وقف إطلاق نار للتفاوض. استمر إطلاق النار، استمر القتال على الجبهتين، وقضم الأراضي والسيطرة على التلال وعلى المرتفعات، حتى عندما وجدت داعش نفسها في المربع الأخير وأمام المعركة الحاسمة استسلمت وانهارت ولم يعد أمامها خيار سوى القبول بشروطنا.
ولذلك، في اللحظة الأخيرة، في الساعة الأخيرة، ليلة الأحد ـ لأنه كان فجر الأحد هناك عمل عسكري كبير (يحضَّر) من الجبهتين، وداعش كانت ترى ذلك وتدرك ذلك، ولذلك هي قبلت بعد المماطلة والمماحكة والأخذ والرد الطويل والعريض.
من باب الأمانة، أنا أحب أن يكون الرأي العام بصورة الشروط والشروط المضادة، وكيف انتهينا إلى هذا الأمر، طبعاً باختصار شديد.
عندما طلبوا التفاوض نحن عرضنا شروطنا. طبعاً لا يوجد وقف إطلاق نار، هذا محسوم، المطلوب من أجل السماح لهم للخروج من المنطقة لأن (قادة داعش) كانوا يفاوضون بهدف إخراج المدنيين وإبقاء المسلحين في المنطقة ليقاتلوا أو يُسكت عنهم، كان محسوماً أن المطلوب خروج الجميع وأن ولا يبقى أي مسلح أو إرهابي أو داعشي لا في الأرض اللبنانية ولا في الأرض السورية. قلنا لهم نريد البند الأول كشف مصير الجنود اللبنانيين
أنا هنا أتحدث عن مجريات المفاوضات، لا أمنّن أحداً، هذا واجبنا جميعاً ويجب أن نحاسَب إذا قصَرنا به أو كنا نقصَر به.
أولاً: كشف مصير الجنود اللبنانيين، إذا كانوا أحياءً نريدهم، وإن كانوا شهداء دلونا على مدافنهم، على قبورهم، نريد رفاتهم.
ثانياً: لدينا عدد من شهداء حزب الله مدفونين في القلمون، نريد أجساد شهداء أو رفات شهدائنا.
ثالثاً: هناك معركة منذ أشهر في البادية السورية باتجاه دير الزور وباتجاه الميادين والبوكمال بعد تدمر إلى الأمام، آخر نقطة تم الوصول إليها هي بلدة حميمة، وأيضاً هناك معركة في جنوب الفرات أو في جنوب محافظة الرقة باتجاه دير الزور. نريد كل الأسرى وأجساد شهداء في هاتين المعركتين من كل الجنسيات: جنود سورييو، إن كان هناك أسرى أو أجساد شهداء، وكذلك من بقية الجنسيات، لبناني من حزب الله، أو من فصائل المقاومة العراقية، أو من لواء فاطميون، أو أي فصيل يقاتل في تلك الجبهة.
هذا كان المطلب الثالث،
المطلب الرابع إطلاق سراح المطرانين بولس اليازجي والمطران يوحنا إبراهيم والإعلامي اللبناني سمير كساب
هذا نأخذه نحن نوقف إطلاق النار ونفتح لكم المجال لتذهبوا حيث نتفق، في النهاية تم الاتفاق على البوكمال
الجواب خلال أيام المفاوضات والمماحكات من قبل داعش كان ما يلي:
أولاً: المطرانان وسمير كساب ليسا عندنا ولسنا نحن من خطفهم ولا نعرف عنهم شيئا.
طبعا بطبيعة الحال بهذه النقطة نحن ليس لدينا دليل حسي يثبت أن المطرانين وسمير كساب عند داعش حتى نحاجج ونصر على هذا المطلب. عملياً، بعد أيام من المفاوضات والأخذ والرد انتهى النقاش، وبالتالي بقي هذا البند عالقاً.
ثانياً: في موضوع الأسرى في دير الزور ومنطقة البادية، قالوا ليس لدينا أسرى إلا أسير لبناني واحد هو الأسير أحمد منير معتوق، لأنه للأسف الشديد وهذا معروف عن داعش أنهم لا يحتفظون بأسرى، يقتلون الأسرى في الميدان مباشرة وقلّما يحتجزون أسيراً ولكنهم يقتلونه بعد ذلك. الآن من نعم الله سبحانه وتعالى أن الأخ أحمد بقي على قيد الحياة، وطبعاً كان جريحاً. هذه من نعم الله عز وجل.
عملياً لا يوجد أسرى سوريين وإيرانيين وفاطميين وعراقيين وكذا.
أجساد وشهداء تبين أيضاً أن هؤلاء يتركون الأجساد في الصحراء، هم بشهدائنا قطعا لا يهتمون، هم بقتلاهم لا يهتمون، يبدو أن لا الميت ولا الحي له لديهم كرامة معينة عندهم، فيتركون الأجساد، أجساد الشهداء في الصحراء للشمس وللتراب.
لكن قالوا، بناء على المطالبة، لدينا ثلاثة أجساد. تبين ان الأجساد الثلاثة للبنانيين من حزب الله، الذين أخذوا ويبدو أنهم جرحى إما توفي بسبب الجراح او أعدموهم، ليس لدينا تفصيل، وجسد أحد الإخوة الإيرانيين وأخذوه أسيراً وذبح أمام الكاميرات ونشرواعملية ذبحه على وسائل الإعلام، فجسده عندهم لأنه كان أسيرا عندهم.
هناك الأجساد الثلاثة والأسير اللبناني
شهداء حزب الله في القلمون نعطيكم إياهم لا مشكلة
قالوا نريد معتقلين من سجن رومية، هذا رُفض بلا نقاش، يعني لم نقبل أصلاً أن نناقش موضوع سجناء من رومية بهذه المفاوضات.
وأخيراً قالوا: أما موضوع كشف مصير العسكريين هذا نحن لسنا موافقين الآن أن نعطيه، ونحن جاهزون أنه يا حزب الله – وهذه نقطة مهمة جداً وليست للمنّة وإنما للإنصاف حتى يعرف الجميع كيف يتعاطى حزب الله (مع الأمور) وكيف يفكر – يا حزب الله رتبوا لنا إخراج المدنيين والجرحى، ونحن جاهزون أن نعطيكم أسيركم والشهداء الثلاثة الذين تكلمنا عنهم ونعطيكم شهداءكم المدفونين بالقلمون، ودعونا نؤجل موضوع كشف مصير الجنود اللبنانيين، الآن نتركه لوقت آخر وننجز المرحلة الأولى.
كان جواب حزب الله قاطعاً، أنه أي حل، سواء كان جزئياً أو كاملاً، فإن البند الأول فيه هو كشف مصير الجنود، وهذا الذي تحدثت به في الحديث السابق.
على كلٍ، بعد “اللُتي واللتيّا”، لأنهم كانوا يعملون على فكرة إخراج المدنيين مقابل أن يعطونا الذي ذكرته ويحتفظوا بموضوع كشف مصير الجنود اللبنانيين وبالتالي بأجسادهم، ويبقى المسلحون ليقاتلوا أو يفاوضوا في مرحلة أخرى، نحن رفضنا أن يكون هناك مراحل، أصرينا على حلّ كامل، والبند الأول في هذا الحل هو كشف مصير الجنود اللبنانيين.
بالرغم من المماطلة، كنا – مثل ما قلت قبل قليل ـ نستكمل بالجبهتين، الجيش اللبناني والجيش السوري والمقاومة، نستكمل القصف والضرب بالنار واقتحام التلال والسيطرة على المرتفعات إلى أن شعرت داعش أن وقت اللعب انتهى، نحن أبلغناهم أن هذه هي الساعات الأخيرة، فأذعنوا لهذه الشروط، وهذه الشروط المتوفرة، الممكنة، يعني أنا لا أستطيع أن أقول له لا، يجب أن تبحث لي في الصحراء على أجساد شهداء من شهرين وثلاثة وأربعة وخمسة، بالنهاية هذا هو الأمر المتاح، والمطلوب نحن ذهبنا إليه، والعملية في الحقيقة هي عملية استسلام. جزء منهم سلّموا أنفسهم، لكن هي بالمعنى العسكري، بالمعنى النفسي، بالمعني السياسي استسلام، لأنه لو لم يعطوا جواباً ليلة الأحد كان عند فجر الأحد الأمور ستذهب باتجاه مختلف تماماً عسكرياً وميدانياً.
حسناً، عملياً هذا الذي اتفقنا عليه، إذا أًصبح الاتفاق كشف مصير الجنود اللبنانيين، اتفقنا على وقف لإطلاق نار، ذهبوا ودلونا، قبل أن يدلونا قالوا إن هؤلاء الجماعة شهداء ومدفونون في مكان ما، قلنا لهم على مهلكم، اتصلنا بالأمن العام باعتباره هو المعني بالملف، الأمن العام نسّق مع الجيش اللبناني، ذهب الأمن العام والجيش اللبناني، أتينا بـ “الدواليل” (الأدلاء) الذين يدلّون على المكان، وكانت النتيجة أن وجدوا الرفات ونقلوهم، وكلكم متابعون لهذا الموضوع.
إذاً وقف إطلاق نار، كشف مصير الجنود، العثور على رفات الجنود، تسليمنا رفات شهدائنا الذين هم أيضاً تحت فحص الـ “دي أن آي”، وإخلاء المنطقة، أخلوا المنطقة، ركبوا بالباصات وساروا الآن باتجاه البوكمال، يعني قبل أن أدخل أنا على الاستديو كانوا هم قد مشوا، بانتظار المرحلة الأخيرة. المرحلة الأخيرة التي هي عندما يصلون إلى النقطة المتفق عليها سيحصل هناك تبادل ضمن آلية معينة بين الباصات وبين الأسير والشهداء الثلاثة.
المغادرون، من أجل أيضاً الأرقام، الإجمالي هو 670، عادة بوسائل الإعلام كانوا يتكهنون بالأرقام، لكن هذه أرقام دقيقة: 670، المدنيون 331، الجرحى 26 والمسلحون 308 بالسلاح الفردي.
حسناً، هذا الذي اتفقنا عليه، نحن ننتظر الليلة مع الفجر الصبح، الله يعلم متى تنتهي أو تنجز المرحلة الثالثة.
هنا يوجد تفصيل مفيد أن أقف عنده، هو في ما يتعلق برفات الشهيد عباس مدلج أيضاً من المؤسسة العسكرية، باعتبار أنه لم يكن مدفوناً مع الشهداء الثمانية، كان مدفونا لوحده، بحثوا أمس جيداً، لم يجدوه، بحثوا اليوم، لكن أنا سمعت مناشدة والد الشهيد، أرسلت وفداً بخدمته اليوم قبل الظهر، وقلنا له هذا الموضوع نتعاون نحن والأمن العام والجيش اللبناني عليه، وابنك هو ابننا، ولذلك الضمانة التي معنا أن هؤلاء المغادرين لا يعرفون أين هو، هناك شخص من داعش هو الذي يعرف المكان، لكن بطبيعة الحال، لأنهم لم يتركوا علامة، سينقضي وقت بالتفتيش مثل ما حصل بالنسبة للجنود، هذا الشخص هو أصلاً سلّم نفسه ونحن محتفظون به وسيبقى عندنا إلى أن نحسم موضوع جسد الشهيد عباس مدلج، بعد ذلك نرى هذا الشخص كيف سيسوّى وضعه.
إذاً هذا بالمجريات حتى هذه اللحظة.
هنا يوجد شيء يحتاج لتعقيب قبل أن ننتقل على القسم الثاني، أنه بعد اكتشاف موضوع الجنود وأنهم شهداء وجيء برفاتهم وتم تبليغ العائلات علت أصوات – بعضها سياسي، بعضها إعلامي، معروفون، هم أنفسهم – تطالب بالانتقام وأنه لا يجوز أن يُسمح لهذه القافلة أن تغادر ويجب أن يُحاكموا ويجب أن يُقتلوا وما هي الحكمة من إطلاق هذه القافلة وتلك.
الآن أنا لأنني موضوعي أفهم أن بعض الناس يمكن أن يكون عندهم حرقة قلب وعندهم شبهة في هذا الموضوعـ هم صادقون فيما يقولون. لكن قطعاً هناك أناس ليسوا كذلك، هناك أناس يريدون أن يشوّهوا هذا النصر، يريدون أن يشوّهوا، هم معركة جرود عرسال اشتغلوا ليشوهوها وهذه المعركة اشتغلوا ليشوهوها، من أول يوم، بالطريقة التي تعاطوا فيها إعلامياً وسياسياً وببياناتهم وإلى آخره، الآن لا نريد أن ندخل في هذا التفصيل.
حسناً، بالنهاية هذه نقطة موضع سؤال. احتراماً للرأي العام، بمعزل عن النوايا والخلفيات اسمحوا لي أن أشرح هذا الموضوع بشكل مختصر جداً. الناس مفيد أن يعرفوا أن من قبل أن تبدأ هذه المعركة، فجر الجرود، في الأرض اللبنانية، بعد انتهاء معركة جرود عرسال كان عندنا مصادر عند الأمن العام، عند مخابرات الجيش وحتى عن الحزب وقالوا لنا إن الجنود مدفونون بالمنطقة الفلانية، أيضاً وقتها ذهب رجال الأمن العام والجيش اللبناني وبحثوا بهذه المنطقة التي هي نفسها لكن بعيدين عن بعضهم مئات الأمتار، لم يجدوا شيئاً، وكانت هذه النقطة ما زالت خط تماس مع داعش، فقيل دعونا نؤجل البحث إلى ما بعد طرد داعش وإبعادها عن هذا الخط. لما بدأت المعركة يوم السبت، وتم ابعاد داعش، في صباح اليوم التالي ذهب رجال الأمن العام والجيش اللبناني وإخواننا وأتينا بالمصادر ليبحثوا، بحثوا هنا وهنا لم يجدوا شيئاً، ثاني يوم مصدر مختلف لم يجدوا، ثالث يوم، يعني المعارك “قائمة قاعدة” والقتال “قائم قاعد” والتفتيش على جنود الجيش بالاعتماد على معلومات من مصادر وخصوصاً بعد أن استسلم للجيش السوري وللمقاومة بعض الدواعش، وهناك شخص أساسي أتينا به من عند الأمن العسكري السوري وجاء ودل أيضاً فأخطأ بمئات الأمتار، لم نصل إلى نتيجة.
حسناً، ستنتهي المعركة ومصير الجنود لم ينتهِ، والكل متفق – دعوا المزايدات جانباً – الكل متفق أنه إذا حررنا الأرض اللبنانية وحررنا الأرض السورية ومثل ما وُصل اليوم وغداً رسمياً العالم كله اللبنانيون والسوريون والمقاومون سيصعدون وينصبون الأعلام على أعلى قمة على الخط الحدودي، ومصير الجنود العسكريين لم يكشف. هذا سيبقى نصر منقوص، سيُناقش بنسبة النصر، ممكن أن يعطيه أحد نسبة مئوية 80% ويحتفظ بـ 20% وممكن أحد أن يقول 80% هذه هزيمة و20% بالنصر، حسب الأهواء أو الموضوعية، إذاً كان يُعمل ـ وأحد أسباب تبطيئ المعركة في الأيام الأخيرة حتى لا يخطئ أحد ويسيء الظن ويحلل خطأ، كان أنه فلنأخذ القليل من الوقت لنرى هل من الممكن أن نكشف مصير الجنود اللبنانيين، لأنه إذا ذهبنا على الخيار العسكري الحاسم والنهائي – يعني هناك كان لدينا خياران – أن نذهب إلى الخيار العسكري الحاسم والنهائي، لكن ممكن الذين يعرفون أين الجنود اللبنانيين واحد أو اثنين أو ثلاثة، ممكن أن يُقتلوا في المعركة، انتهينا، ماذا نفعل؟ هذا الملف كان سيبقى معلقاً إلى أبد الأبدين، لا أحد كان يستطيع أن يحسم فيه شيئاً، والجيش والحكومة اللبنانية والدولة اللبنانية وعوائل الجنود، الكل سيكون أمام حرج حقيقي، الحل الثاني أن نكمل بالضغط العسكري وأن نكمل بالضغط التفاوضي لنأخذ هذه النتيجة، لو ذهبنا إلى الحل الأول، أولاً كان ممكن أن يُقتل من يعرف مكان الجنود، اثنين، سيُقتل الكثير من المدنيين من النساء والأطفال، لأنه كانوا ما زالوا موجودين عندهم، وستخرج الصرخة حتى من الذين يطالبون الآن بالقتل والإعدام كانوا سيقولون أنتم ارتكبتم مجازر ووحشية وقتلتم مدنيين وما كنا سننتهي من لسانهم، وثالثاً المزيد من الشهداء في الجيشين اللبناني والسوري والمقاومة لأنه في نهاية المطاف أنت لما تحصر، كان العدد المتبقي بـ 310 تقريباً، أنت لما تحصر 300 واحد ببقعة ضيقة وليس عندهم حل إلا أن يقاتلوا أو أن يستسلموا، جزء سيقاتل وجزء سيستسلم، لن تكون “شمّة هواء” (نزهة) وإن كانت المعركة محسومة النتائج قطعاً، كانت محسومة النتائج قطعاً، وأنه ماذا تأخذ؟ يوم يومين؟ وتنتهي عسكرياً، لكن هذه هي النتائج. ملف الجنود يبقى غامضاً إلى الأبد ويقتل مدنيون وسيسقط شهداء من الطرفين اللبناني والسوري، ما الداعي لهذا الموضوع عندما نستطيع أن نحله بهذه الطريقة؟
حسناً، ذهبنا واتفقنا، لما اتفقنا تبيّن أن الشباب شهداء ووجدنا مدافنهم، الآن يخرج أحد ويقول لماذا يجب أن ندعهم يذهبون، يجب أن نقتلهم، يجب أن نعدمهم.
على مهلك، هنا نحن نختلف، طبعاً نختلف، نحن عقدنا اتفاقاً، واحد اثنين ثلاثة أربعة خمسة ستة، أنت فكر كما تريد، نحن أناس لدينا دين، ديننا وأخلاقنا، المفترض القانون يقول هذا أيضاً، ديننا وأخلاقنا يقول وقرآننا يقول “وأوفوا بالعقود”، المؤمنون بالحديث الشريف عندنا “المؤمنون عند شروطهم”، لا نغدر ولا نطعن في الظهر ولا نحتال ولا نلعب على أحد. أقول لكم شيئاً، الإسلام يوصي مثلاً في موضوع الأمانة وحفظ الأمانة، من أجل أن تعرفوا الإسلام أين وداعش أين، وهذه النماذج الذين أتى بها أوباما وهيلاري كلنتون والدول الإقليمية التي معهم. علي بن الحسين زين العابدين (عليه السلام) الذي أُسر في كربلاء وسبي مع النساء في كربلاء وعُذّب وقتل أبوه وأخوته وأبناء أخوته وأبناء عمومته أمامه، يقول ما مضمونه: لو أن قاتل أبي الحسين وضع عندي السيف الذي قتل به أبي الحسين أمانة لرددته إليه. هذا الدين، هذا الإسلام، نحن جهة أجرينا اتفاقاً، الطرف الآخر أوفى بالشروط المطلوبة منه، نحن مطلوب منا أن نوفي بالشروط المطلوبة منا. وهذه معركة، وهذه ليست قصة انتقام والعين بالعين والسن بالسن، هذه القضايا بالأحكام الشخصية، يا ريت تفكروا عين بالعين والسن بالسن لما الموضوع يكون له علاقة بإسرائيل ويكون له علاقة بالمعركة الكبيرة مع داعش وجبهة النصرة.
لذلك أنا أتمنى أن يكون هذا التوضيح كافياً، هذه القصة انتهت هكذا، والجماعة غادروا وليس هناك داع أن ينغّص أحد هذا النصر بطرح إشكالات ومزايدات من هذا النوع. نعم إذا كان أحد يحق له أن يغضب، إذا كان أحد يريد أن ينتقم، أنا أدلكم، اذهبوا وفتشوا على من سمح أن يبقى هؤلاء الجنود بين يدي خاطفيهم، مثل ما هناك كثر يتكلمون الآن في البلد، أنا لم آتِ بجديد وقلتها سابقاً، انظروا وطالبوا، بدل أن تدينوا الجهة التي قاتلت وقدمت شهداء وعملت اتفاقاً وساعدت وساهمت في كشف مصير الجنود وأماكن دفنهم وفي هذا التحرير العظيم، اذهبوا وطالبوا رسمياً الحكومة اللبنانية والقضاء اللبناني ومجلس النواب اللبناني، طالبوه بأن يفتح تحقيقاً كيف حصل هذا، لما جاء هؤلاء المسلحون وخطفوا العسكريين من الجيش اللبناني ومن قوى الأمن الداخلي، من الذي منع الجيش اللبناني…وكان قادراً… ليس الآن أصبح قادراً وإنما من أول لحظة الجيش قادر.. هذا هو الفرق بيننا وبينكم.. منذ البداية نحن نؤمن بالجيش ونثق بقدرته وأنتم الذين كنتم تشككون به وتتهمونه على المنابر وفي مجلس النواب.
الجيش الذي كان قادراً وما زال قادراً، من منعه؟ لذا كان يستطيع الجيش أن يذهب وكانوا لا يزالون موجودين ومعروف أين يتواجدون، وفي أية منازل، وهذه المعلومات كانت متوفرة. كان يستطيع الجيش بكل بساطة وبكلفة اقل مما تحملها الجيش من ذلك اليوم إلى الآن، أن يحافظ على الجنود وأن يحميهم، أو أن يعتقل مجموعات كبيرة من داعش والنصرة في عرسال ويفاوض عليهم لينقذ جنوده. اذهبوا وطالبوا وحققوا مع هؤلاء، مع أصحاب القرار السياسي الجبان والخاضع والمتردد والذي لم يكن يرى أنهم أعداء. كان يراهم ثواراً، كان يراهم جزءاً من المشروع الكبير الذي هو يشكل جزءاً منه، هذا الملف اذهبوا وافتحوه، لا تعملوا على اثارة النعرات التي ليس لها معنى.
انتهت إذا هذه المعركة اليوم على النتائج التالية وحققت أهدافها كاملة، إذا عدنا إلى ما قبل يوم السبت الذي بدأت به معركة فجر الجرود و “وإن عدتم عدنا” نقول إن الأهداف تم تحقيقها، وأعود وأذكّر بها: لبنانياً إخراج داعش من الأراضي اللبنانية، كشف مصير الجنود اللبنانيين، تأمين الحدود، هذا انتهى.
الهدف السوري، إخراج داعش وتطهير القلمون الغربي من وجود داعش، هذا انتهى، وبأقل كلفة ممكنة.
الجيش اللبناني أعلن عن عدد شهدائه، واسمحوا لي اليوم في ختام هذه المعركة أن أزف إلى هذا الشعب المجاهد والمقاوم والمضحي: عدد شهداء حزب الله في هذه المعركة 11 شهيداً، لأنكم تعلمون اننا كنا نقاتل في منطقة مساحتها 310 كلم مربع (جبال، وديان، مفخخات) والجزء الأساسي من داعش طبعاً كان يكثّف حضوره داخل الأراضي السورية وأيضاً الجيش السوري كان له تضحياته وشهداؤه وقدم سبعة شهداء في عملية “وإن عدتم عدنا”.
اذاً لدينا في الجبهة الثانية بمعركة “وإن عدتم عدنا” 18 شهيداً بحسب الأرقام التي أفادني بها اليوم الاخوان.
رحمة الله عليهم جميعاً، في كلا الجبهتين، والأهداف أُنجزت ونستطيع أيضاً أن نقول إن هذه المهمة أُنجزت.
اسمحوا لي أن انتقل إلى القسم الثاني من الحديث، القسم الثاني له علاقة بالتحرير الثاني.
نحن أمام نصر عظيم جداً وكبير جداً، والموضوع الآن الذي نتكلم به ليس موضوع تحرير 140 كلم مربع من الأراضي اللبنانية في العملية الأخيرة، وإنما نتكلم عن تحرير كامل الأراضي اللبنانية، يعني لم يعد هناك اليوم لا جرد ولا تلال ولا جبل ولا وادٍ ولا نقطة حدودية يتواجد عليها إرهابي تكفيري أو ما شابه. هذا كله أنجز وانتهى، وهذا إنجاز عظيم. وهنا نتكلم عن التحرير، هذا لاحقاً إن شاء الله عندما نتكلم يوم الخميس المقبل، سنأتي بالتفاصيل يومها، إذًاً نحن اليوم أولاً أمام تحرير كامل التراب اللبناني من سيطرة الجماعات الإرهابية.
ثانياً: الحدود اللبنانية باتت آمنة على طول الخط عسكرياً، ولكن يبقى أن يتسلل شخص من وادٍ سوري أو من تلة أخرى فهذا بحث آخر.
التهديد العسكري انتهى على طول الحدود إن شاء الله وتم تأمين الحدود. ومن إنجازات هذه المعركة أيضاً هو تحرير الأرض السورية من الجماعات الإرهابية، الذي هو شرط قطعي ولازم لتأمين الحدود اللبنانية. فإذا صعد الجيش وتمركز على امتداد الحدود اللبنانية السورية، مهما كانت القدرات التي يتمتع بها ومهما كان حجم القوات المتواجدة على الحدود، إذا كانت الأرض السورية لا زال بها جماعات ارهابية هذا سيؤدي قطعاً إلى استنزاف الجيش ونشوء حالة فيها دائماً من الشهداء والجرحى والقتال والاستنفار الحامي على الحدود. اليوم يستطيع الجيش اللبناني على الحدود أن يتمركز في المواقع وهو مرتاح ولا يحتاج إلى استنفار عالٍ ولا يحتاج إلى إمكانيات هائلة، لأن التهديد العسكري في الطرف الثاني انتهى.
هو إذا كان يريد أن يتخذ إجراءات واحتياطات لتهديد أمني (انتحاري يريد أن يعبر، سيارة تريد أن تتهرب أو ما شابه)
إذاً نحن هذا الذي نسميه اليوم النصر الكبير، والجدير بأن نسميه التحرير الثاني. طبعاً هذا النصر يجب أن لا يغيب عن ذاكرتنا للحظة واحدة.
هو جزء من الانتصارات الموجودة في المنطقة، اسمحوا لي بأن أقول، كما أن القتال في الجبهتين اللبنانية والسورية في وقت واحد سهل هذه المعركة، كذلك الانتصارات الاخرى سهلت هذه المعركة.
فلنتكلم قليلاً عسكرياً ومعنوياً، لو كانت داعش في حمص، ونحن نقاتلها في القلمون وفي جرود عرسال ورأس بعلبك والقاع، هل كانت المعركة هكذا؟! لو كانت داعش ليس بحمص، لو كانت بالقريتين، لو كانت داعش بتدمر، يعني قريبة، حتى هؤلاء داعش وقيادة داعش ومقاتلو داعش، كانوا قاتلوا بروحية مختلفة وبأفق مختلف، وبوضع معنوي مختلف.
الهزائم من الموصل والان في تلعفر الى شرق حلب الى شرق حمص الى شرق حماة الى البادية السورية الى جنوب الرقة باتجاه دير الزور، كل هذه المعارك مع داعش التي هزمت داعش وانهكت داعش، ليس هناك من شك بأنها تركت اثارا معنوية كبيرة جدا على داعش التي كانت تقاتل على الحدود اللبنانية السورية.
لا يمكن تجزأة المعركة ولا المعنويات ولا التخطيط ولا إرادة القتال وما شاكل. حسنا، نحن حقيقة أمام هذا الانتصار العظيم، من هنا عندما نأتي لنقول بأننا في 25 ايار 2000 نحن أخرجنا الاحتلال الصهيوني، اليوم نحن اخرجنا الاحتلال الارهابي التكفيري. هذا احد اوجه التشابه الاساسية. في الشريط الحدودي مساحة أرض كبيرة وحساسة، جبال وقمم ومواقع استراتيجية كانت في ايدي الصهاينة، وايضا هنا يوجد مساحة كبيرة من جبال وتلال وقمم استراتيجية كانت في أيدي التكفيريين.
الاسرائيليون في الشريط كانوا دائما يشكلون تهديدا وما زالوا يشكلون تهديدا خلف الحدود الدولية، والتكفيريون كانوا يشكلون تهديداً على مدار الساعة لكل لبنان وخصوصا لكل البقاع، ليس فقط على بعلبك الهرمل، ليس فقط على البلدات الامامية، في المدة الاخيرة كان الجميع على معرفة بانهم كانوا يخططون، هناك في جرود عرسال، كانت داعش تخطط لعمليات انتحارية وتفجيرات في مدينة زحلة وفي البلدات المحيطة في مدينة زحلة، لكن مخابرات الجيش اللبنانية كشفتهم قبل تنفيذ العمليات.
اليوم نحن امام هذا الواقع ويمكن ان يقول احد، يعني يا سيد هناك قصة اسرائيل أما التكفيريون فهم شيء اخر. لا، التكفيرون هم تكملة للاسرائيليين، يوماً بعد يوم يثبت ان داعش وكل هذه الجماعات التكفيرية صنعتها الادارة الاميركية وقاتلت في المشروع الاسرائيلي، وما قدمته هذه الجماعات الارهابية التكفيرية لاسرائيل لم تحظ به ولم تحصل عليه اسرائيل خلال عقود من الزمن. والاخطر من هذا ولا اريد ان اقارن بين الخطرين لانني اعتبر ان هذه الجماعات التكفيرية هي تقاتل خدمة للمشروع الاميركي الاسرائيلي، علمت او لم تعلم، قياداتهم يعرفون ذلك، “المعترين” هم المقاتلون الذين اخذتهم الشعارات الكذابة والبراقة.
اسرائيل هي مشروع احتلال، اميركا هي مشروع هيمنة، داعش والجماعات الارهابية هي مشروع ابادة، ابادة لكل الاخر، مسلم، مسيحي، صابئي، ايزدي، “شو ما كان”، وابادة للبشر وابادة للتاريخ وابادة للحضارات وابادة للمدنية وابادة لكل شيء، وبعد ذلك عندما تتدمر منطقتنا، جيوشها تتدمر، وانظمتها ودولها ومؤسساتها وبنيتها الاجتماعية فتقدم خالصة مطبوخة ومستوية منهنهة لاميركا واسرائيل، فتسيطر اميركا واسرائيل وتفرض شروطها على كل الناس، ولذلك، اليوم من الذي يبكي على داعش في سورية وعلى داعش في القلمون وعلى داعش في العراق؟ المسؤولون الاسرائليون هم الذين يبكون ويصرخون، وهم الذين مشكلتهم مع ادارة ترامب، ان ادارة ترامب الزمت نفسها بأن اولويتها الان القضاء على داعش، وهي التي تعترف بان ادارة اوباما هي التي صنعت داعش، لذلك فلا يأتي احد ليقول بأن الفرق بين تحرير الجنوب وهذه المعركة هو ان تحرير الجنوب نضع لها واحد وهذه نضعها عشرة، كلا، واحد، اثنان، لان هذا استكمال للمعركة مع الاسرائيلي، اقرأوا الاسرائيلي، اللبنانيون والعرب قليلا ما يقرأون، أقرأوا ما يكتبون خصوصا في هذه الايام، مع انهيارات داعش من العراق الى سورية الى لبنان، لتعرفوا ان هذا مشروع اسرائيلي حقيقي.
اذا نحن امام التحرير الثاني، تاريخ التحرير الاول 25 ايار 2000، تاريخ التحرير الثاني للامانة التاريخية وليس اليوم الذي نريد فيه ان نقيم احتفالاً، المرة الماضية قلنا انه مكان اليوم والشهر فارغ، يوجد 2017 ليس 2018 لكن بمشيئة الله اليوم والشهر يكتبهم الجيش اللبناني والجيش السوري ومجاهدو المقاومة الاسلامية في لبنان، هذا كتب اليوم، 28 اب 2017 هو يوم التحرير الثاني الذي سيسجل يوما في تاريخ لبنان وفي تاريخ المنطقة.
الان الحكومة اللبنانية تعترف به، لا تعترف به، هذا شأنها، مثل ما حصل في 25 ايار 2000، كان يوجد وضعية مختلفة وقتها، اقيم عيد له وبعد ذلك “انلطش” العيد في زمن احد رؤساء الحكومات السابقين، لكن بعد ذلك الحمد لله في من لحقه من رؤساء حكومات يقومون بتدبير معين، يحترم مناسبة 25 ايار 2000.
نحن الان لدينا مناسبة 28 اب 2017 انا اتكلم للامانة التاريخية 28 اب ولست اريد من خلال ذلك ان احدد التاريخ لانه اليوم لم يبق داعشي او تكفيري او جبهة نصرة او او او في اي حبة تراب او تلة او جبل لبناني بهذا التاريخ، والحكومة بعد ذلك تحب ان تتبنى هذا اليوم وتعمله 27 او 25 اب او 31 اب او 3 ايلول، ليس لدينا مشكلة، انا لا اسابق احدا بل انا اتكلم عن امانة تاريخية.
حسنا، بناء على هذا انا اختم بالدعوة التالية، اتذكرون في 25 ايار 2000 كان لبنان سعيدا بهذا الانتصار الا من راهن على الاحتلال الاسرائيلي وكانوا موجودين بالبلد، ومن كان يراهن على جيش انطوان لحد، ولذلك وفي ذلك اليوم يوجد اغلبية سعيدة، ويوجد اناس كانت وجوههم مسودة كالحة، لان خياراتهم سقطت، لكن كان اسعد الناس، يعني انه رغم انه كان انتصار وطني وعيد وطني، كان اهل الجنوب اهل جنوب لبنان واهل جبل عامل اسعد الناس بهذا الانتصار وبهذا التحرير. السبب بسيط لان الاحتلال كان يبسط احتلاله على جبالهم وتلالهم وكان يحتل مدناً لهم ويسجن اولادهم وبناتهم وكان يطلق النار على الفلاحيين والمزارعين وكان يطلق تهديداً يومياً، نحن نتذكر القصف على صيدا والنبطية ورؤس الاطفال واولاد المدارس المقطعة بالطرقات، طبيعي جدا ان اهل الجنوب لانهم اكثر من عانى واكثر من ضحى ان يكونوا سعداء في 25 ايار 2000.
اليوم لبنان كله انتصر يفترض ان تكون الاغلبية الساحقة سعيدة الا من راهن على جبهة النصرة وعلى داعش وعلى من يقف خلف النصرة وداعش من قوى اقليمية وقوى دولية طبيعي ان يكونوا تعساء جدا واذا استطعتم ان تقدموا لهم التعازي فلا تقصروا معهم، وفي حال في الأيام القادمة من هنا الى إسبوعين أو ثلاث أسابيع قاموا بالسِباب أو الشتم أو بالتشويه فليأخذوا راحتهم نحن نتفهم أحزانهم وآلامهم، لكن الأغلبية الساحقة من اللبنانيين بالتأكيد هم سعداء لانه لولا هذه المواجهات منذ سنوات الى اليوم كان يمكن لداعش ولجبهة النصرة ولأمثالهم أن يتمددوا الى البقاع والى الشمال وأن يصلوا الى أماكن اخرى من لبنان وانظروا الى المصيبة ونحن نرى الدول المحيطة بنا والمجتمعات في محيطنا ماذا حصل بها.
لكن من الطبيعي ايضا أن يكون أشد الناس سعادة بهذا التحرير الثاني هم أهلنا الشرفاء في البقاع لأن أهل البقاع جبالهم هم التي كانت مُحتلة وجرودهم مُحتلة وبساتينهم مُحتلة ويُرسل اليهم سيارات مفخخة ويُنزل اليهم إنتحاريين على الهرمل وعلى القاع وعلى رأس بعلبك وكل المنطقة كانت مُهددة وصولاً الى زحلة وصولاُ الى كل البقاع. فاليوم عندما هذا الكابوس سيُزاح عن جبالهم وتلالهم وجرودهم وقلوبهم وبيوتهم وقراهم أكيد هم سيكونوا أشد الناس سعادة لأنهم هم أشد الناس معاناة وايضا هم بهذه المعركة أكثر الناس تضحية، صحيح ان إخواننا وأهلنا وايضا ضباط وجنود الجيش اللبناني جاؤوا من كل المناطق اللبنانية وقاتلوا في هذه الجبهة، لكن لا يوجد شك من أن اليوم تطلع على البقاع لا يوجد قرية بقاعية خصوصاً في بعلبك ـ الهرمل إلا ويوجد فيها شهيد وإثنين وثلاثة ويوجد فيها جريح وإثنين وثلاثة.
أهل البقاع صنعوا ايضا هذا الإنتصار بدماء أعزائهم وأبنائهم وفلذات أكبادهم وخيرة شبابهم والجرحى الذين ما زالوا في البيوت وما زالوا بالمستشفيات، لذلك حرّي بهم أن يفرحوا وأن يسعدوا وأن يعتزوا وأن يفتخروا بهذا الإنتصار الذي هو إنتصار وطني بشكل عام ولكنه ايضا إنتصار للبقاع بشكل خاص وبشكل مميز وإستثنائي.
بناء عليه نحن نريد ـ المقاومة والشعب ـ نريد أن نحتفل بهذا الإنتصار لا نريد أن نؤجله لبعد يوم الجمعة، لأن يوم الجمعة عيد والسبت ثاني يوم العيد والأحد تكون الناس ما تزال في جو العيد، طبعا كنا نستطيع أن نعمل (إحتفال) غداً أو بعد غد لكن إخواننا في حركة امل، إخواننا الأعزاء لديهم إحتفال يوم الأربعاء في الذكرى السنوية لإختطاف إمامنا جميعاً وقائدنا جميعاً وكبيرنا جميعاً سماحة الإمام السيد موسى الصدر أعاده الله بخير وإختطاف رفيقيه وأخويه العزيزين، فنحن نذهب الى يوم الخميس عصراً لنحتفل بهذه المناسبة في مدينة بعلبك في بقعة واسعة مريحة إن شاء الله في جوار مرجة رأس العين المعروفة وفي جوار المسجد التاريخي الموجود هناك، والذي يقال أن سبايا كربلاء السيدة زينب ومن معها من نساء وأطفال والإمام زين العابدين عليهم السلام ورؤوس الشهداء جيئ بهم الى ذلك المكان في رحلة السبي الطويلة في جوار هذا المكان الشريف نحن سنحتفل إن شاء الله.
انا اعرف اخواننا في حركة أمل هم منذ أول الذكرى ملتزمين بالإحتفال في 31 اب، أظن بتحليلي الشخصي ليس لدي معلومات جعلوه في 30 اب لأن 31 اب هو يوم الوقفة مثلما يقولوا عندنا اي يوم الوقوف في عرفات قبل العيد بيوم.
نحن مضطرين بيوم الوقفة أن نقيم إحتفالاً لنقف في بعلبك في نفس الوقت الذي يقف فيه حجاج بيت الله الحرام في عرفة، هم ليحجون ونحن لنعبر عن معاني الحج.
في يوم الخميس المقبل عصراً في هذا الإحتفال سيجتمع المضحون، ولكن ليس الذين ذبحوا أو ضحوا بنعاج أو جمال كإبراهيم عليه السلام الذي كاد أن يضحي بولده بأمر الله عز وجل، ولكنهم ضحوا بأولادهم وأحبائهم وأعزائهم.
إذاً جمعُ المضحين يوم الخميس يوم الوقفة، جمعُ المضحين بفلذات الاكباد، ويوم الراجمين للشياطين الكبار والصغار الذين يريدون تدمير مجتمعاتنا وسحق إرادتنا وتشويه ديننا وإسلامنا وتشويه الأديان السموية وهيمنة إسرائيل والشيطان الاكبر أميركا على منطقتنا.
نحن الذين نرجم الشيطان الكبير والصغير والمتوسط في كل يوم، يوم الخميس سنحتفل بهذا الرجم للشيطان وبهذا الانتصار على كل هؤلاء الشياطين، وفي يوم الخميس في يوم الوقفة سنشكر الله سبحانه وتعالى على ما هدانا ونشكر الله على ما أولانا ونشكر الله على ما نصرنا، والذي يفكر ما الذي حدث في هذه المنطقة منذ ستة أو سبعة سنوات الى اليوم يقعد يحلل بالمعطيات يفهم بأن الذي حصل هو أشبه بالمعجزة، أشبه بالمعجزة لانه اليوم نحن نخرج في ساحة لبنان وفي ساحة سوريا وفي ساحة العراق بالحد الأدنى في المعركة مع داعش والجماعات التكفيرية نخرج الى إنتصار وإنتصار وإنتصار في معركة كان يدعمها الكون والعالم، أموال هائلة، وسائل إعلام هائلة، دول عظمة، دول إقليمية، تسهيلات لا حد لها ولا حصر، لنشكر الله على ما أولانا وعلى ما هدانا وعلى ما نصرنا وعلى ما ثبتنا وعلى ما أعزنا وعلى ما أكرمنا به من إنتصار وإنتصارات.
وايضا نحن ايضا بالخصوص المسلمين الشيعة معروف أن لديهم إستحباب زيارة الحسين عليه السلام يوم عرفة، يوم عرفة نحن نزور الحسين عليه السلام في حال نقدر أن نكون في كربلاء ممتاز وإلا نزوره عن بعد من اي مكان، ساحة، سطح، جبل، تلة، سنجتمع هناك حيث سبيت عائلته وأحبائه وحيث جيئ برأسه وبرؤوس الشهداء لنقول له يا ابا عبد الله الحسين عليه السلام من تلك الساحة قبل سنوات نحن أطلقنا شعار لن تسبى زينب مرتين هناك للذي يتذكر.
نجتمع يوم الخميس لنقول له السلام عليك يا سيدي يا أبا عبد الله ونزوره يوم عرفة ونقول له يا سيدنا لقد وفينا بما عاهدناك عليه فلم نكن من أؤلئك الذين قالوا لك وعاهدوك وخانوك وخذلوك وتركوك.
في يوم الخميس سنأتي جميعاً، الذي يستطيع من بقية المحافظات كتير ممتاز لكن نحن عادة لا نحب أن نزاحم الناس كثيراً، لكن أهل البقاع الذين هم أخص الناس بهذه الذكرى الذين هم الأصحاب الأوائل لهذا الإنتصار ولهذا الإنجاز مدعوون يوم الخميس إن شاء الله رجالاً ونساءً صغاراً وكباراً من كل المدن والبلدات والقرى والمزارع للزحف الجماهيري والشعبي الى مدينة بعلبك ليجددوا هناك بيعتهم ليشكروا الله سبحانه وتعالى على هذا النصر وليجددوا بيعتهم لله عز وجل ولأولياء الله ولرسل الله ولأنبياء الله وفي يوم عرفة لسيد الشهداء أبي عبد الله الحسين عليه السلام وليؤكدوا له وهم أهل الشهامة والوفاء بالبيعة والتضحية بلا حدود والصبر الجميل والثبات في المواقع الذين لم يبدلوا ولن يبدلوا ولم يغيروا مهما تواطئ عليهم وتأمر عليهم من تأمر، سيثبتون يوم الخميس انهم إن شاء الله جديرون بهذا النصر العظيم الذي صنعوه بإرادتهم، بفلذات أكبادهم، بأبنائهم، بأعزائهم.
ولتكون رسالة يوم الخميس تجديد بيعة ايضاُ مع سماحة الإمام المغيب القائد موسى الصدر وقسمه في مدينة بعلبك وتجديد البيعة ايضاُ مع سيد شهداء المقاومة الإسلامية السيد عباس الموسوي رضوان الله عليه ومع كل عزيز لنا ومقدس عندنا اننا أهل هذه الارض سنبقى فيها شامخين مرفوعي الرؤوس كراماً لن نتركها لن نغادر لن نسافر لن نهاجر نموت هنا كما كنت أقول لكم في كل المعارك نعيش هنا بكرامتنا برؤوسنا المرفوعة، واذا هدد بلدنا ووطننا غازٍ أو محتل أو تكفيري نقاتله هنا لا ننتظر أحد في الدنيا ليقاتل عنا نقاتله هنا وننتصر عليه هنا ونستشهد هنا وندفن هنا.
نحن لا نحمل إلا جواز سفر واحد هو جواز سفر لبناني نحن ليس لدينا جنسيتين لدينا جنسية واحدة لدينا تاريخ واحد وأرض واحدة ومستقبل واحد، نحن أبناء هذه الارض كما كل الشعب اللبناني إن شاء الله يوم الخميس سنعبر عن هذا الموقف بالحضور الكبير والعزيز والعظيم الذي سيعبر عنه أهلنا وهم دائما أصحاب الحضور الكبير والعظيم والعزيز.
والى اللقاء إن شاء الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته وكل نصر وأنتم بخير.
المصدر: العلاقات الاعلامية - حزب الله
أقرأ ايضاً
- المشهداني يوجه برفع القوانين المعطلة لرئاسة مجلس النواب
- سكان 80 قرية في ذي قار يهربون من الجفاف إلى المدن بحثا عن فرصة حياة
- مستشار خامنئي: حزب الله يصنع صواريخه بنفسه