شعر:حسن كاظم الفتال
قل للذين استعاضوا النور بالظُلَم ** وآثروا الجُحرَ في عيشٍ على الشممِ
الحرص أزهق فيهم آدميتهم** عنها تخلوا وساقوها إلى العدم
وعانقوا الذل بل حتى النخاع غدوا ** حقا أذلاء لا أحياء كالرممِ
داسوا الكرامة ما صانوا جلالتها ** رضاً لباغٍ وظلّام ومنتقمِ
وأسرفوا حينما أسدوا له ملقا ** وأفرطوا بل أباحوا الموت للقيمِ
إن التزلف للحكام مشأمة ** فكم حصدتم بذي الزلفى من الشؤُمِ
وحسبنا أننا نبدي تزلفنا ** لله فهو علينا يسدي بالكرمِ
ما الفخر أن ترتقوا في ذلكم قمما ** فكم وكم تعلو غربان على القمم
ليس الوقوف على سفح بضائرنا ** ولا تسلقكم سَبْقٌ لمغتنمِ
فقد أبى العز إلا أن يوسمنا ** ومالكم غيرُ عار الذل من وصم
مرارة العيش في عز تروق لنا ** بنا الكفاف غدا من أفضل النعم
سور القناعة وحي صان أنفسنا ** وغر أنفسكم لمح من النهم
لما لعقتم أكفا دون منفعة ** له أضفتم بعزم لحسة القدم
كما القرود سجدتم سجد منتفع ** صلاة ذئب رجاء خديعة الغنم
عن الكبائر إن أمر يجردكم** ما جردتكم أمانيكم من اللممِ
إنا وأنتم تفاوتنا بمرتبة ** كما التفاوت بين القاع والعلم
صدق المواعيد برهان لمبدئنا ** وكم وعدتم ولا لم توفوا بالذمم
لو سلطتكم مزاجات الولاة على ** بعض الرعية لا تغتروا بالحكمِ
لا تحسبوا النصر إحرازا لمرتبة ** فالكفر إنْ دامَ إنَّ الظلم لم يدم
تعسا لدنيا إذا أبدت مفاتنها ** للمتقين فغضوا الطرف في عِظَمِ
راحت تغازل جهالا لتجذبهم ** فيفتنون بما تأتيه من وهم
تبا لها خصمَها صرنا وإن وهبت ** عيشا رغيدا لنا نجلوه بالبرم
تأصل الفخر فينا بل وتوأمنا ** فنحن والفخر صنوان من القِدم
إنّا لمن رَحِم الآلاءِ مولدنا ** لكن مولدكم من أيما رحم ؟
لا تعزب النفس عن كسب لمنقبة ** إلا إذا ساقها هونٌ لمنعدم
حسن كاظم الفتال ـ كربلاء المقدسة