حجم النص
د.طلال فائق الكمالي بات لزاماً على كل رب أسرة أن يتعلم الف باء العلاقة بينه وبين أفراد اسرته كافة فهو الملاذ والراعي لهم، ومسؤول عنهم شرعاً وعرفاً ووجداناً وقانوناً، اذ يتوجب عليه أن يدرك خصائص أفراد اسرته وحاجاتهم ومقدار متطلباتهم فضلاً عن مشكلاتهم وسبل حلها ولو على نحو الإجمال، هذا إن لم نقل بضرورة معرفة خصائص كل فرد ومتطلباته تفصيلاً؛ لكون المعيار العلمي يلزم أن يكون رب الأسرة متعلماً لسيكولوجية الطفل والمراهق والمرأة وغيرها ليستطيع تأمين الطرق المثلى للعلاقة بينه وبين أفراد عائلته التي ستولد بطبيعة الحال سلوكاً منسجماً سوياً. من هنا بات من الواجب على الأرباب جميعهم أن يطرقوا باب المعرفة السيكولوجية لكل جنس ولكل الفئات العمرية للعناية بها فضلاًَ عن العناية بالجانب البيولوجي والعقلي والاجتماعي والقيمي بغية التمكن من خلق شخصية سوية تنتج منها الطاقة الكامنة التي تتكفل بتعزيز الثقة بنفسها وتتفاعل إيجابياً مع أفراد مجتمعها مشكلةً مناخاً ذاتياً منضبطاً تكسوه ظاهرة التفاهم والاندماج. قد يكون ما عرضته من مقدمةٍ لحديثي طويلةً نسبياً، بيد أن الأمر يستوجب مني أنْ أوضح أنَّ سر نجاح الأسر والمجتمعات والأمم مرهونة بأربابها، فالشرع والعقل والتجارب الإنسانية ألزمت أن يتحلى رب العائلة بالمعارف المذكورة آنفاً، إذ نجد من باب الأولى أن يتحلى أرباب مؤسساتنا الحكومية وغير الحكومية من قمة الهرم التشريعي والتنفيذي إلى أصغر مسؤولية بالمعرفة نفسها كحد أدنى إن لم نقل أن يكون عالماً عاملاً وليس متعلماً فحسب، فالأمر غير سواء هنا فالخطأ من لدن رب المؤسسة الحكومية لا يتوقف عند حد بعينه كما هو رب الأسرة؛ بل يمتد إلى أطراف المجتمع جميعهم، مما يتوجب أخذ الحيطة والحذر في انتخاب هؤلاء الأرباب وتوطينهم في أماكن عملهم وتمكينهم من مفردات المؤسسة من جهة ومن أفرادها من جهة أخرى فضلاً عن مصاديقها. والحق أن (التكنوقراط) النغمة الأخيرة التي عزف عليها (ما يسمى بالإصلاحين) أخيراً كلمة حق يراد بها باطل، فعلى الرغم من صحة الدعوة في ضرورة تسمية أصحاب الاختصاص لمواقع تخصصية يمكن إدراك رب المؤسسة فيها لاحتياج مؤسسته ومتطلباتها وسبل النهوض بها ــ بلحاظ تخصصه ــ بغية تأمين النجاح لها ولأفرادها من معيته، فهي لم تحقق مرادها البتة؛ بل آلت إلى الفشل؛ لأننا تناسينا عدم أهلية بعض الأرباب الذين تبنوا أصل المشروع. إنها الحقيقة وعورتها حين يوكل أمر انتخاب التكنوقراط إلى شخوص بعضهم فاقدي الأهلية أصلاً، حينئذ نعود إلى المربع الأول ونقول إنْ كان الرب جاهلاً بنفسه فهو جاهل بغيره قطعاً، فلا يمكن أن نرتقي بمؤسساتنا يقيناً وعلى رأسها ساسة مراهقون لا يفقهون من أمر السياسة والإدارة شيئاً، فكيف يسيسون غيرهم؟
أقرأ ايضاً
- ثورة الحسين (ع) في كربلاء.. ابعادها الدينية والسياسية والانسانية والاعلامية والقيادة والتضحية والفداء والخلود
- التداعيات السياسية بعد قرار المحكمة الاتحادية
- العملية السياسية تستعيد عافيتها !!