- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
تركيا والعراق .. و"المرحلة الجديدة"
حجم النص
سالم مشكور رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم في بغداد لبدء صفحة جديدة في العلاقات كما قال. قبله تحادث الرئيس التركي أردوغان مع رئيس الوزراء حيدر العبادي بمضمون لا يخرج عن نوايا تغيير السياسة تجاه العراق كجزء من إعادة نظر في السياسة الخارجية التركية ككل. وبدون ذلك سيكون الإصرار على سياسة “تصفير العلاقات” التي حلت محل نظرية “تصفير الخلافات” للمطرود أحمد داوود أوغلو، حماقة كبيرة تؤدي بتركيا الى الهاوية. قبيل مجيئه الى بغداد، قال يلدريم: “لن نكون في أمان ما لم تكن هناك سلطات قوية في العراق وسوريا” و”كما أننا أطلقنا مرحلة جديدة لتوطيد العلاقات مع العراق”. لكن هذا الكلام يكتسب صدقيته متى ما تحول الى خطوات عملية. وحتى يتحقق ذلك فان أسئلة عدة يحدد أجوبتها مدى إمكانية تحول النوايا السابقة الى أفعال. عندما يعترف رئيس الحكومة التركي بأن لا أمان لتركيا إلا بوجود حكومة قوية في بغداد، فهذا يستوجب التساؤل عن كيفية مساعدة الحكومة العراقية لكي تكون قوية؟، وكيف ساهمت تركيا في إبقاء الحكومات العراقية بعد ٢٠٠٣ ضعيفة؟ هل كانت سياسة تركيا حيال إقليم كردستان العراق، مشجعة له على التصرف بالنفط دون علم ورضا المركز؟ ما طبيعة الاتفاقات النفطية المبرمة مع أربيل؟، وهل ان استمرار السلوك الاستقلالي للإقليم حاليا يضعف الحكومة أم لا؟ وبالتالي: أليس التعاطي التركي الحالي مع الاقليم يساهم في اضعاف المركز؟ هذه النقطة يجب أن تكون ركيزة أية مرحلة جديدة لعلاقات تركيا مع العراق. من جانب آخر فان السياسة التركية حيال العراق انزلقت الى منحدر طائفي، كما هو حالها في المنطقة ككل. كل العراقيين كانوا ينظرون بإعجاب الى تجربة حزب العدالة والتنمية التركي، وكانوا يتطلعون الى تطوير علاقات جيرة متينة تقوم على التعاون والتكامل، لكن الانزلاق الطائفي التركي أحبط تلك الآمال وحوّل تركيا الى متدخل مخرب في الشأن الداخلي العراقي. أيضاً، لا بد من حسم موضوع القوات التركية وسرعة إخراجها من الأراضي العراقية. كل هذا يجب أن تشمله المراجعة التركية لسياستها تجاه العراق التي أنتجت علاقات متوترة طوال السنوات الماضية.في المقابل، لا يمكن القول ان الجانب التركي يتحمل كامل المسؤولية. ربما يكمن التقصير العراقي في عدم معالجة الأسباب التي أدت الى موقف تركي سلبي حيال العراق. ضعف التواصل مع تركيا خلال سنوات، كان كفيلا بتباعد وجهات النظر، زاد منه وجود سفارة عراقية كان الكثير من أفرادها يعمل ضد العراق لسنوات طويلة، ويوصل معلومات مغلوطة الى السلطات التركية. وعدم إيلاء العلاقات مع تركيا اهتماما بحجم أهميتها للعراق، وعدم التواصل لمتابعة ملفات الخلاف بين الجانبين وعلى رأسها ملفات المياه والإرهاب والطاقة. تركيا تعيش دائما هاجس الطاقة النفطية والغازية التي تحتاجها في عملية التنمية الصناعية. حاولت أنقرة الحصول على اتفاق مع العراق للحصول على الطاقة منه، ولإعادة تصدير نفط كركوك عبر أراضيها. جرى توقيع أربعين مذكرة تفاهم تجارية ونفطية وأمنية، لكن أيّاً منها لم يجد طريقه الى الاتفاق والتنفيذ. هكذا وجدت أنقرة في إقليم كردستان رغبة لفتح الأبواب على مصراعيها أمام الاستثمار التركي بهدف الاستقواء بتركيا أمام حكومة المركز، فيما كان بعض الوزراء الكرد في الحكومة الفيدرالية يعملون على دفع العلاقات التركية – العراقية الى مزيد من التدهور. العراق يحتاج الى خطوات عملية تركية لبدء مرحلة جديدة من العلاقات بين البلدين، وعليه أن يبادر بخطوات مقابلة لمعالجة الأخطاء و”التقصير” السابقة تساعد تركيا على تغيير سياستها تجاه العراق.
أقرأ ايضاً
- الرزق الحلال... آثاره بركاته خيراته
- نتائج التسريبات.. في الفضائيات قبل التحقيقات!
- القرآن وأوعية القلوب.. الشباب أنموذجاً