- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
الشعائر الحسينية بين الولائية والتسييس الجزء الرابع
حجم النص
بقلم:حسن كاظم الفتال تمايزية القضية الحسينية وتشعباتها ......... لقد تميزت وتفردت النهضة الحسينية العظيمة بكل أبعادها ومكوناتها وحيثياتها ومآثرها. ونجم هذا التفرد أو التميز بسبب أنها أفرزت إفرازات كثيرة وأنتجت نتائج أكثر وتفرعت في تمايزها إنما توحدت في تكوين مفهوم واحد وهو مفهوم الإصلاح ونشره والدفاع عنه وإنحياز هذه النهضة المباركة إلى جانب الدفاع عن حقوق الإنسانية جمعاء دون استثناء. والشعائر الحسينية هي نتاج شرعي وامتداد طبيعي حقيقي واقعي حي للنهضة الحسينية العظيمة ولمفاهيمها المباركة. ومثلما تجلت في القضية الحسينية العظيمة مفاهيم إنسانية جمة ومبادئ وقيم أظهرها الإمام الحسين صلوات الله في أثناء توجهه إلى كربلاء المقدسة وفي خطاباته وحواراته مع الآخرين وإرشاداته وتوجيهاته وفي مناجاته وأدعيته المباركة لذا فقد حملت الشعائر الحسينية أوجها متعددة وصيغا كثيرة وتشعبت المسارات وأساليب ووسائل التعبير. ومن أبرز هذه الصيغ الرغبة الملحة للبعض في تبيان مظلومية الإمام الحسين صلوات الله عليه وبيان تقديمه لأعظم قربان تأريخي بتضحيته بإخوانه وأبنائه وكل أهل بيته صلوات الله عليهم من أجل تلك المفاهيم. هذا الواقع أنتج ردة فعل من بعض المتصيدين في الماء العكر وراحت بين فترة وأخرى تنطلق دعوات من معارضين لهذه الشعائر للحد من إقامتها أو انتشارها إن لم يكن إلغاؤها بحجة أن التركيز على هذا الجانب لا ينتج إلا البكاء وما البكاء إلا علامة من علامات الجزع والضعف ويعد منافيا للقاعدة الجهادية والثورية في القضية الحسينية أو تغييبا لها. وغير ذلك من حجج وتبريرات وأعذار واهية. بينما يصر قسم من المعنيين بالشأن الحسيني التربوي على أن يطبق اقتران أو امتزاج مفهومي (العِبْرة والعَبرة) معا فيولي منطق (العِبرة) حصة وافرة من الإهتمام لكنه في الوقت نفسه يحاول الوقوف في محطات (العَبرة) الإمام الحسين صلوات الله عليه هو سبط رسول الله صلى الله عليه وآله وابن سيد الوصيين وابن سيدة نساء العالمين صلوات الله عليهم أجمعين فلابد أن تكون عملية بيان مظلوميته جزءاً من المحرك الإنساني ووسيلة من وسائل محاكاة الضمير والعقل الباطن وغالبا ما يكون الإنسان ميالا إلى الجانب العاطفي لأنه يفجر فيه الثورة أحيانا مما حدا لأن يهتم البعض بعملية عرض حالة المأساة والعاطفة ليجتذب فئات كثيرة وكبيرة من طبقات المجتمع التي تميل إلى التعامل العاطفي فيتخلل العرضَ العاطفي عرضٌ للمبادئ والمفاهيم التي قدمت من أجلها التضحيات وأضافت صورة مأساوية على القضية وبذلك العرض العاطفي تجتذب طبقة كبيرة وهذا ما حدث وأدى غرضه. ليمتزج العرض العاطفي مع العرض الفكري وحصل الجذب للكثير من الطبقات حتى فئة الشباب التي كان البعض يراهن على عدم قبولهم لهذا الأمر أو أنهم غير آبهين بهذا الجانب في حين أن هذا الجانب نمّى لدى الشباب الروحية مع الوعي والثقافة. وقد أثبت الواقع إنه رغم أن الشعائر الحسينية وعلى مر العصور لا تقتصر إقامتها وإحياؤها على فئة عمرية دون أخرى أو طبقة دون أخرى إنما ما يلاحظ أن الحظ الأوفر والحصة الأكبر من مشاركتها يقع على فئة الشباب رغم كل ما انتجته هذه المشاركة من تداعيات لعل ذلك يوشي بأن هذه الشعائر بوصلة الإتجاه للسير الصحيح والدقيق للشباب وهي التي رسمت للأجيال بشكل عام خريطة طريق واضحة كل الوضوح. مما حدا بالشباب أن يولوا عناية تامة أو اهتماما بالغا لتلك الشعائر بإقامتها وصارت الأجيال الواعية تحسبها مواصلة لإبراز الهوية الدينية العقائدية المذهبية والاعتزاز بهذه الهوية كما ذكرنا وراحت تتعامل معها تعاملا فكريا ثقافيا عصريا ثوريا. تسييس الشعائر وشعائرية التسييس ............................................... هذه التجاذبات والمماحكات والصراعات التمردات ومسألة الفعل وردة الفعل وقاعدة عداء الحكام والسلطات ومشاركة الشباب في إقامة وإحياء الشعائر وإندفاعهم وحماسهم لذلك وما أنتجت الشعائر من معطيات أو نتائج إيجابية وإنهيار كل الحواجز والموانع التي صنعها الحكام والمحاولات أمام مسيرتها وإخماد نار الحرب الشعواء التي شنها الخصوم والقضاء عليها كل ذلك أنتج ظاهرة واسعة وهي ظاهرة تسييس الشعائر. إلى اللقاء في الجزء الخامس