- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
بمناسبة ثورة 14 تموز ( ملخص ذكريات ثورية )
حجم النص
بقلم: حسن كاظم الفتال أتذكر إحدى الصور كما يتذكر البعض شبحا أو ظلا شفافا. مجموعة تهرول وتصرخ: نور السعيد القندرة وصالح جبر قيطانه. وكان ذلك قرب مقهى سيد مجيد تقريبا. ومجموعة في شارع العباس عليه السلام. لنترك هذه الصورة وما يتبعها.... أذكر جيدا يوم خرجت من دارنا من (عگد اللاري) بشارع العباس عليه السلام وإذا بمجاميع تهرول متجهة صوب (السراي) كان يسمى الصراي. وهو أشبه بالمجمع الحكومي آنذاك. أنشأت محله اليوم بناية المحكمة قرب المحافظة تسللت بخلسة وسط هذه المجاميع لاردد معهم (هذا اليوم الچنه إنريده ** نور السعيد إنگص إيده) وگصينه إيد نور السعيد.. وبالنسبة لي لا أدري بعدها ماذا حدث.. لكن في الشارع نفسه ركضت مع بعض الناس الذين كانوا يهتفون: (عاش الزعيم الزود العانه فلس) و(كل أرواحنه فدوه لإبن قاسم) ومن الشارع نفسه أي شارع العباس ركضت أنا ومجوعة من الصبيان نتابع سيارة الزعيم الركن عبد الكريم قاسم التي أتجهت من ذلك المكان بعد أن نحرت البعران في أمام سيارته تابعنا السيارة إلى منطقة تسمى اليوم (المعملچي) وكان لي حصة من قناني الحليب المطعم التي وزعت على الناس المتجمهرين عند باب معمل الألبان بعد أن افتتحه الزعيم. وفارقت الزعيم بعد أن شاهدته جيدا. وشاءت الأقدار أن أقيم في بغداد لفترة معينة فأشاهد سيارة الزعيم وهي تمر من شارع الرشيد أو حتى في شارع الكفاح وأنا أقف أمام سوق (أبو سيفين). وهو يُستقبل ويُودع بعواصف من التصفيق حيث ما مر ملوحا بيده للناس بالتحية والسلام. وأعود عند المساء فأجد الكثير من الناس يفق على الرصيف الرقاب مشرئبة نحو السماء ترنو لصورة الزعيم المرسومة في القمر. والتي ظلت في مخيلتي حتى بلغت من العمر... وكنت أقف على الرصيف حين يمر كردوس المقاومة الشعبية وهم يحملون ما تسمى: (الرشاشة) أو (الغدارة) وهي نوع من البنادق وهم يرددون: (سنمضي سنمضي إلى ما نريد و(وطن حر وشعب ) وكذلك : (آنه مقاوم شعبي ** آنه محرر شعبي ** واحد أرمي ** إثنين أرمي ** ثلاثه عالموت تحضر) واستمع يوميا تقريبا لأقوال الزعيم من خلال إثير إذاعة الجمهورية العراقية. وأشاهد المظاهرات والمسيرات وأسمع الأناشيد: (عين كريِّم للأمام ** ديمقراطية وسلام) و(عاش الزعيم عبد الكريم) و(كل أرواحنه فدوه لإبن قاسم). كما شاهدت أشهر مسيرة في عيد العمال عام 1959 التي كان يتقدمها كل من فاظل عباس المهداوي , ووصفي طاهر وماجد محمد أمين وغيرهما ممن لم تحضرني أسماؤهم. وأذكر جيدا في سنة غير تلك السنة مسيرة طويلة أخرى وإنشودة مجموعة الجباة في مصلحة نقل الركاب في تلك المسيرة: (دلاس يا دلاس ** يابو الدسايس ** بيش إتخوفنه ؟؟ بالبعثي الخايس ؟؟) ودلاس كان وزير خارجية بريطانيا على ما أعتقد.مما يلمح إلى وجود مؤامرات كانت تحاك ضد الزعيم الأوحد. وأذكر جيد كيف تعرض الزعيم لمحاولة الإغتيال.. ثم أنشدت له مائدة نزهت: الحمد لله على السلامة ** قائدنا ترفع علامة.. أقوى من رصاص العدوان والباقي عليكم...وإنشودة: (عبد الكريم إنت الزعيم ** إنت الزعيم ** عاشت بك الأمجاد) ثم أعود لكربلاء المقدسة لأخرج يوما راكبا مصلحة نقل الركاب القادمة من منطقة حي الحسين عليه السلام لتقف المصلحة أمام السراي الذي هو اليوم مقر بناية المحكمة. وإذا بمجاميع أخرى تقدم من جهة شارع العباس عليه السلام نحو تمثال الزعيم الذي كان قد انتصب أمام السراي. فدخل أحدهم إلى السراي وأخرج (طبرا) من لوحة الحريق. وتسلق إلى تمثال الزعيم وهم بقطع يده التي كان يؤدي بها التحية لأبي الفضل العباس عليه السلام. ثم قطع إحدى أذنيه. ـ للتمثال طبعا. وما هي إلا أيام قلائل.. حتى راحت تمر كراديس (الحرس القومي) وهي تردد: (واو واو وحده ** وحده اشتراكية ** بيها حرس قومي ** ضد الشيوعية **) سبحان الله ومرت الأشهر القلائل. وإذا بالنبادق والبدلات التي كان يستخدمها الحرس القومي ترمى ها هنا وهناك في دهاليز الأزقة ليتخلص منها صاحبها. وينجو بنفسه من بطش عبد السلام عارف الذي غدر بعبد الكريم قاسم وأتم غدره بمن أعانه على الغدر. بما سمي (بأيلول الأسود) واستمرت الأحداث.. ولكن سأواصل في فصل آخر